يشهد مهرجان القاهرة الدولي لسينما وفنون الطفل في دورته الثانية والعشرين التي ستقام في الفترة من 20 مارس حتي السابع والعشرين منه.. برنامجا خاصا بالمخرج الفلسطيني «رشيد مشهراوي» يحمل عنوان «الطفل العربي في سينما رشيد مشهراوي».. الذي يتميز بقدرته الإبداعية علي تصوير «الهم» الفلسطيني والعربي.. استطاع من خلال السينما التي يقدمها أن يخدم قضايا بلاده ويقدمها للعالم، كاشفا الوجه شديد القبح للمستعمر الصهيوني.. رافعا بذلك شعار المقاومة والحق في الحياة.. وفي «آخر رسائل اليرموك» شهادات حية علي مأساة مخيم اليرموك والحصار الذي تعرض له والقصف المتوالي عليه.. والحالة السيئة التي يعانيها سكان المخيم وخاصة الأطفال منهم «مخيم اليرموك ورسائله»، رسالة للعالم لكي يستيقظ ضميره من «الغفلة» التي يعانيها.. ولميزان العدالة العالمي «المختل». رشيد مشهراوي نموذج للفنان الواعي المثقف.. السينما بالنسبة له ليست مجرد لغة بل هي سلاح يوجهه ويشهره في وجه كل غاشم ظالم مستبد. وفي حضور مشهراوي لمهرجان القاهرة الدولي لسينما وفنون الطفل كانت فرصة جيدة لإلقاء الضوء علي بعض من أعماله التي يهتم فيها بالأطفال في العالم العربي وما يثار من قضايا حولهم، خاصة في بلدان مثل العراق. وفلسطين ومصر والمغرب، حال أوطانهم الصعبة لاتختلف كثيرا عن أحوالهم.. التدمير الذي حل بالعراقوفلسطين دفع الأطفال للخروج في سن مبكرة للعمل، النسبة مخيفة ومرعبة وتصل إلي 30% من إجمالي عدد السكان. في فيلم «حوراء بغداد» .. وحوراء هي فتاة في الثالثة عشرة من عمرها فقدت والديها تحت القصف.. وتعيش مع عمها وزوجته، وهي في هذه السن الصغيرة تم تزويجها لابن عمها وبات عليها أن ترعي إخوتها الخمسة.. وتقوم بمهام المنزل.. ثم تخرج للشارع بحثا عن الرزق. قلب «رشيد» كان موجوعا لأن تصوير الفيلم تم في الغارات التي شنها الاحتلال الإسرائيلي علي غزة.. ويبدو أن مصير أطفال هذا الجيل من أبناء العرب يسير من سيئ إلي أسوأ. وقد أطلق رشيد مشهراوي علي مجموعة أفلامه «الأجنحة الصغيرة» وهي فعلا أجنحة صغيرة وإن بدت مكسورة إلا أنها تظلل علي عائلاتها. من بين هذه الأفلام عمالة الأطفال في مصر.. وحالهم لا يختلف كثيرا عن أطفال المغرب.. الفقر هنا ربما يكون أكثر قسوة من الاحتلال. فقر يحرم الصغار من طفولتهم، يحرمهم من التعليم لمشاركة أسرهم في الصمود أمام قسوة الحياة وبحثا عن لقمة العيش.. حتي أن «الواد بلية» الصغير هو نموذج متكرر في مصر والمغرب والعراقوفلسطين.. المعاناة واحدة.. والأسباب مختلفة.. والنتيجة انتزاع الطفولة وحرمان الصغار من كل متعة.. حتي لو كانت لعبة كرة القدم بعلبة صفيح أو كرة شراب. وفي تحية خاصة للزعيم الراحل ياسر عرفات الذي مات مسموما.. مغتالا يقدم فيلم «إلي ياسر عرفات.. تحية طيبة وبعد» في هذا الفيلم التسجيلي رسائل من أطفال صغار يعربون عن تقديرهم كل بأسلوبه وبطريقته الخاصة، في إعرابه عن حبه وتقديره للرئيس ياسر عرفات.. وبالإضافة لهذه الأفلام وبالتزامن مع عرضها سوف يقدم أطفال فلسطين دبكة فلسطينية وأغاني من التراث، وذلك بالتعاون مع القسم الثقافي بالسفارة. إن هذه الدورة التي تعود بعد عامين من التوقف وبشكل جديد تماما.. هي ثمرة جهد وأفكار الأم الروحية لهذا المهرجان السيدة «سهير عبد القادر» التي تستحق التحية والتقدير في ظل الظروف التي تعمل بها، فوزارة الثقافة كما نقول في الأمثال الشعبية «إيديها في المية الباردة».. فحتي الآن الموافق الخامس عشر من فبراير يعمل الجميع يدافع من الحب والتقدير لها دون أن تكون هناك مسميات حقيقية للعاملين.. بالإضافة إلي عراقيل كثيرة توضع في طريقها بطرق مباشرة وغير مباشرة.. وكأن الوزارة تكيل بمكيالين لكل عمل ثقافي جاد بمقاييس لا معيار لها سوي الأهواء الشخصية. فنظرة يا وزير الثقافة بإيجابية إلي هذا المهرجان الوحيد في منطقة الشرق الأوسط، ولا تقتلوا من يعمل بجد في سبيل بلده.