محسن محيي الدين فنان ذو مواصفات خاصة جدا وأجمل صفاته أنه يتحرك منذ ظهوره في السبعينيات بدقة وخطوات محسوبة لاختيار الأدوار المتميزة تاركا بوصلته تغوص في عالم الإبداع والتفوق ما بين السينما والمسرح والتليفزيون.. وقد استطاع أن يثبت عبر الأعمال التي قدمها أن لديه طاقات فنية متعددة عرف من خلالها طريقه للنجومية وبالتحديد منذ أن اكتشف موهبته المخرج العالمي الراحل يوسف شاهين الذي قدمه في روائع أفلامه إسكندرية ليه والوداع يا بونابرت. مع بداية التسعينيات ابتعد لفترة بسبب أزمة الخليج ولكنه صحح المسار بالعمل مخرجا لأفلام الكارتون ومقدما للبرامج الدينية خاصة بعدما تعرض فيلمه «انتفاضة» لأزمة مع الرقابة بسبب فكر النظام السابق.. وهاهو يعود بنقطة تحول كبيرة في مسيرته الفنية من خلال مسلسل أوراق التوت.. حول الكثير مما تعرض له من مشاكل ورغبته في التحدي بعودة قوية وأشياء أخري دار الحوار مع الفنان محسن محيي الدين. ما حكاية اعتزالك للفن ثم توجهك للعمل بالبرامج الدينية وكارتون الأطفال؟ - لم أعتزل الساحة الفنية وما حدث نوع من تصحيح المسار حيث عملت بعد توقفي عن تقديم الأعمال الدرامية مقدما لبرامج دينية منها محمد عظيم الدنيا والآخرة.. أحباب الله إيمانيات أنوار الصالحين.. وقمت بإخراج برنامج شباب الإسلام.. وقدمت برامج كارتون للأطفال من تأليفي وتنفيذي وإخراجي ومنها تعاليم السنة ولكن بشكل فني حديث تعاظم ولع الجمهور بها خصوصا في الدول الأوربية والخليجية. ولكن يقال إن رفض فيلمك «انتفاضة» وقتها كان السبب الحقيقي لتوقفك عن السينما؟ - بالفعل كنت أقدم سيناريوهات لأفلام سينمائية وللأسف كان يتم رفضها لجرأة موضوعاتها ورقابة ما قبل ثورة يناير 2011 وكانوا يعتبرونها مخالفة لفكر النظام ووقتها تقدمت بفيلم «انتفاضة» وكان يدور حول الشباب الذي يسافر لإسرائيل ويتزوج وينجب أبناء.. وبالطبع حسب قانونهم يعتبرون يهودا.. وقصدت في مضمون الفيلم أنه لا يصح أن يهرب أولادنا لهناك ولا نتخذ ضدهم الإجراءات اللازمة.. وفوجئت بهجوم شديد وتم رفض الفيلم والغريب أن الصحافة كانت تنتقدني وسيناريو الفيلم موجود بالرقابة ولم يظهر للنور.. وهذا كان للعلم بفعل فاعل.. وبعد أن فهمت ما يحاك ضدي من مؤامرات جاء توقف السينما بسبب حرب الخليج لمدة عشر سنوات بمثابة طوق الإنقاذ لي رغم تعرضي لظلم كبير مع جيلي الذي أنتمي إليه. ويتردد تقديمك لأدوار ممتعة قبل تركك للساحة مباشرة؟ - قدمت تجربة ممتعة جدا في أفلام يشار إليها بالبنان منها فيلم شباب علي كف عفريت من تأليفي وإنتاجي وإخراجي وتحدثت فيه عن مشاكل الشباب وغياب نموذج ابن البلد الحقيقي بكل أشكاله ومتناقضاته بسبب صراع المادة، وقدمت أيضا نماذج لقضايا متنوعة موجودة في نسيج المجتمع وذلك في أفلام اللعب مع الشياطين وإلا أمي والمذنبون الأبرياء.. وقدمت أيضا مسرحية مسألة مبدأ علي مسرح الدولة.. وبصراحة أنا أعشق هذه النوعية من الأدوار لأنها تمس الوجدان وتصل بسرعة لقلوب المشاهدين. ولكنك قدمت أعمالا يغلب عليها الطابع الكوميدي هل تنوي تقديم مثلها مستقبلا؟ - كل أعمالي الفنية دراما اجتماعية هادفة تغوص في مشاكل الحياة والأسرة وتطرح حلولا لها ولكن بالفعل يحدث في أعمال كثيرة منها ما يسمي بكوميديا الموقف داخل نسيج العمل فمن هنا يأتي الضحك والابتسامة مثلما حدث في مسلسل فيه حاجة غلط وعلي بيه مظهر والأخير قدمته مسرحية بنفس الاسم ونفس النوعية قدمتها أيضا في مسرحية سك علي بناتك. ماذا اكتسبت من أفلامك مع الراحل يوسف شاهين؟ - الراحل يوسف شاهين من أهم فناني ومخرجي مصر والوطن العربي ويحق القول إنه أكاديمية فنية عالمية.. وبالفعل تعلمت منه الكثير في جوانب دراسة الشخصية التي أقدمها من بدايتها لنهايتها بكل ما تحمله من أبعاد نفسية والمؤثرات التي تؤثر فيها اجتماعيا وثقافيا وسياسيا مما يؤدي لجعل الأداء مختلفا ومميزا، هذا بخلاف تعلمي الدقة والتركيز من جلوسه لفترة طويلة عند كتابته لأي فيلم حيث كان لا يترك شيئا للصدفة ولهذا وصلت كل أعماله للعالمية.. بعكس ما يحدث هذه الأيام من سلق منتجين ومخرجين لأفلامهم في مدة أسبوعين وكأن هناك سباقا علي من ينجح في إنهاء تصوير فيلمه قبل الآخر. ألم تأت فرصة للمشاركة مع خالد يوسف؟ - كانت علاقتي بالمخرجين يسري نصر الله وأحمد محرز ورضوان الكاشف وعاطف الطيب.. فهؤلاء جميعا كانوا مساعدين ليوسف شاهين.. ولكني لم ألتق بالمخرج خالد يوسف ولم أتعامل معه.. ولكن كل أعماله تؤكد أنه مخرج جيد ومتميز ولو أتيحت لي الفرصة للعمل معه فلن أتردد.. بحيث يكون العمل جيدا والدور يناسبني ويضيف لي جديدا. إحك لنا.. كيف جاءت عودتك للتليفزيون بالتحديد؟ - سبق وقدمت بنوع من حنين للثورة فيلما روائيا قصيرا خلال فترة إخراجي لكارتون الأطفال والبرامج الدينية بعنوان «خيط ضعيف» وكان يدور حول علاقة المحبة والإخاء والإنسانية بين المسلمين والمسيحيين.. والفيلم لاقي نجاحا كبيرا خلال عرضه بالتليفزيون وبعدها فكرت رغم توقف عجلة السينما في تقديم فيلم آخر من تأليفي بعنوان «الخطاب الأخير» ووقتها اتصل بي الفنان والمنتج تامر عبدالمنعم للمشاركة في بطولة مسلسل المرافعة وأعجبتني القصة والثراء الدرامي في الدور حيث كشف الصراع بين رجال الأعمال في مجال البيزنس وفكر كل واحد واتجاهاته فمنهم من استقطبه الحزب الوطني وآخر مع الإخوان.. ومع الأحداث انكشفت المصالح والفساد الذي تسبب في وجود الانقسام والشروخ في مجتمع الأسرة. ويكمل الفنان محسن محيي الدين ويقول: أما في مسلسل فرق توقيت فقد تعرض لكل التفاصيل الخاصة برب الأسرة الذي يعلم إمكانيات أبنائه وطموحاتهم ولكن يأتي الصراع شديداً وسط المتغيرات ليفكك أحلام بناء الأسرة ويسعي الأب لإيجاد حلول للقضاء علي هذا التفكك.. وللعلم فقد جاء ظهوري في المسلسلين فرصة جيدة ليعرفني الجيل الجديد.. وبعدها أستطيع العودة إلي السينما. السينما المصرية هل تجاوزت أزمتها؟ وهل أوفت سينما ثورة 25 يناير بالغرض؟ لم أشاهد غالبية الأفلام التي خرجت فترة ما بعد ثورة يناير ولكن أعجبني مما شاهدته فيلمي «صرخة نملة وبنتين من مصر» فكلاهما يحمل بداخله معالجة جديدة لأفكار وقضايا جديدة.. وبالنسبة للسينما فهي مازالت تحتاج للكثير.. وأري أنه بعد مؤتمر الإبداع الذي دعت إليه مؤسسة أخبار اليوم العريقة سوف تحدث انفراجة بعد تعاون الجميع في الحقل الفني، وللعلم دائما ما يحدث بعد كل ثورة اختلاف في الأعمال الفنية بدليل تقديم أفلام متميزة بعد ثورة 1952 وجميعها من علامات السينما المصرية ووقتها كان أيضا هناك أفلام لايت وبعد النكسة ظهرت مثل هذه النوعية.. ونحن علي أمل حدوث الانفراجة وغياب تقديم نوعية الأفلام التجارية وتغيير فكر الرقابة حتي نشاهد أفلاما راقية المستوي وتعود السينما لريادتها علي الساحة العربية والأفريقية والعالمية. هل هناك شخصية معينة تتمني تجسيدها؟ - حققت نجاحاتي في كل شخصيات أعمالي وآخرها مسلسلا فرق توقيت والمرافعة.. وهنا أوضح أن الممثل يجب أن يجسد كل الشخصيات ولا يبقي حبيسا في إطار شخصية معينة خاصة أننا بعد مرحلة النضوج الفكري والعقلي واكتساب الخبرات يجب أن نعيش اختيار الأدوار بالبوصلة التي تعرف مسارها لخدمة الوطن وطرح حلول لمشاكل المجتمع. أخيرا ما هو جديدك علي الساحة الفنية؟ - أستعد لتصوير مسلسل جديد بعنوان أوراق التوت وهو عمل فني ضخم تدور أحداثه في إطار تاريخي حول فترة انتشار الإسلام وأشارك في بطولته مع نخبة كبيرة من النجوم منهم كمال أبورية خالد زكي أحمد فؤاد سليم صابرين سميحة أيوب هايدي كرم والسورية صفاء سلطان والسعودي ماجد العبيد، المسلسل تأليف أيمن سلامة وإخراج هاني إسماعيل وأؤكد أن الدور سيكون نقلة فنية جديدة في مشواري الفني.