أن يصبح جائزة، كان السويدي ألفريد نوبل كيميائياً وصانع أسلحة ومخترعاً للديناميت، حتي أن إحدي صحف بلاده تعجلت نبأ موته في عام 1888 وتخيلت نعيه بكلمات جاء فيها «ومات تاجر الموت» إذ إن نوبل المولود في 21 أكتوبر عام 1833 والمتوفي في 10 ديسمبر عام 1896 أدرك قيمة العلم والسلاح حينما يتم توظيفه في خدمة البشرية، فأوصي بالتبرع بكل ثروته التي حصدها نتيجة اختراعاته لابتكارالجائزة التي تحمل اسمه اليوم وتُمنح للمتفوقين في المجالين العلمي والأدبي. غير أن نوبل في السلام علي وجه الخصوص يتم منحها ل«من عمل أكثر أو أفضل من أجل إخاء الشعوب، وإلغاء أو تقليص الأسلحة، وتشكيل ونشر مؤتمرات السلام». الباكستانية «مالالا يوسف» بنت السبعة عشر ربيعاً، والناشط الهندي «كايلاش ساتي يارتي» تقاسما الفوز بنوبل للسلام لكفاحهما ضد قمع الأطفال ومن أجل حق كل الأطفال في التعليم لتصبح الفتاة الباكستانية أصغر من يفوز بالجائزة علي مدار 95 مرة منذ عام 1901وحتي الآن، كما أنها المرة الأولي التي تحصل فيها كل من الهند وباكستان الجارتين اللدودتين علي الجائزة، فأغلب الفائزين بها كانوا من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأعلنت الأكاديمية السويدية الملكية للعلوم فوز الألماني «شتيفان هيل» والأمريكيين «إيريك بيتزيج» و«ويليام مويرنر» بجائزة نوبل للكيمياء لعام 2014 لابتكارهما أسلوبا للفحص المجهري الفلورسنتي بالغ الدقة. أما جائزة نوبل للطب فكانت من نصيب ثلاثة علماء اكتشفوا GPS الدماغ حيث قالت الجهة المانحة إن العالم الأمريكي-البريطاني «جون أوكيف» والعالمة النرويجية «ماي بريت موزر» وزوجها «إدفارد موزر» فازوا جميعا بجائزة نوبل للطب لعام 2014 لاكتشافهم نظاما في الدماغ بمثابة جهاز داخلي لتحديد المواقع يشبه جهاز ال (.(GPS ومنحت جائزة نوبل في الفيزياء هذا العام لاثنين من العلماء في اليابان وواحد في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا لإسهامهما في ابتكار مصابيح LED الموفرة للطاقة. «باتريك موديانو» هو الفرنسي الخامس عشر الذي يُتوج بالجائزة الأرفع في عالم الأدب، نظراً ل«براعته في فن الاستذكار والغوص في أعماق الماضي وتقصي مصائر بشرية لا يمكن تتبعها والكشف عن عالم الاحتلال».. هكذا جاء في بيان اللجنة المشرفة علي منح الجائزة.. وحينما اتصل به الناشر «أنطوان جاليمار» ليخبره بأن اختيار الأكاديمية السويدية وقع عليه ليفوز بجائزة نوبل في الآداب لعام 2014 كان الرجل في «غاية السعادة لكنه علق بتواضعه المعتاد» إنه لأمر غريب حقاً وذلك بحسب تصريحات منسوبة ل«جاليمار» في صحيفة لوموند الفرنسية اليومية. الاحتلال، وتحديداً احتلال ألمانيا النازية لفرنسا إبان الحرب العالمية الثانية في الفترة من 1940 إلي 1944 كان المصدر الذي ألهمه كتاباته كافة، وهوالظرف التاريخي الذي تعارف فيه والداه.. أم بلجيكية «فتاة جميلة بقلب جاف» كما يصفها ابنها، «وأب يهودي» يُدعي ألبير موديانو «وأكتب كلمة يهودي متعمداُ متجاهلاُ ما تعنيه الكلمة لأبي، لأنه كانت تذكر في خانة للديانة علي بطاقات الهوية».. أب برع في التخفي والتواري عن أنظار الألمان وممارسة أنشطة مشبوهه أثناء الحرب. أنجب «ألبير موديانو» أبنه الأكبر باتريك عام 1945 ثم ابنه الثاني «رودي» عام 1947 وتوفي هذا الأخير وهو في العاشرة من العمر، وخرج باتريك من تلك المرحلة بذكريات عن الوحدة في طفولته، وشرخ نفسي لم يلتئم حتي الآن بسبب تعلقه الشديد بأخيه المتوفي، وكذلك هربه من مدرسته والتيه في شوارع باريس هائماً علي وجهه في مراهقته، لذا كان طبيعياً أن يهدي روايته الأولي «ميدان النجمة» لروح شقيقه «رودي» وكانت الرواية صادرة عن دار اجاليمار عام 1968 ويعتبرها باتريك التاريخ الفعلي ليوم مولده، وكانت تلك الرواية من الروعة بما يكفي لأن تدفع كاتباً وشاعراً بحجم «ريمون كينو» لأن يتبني موهبة موديانو وأن يشجعه علي اقتحام عالم الأدباء والمثقفين، ليحصل علي جائزة الأكاديمية الفرنسية للآداب عام 1972 عن روايته (حزام بوليفار)، وفي عام 1978 حصل علي جائزة «جونكور» (نسبة إلي الأخوين الأديبين إدموند وجول دو جونكور اللذين عاشا في القرن التاسع عشر)، عن روايته «شارع المحلات المظلمة». بتسليط الضوء علي روايته «الفيللا الحزينة» نجد موديانو يستخدم بيتاً شعرياً للشاعر الويلزي الشهير «ديلان توماس» يقول فيه : من أنت يا صاح؟.. أمتلصص في الظل ؟.. وكأن موديانو يوجه السؤال لنفسه، حيث امتلأت أعماله بشخصيات رمادية غامضة أقرب للأشباح، وبذكريات تتداخل في بعضها البعض، وكان يلعب دائماً دور المراقب الكامن في الظل يسجل بدقة شديدة ويسرد وينقل للقارئ بمهارة أشد، وفي عام 1997كتب روايته «دورا برودير» حيث سرد فيها تحقيقاً مميزاً عن اختفاء فتاة يهودية في باريس أثناء الاحتلال النازي.. ويشير موديانو إلي الصلة بينه وبين شخصياته بقوله: «إن كثيرا من أصدقائي اختفوا عام 1945 ذلك العام الذي ولدت فيه.. لطالما انتابني شعور بأني زرع نبت في روث الاحتلال».. ورغم أنه لم يعش حقبة الاحتلال إلا أنه يشكل له ماضياً مؤلماً، أمضي عمره كله محاولاً سبر أغواره والغوص في أسراره، وربما إصلاحه، ويوضح موديانو ذلك بقوله «حينما أكتب فإنني أحقق حلم العودة للماضي والعيش فيه.. كما لو أني أعبر إليه عبر مرآة لأصلحه». في روايته «دفتر العائلة» الصادرة عام7791 كتب في صفحتها الأولي: «كنت أهبط درجات سلم المستشفي (حيث وُلدت ابنته)، مقلباُ بين يدي كراسة صغيرة، إنه دفتر العائلة: لقد أوجد ذلك لدي شعوراً بالاحترام أكنه لكل الأوراق الرسمية: الشهادات التعليمية، والأوراق الموثقة حكومياً بكافة أشكالها، وشهادات الميلاد، وشهادات النسب.. تنبهت إلي أنني أجهل المكان الذي ولدت فيه، كما أجهل الاسم الكامل لوالدي».. وكان ذلك سبباً كافياً لكي يبدأ روايته «شارع المحلات المظلمة» الصادرة في عام 1978 بعبارة : «أنا لا شيء علي الإطلاق.. ما أنا إلا خيال»... روايات موديانو جعلت منه أحد أبرز رموز الأدب الفرنسي بكل تأكيد، نظراً لما تحويه من مشاهد عن حياته الشخصية، ولحظات التيه في شوارع باريس، وحديثه عن البحر والسماء والليل والصباح الشاحب والسماء المكفهرة الملبدة بالغيوم وأجواء الشفق الكئيبة لرجل بلغ من العمر أرذله ويجلس في شرفة مهجورة ينتظر غامضا قادما قد لا يأتي مطلقاً، إضافة لبحثه الدائم عن مصائر شخصيات مجهولة ليُعرف بها القارئ من رواية لأخري، ورغم كل ذلك فإنه يعترف بأن «السيرة الذاتية في حد ذاتها ليست بالشيء العظيم إن لم تكن مختلطة ببخار من الخيال» فضلا عن ذلك فإن استخدامه للجمل القصيرة، وقدرته علي ملامسة الشعور العام دفع جمهوراً عريضاً لمتابعته، وحتي قبل إعلان فوزه بنوبل فإن روايته الأخيرة التي ظهرت في الثاني من أكتوبر الجاري بعنوان «حتي لا تتوه في الحي» كان من المتوقع لها نجاحاً بحجم موهبة الكاتب. أرقام عن نوبل - عدد جوائز نوبل منذ بدايتها عام 1901 وحتي العام الماضي 2013 بلغ 561 جائزة. - فازت 25 منظمة بجائزة نوبل للسلام منذ عام 1901. - فازت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالجائزة ثلاث مرات، وحصلت عليها المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة مرتين. - اثنان رفضا تسلم الجائزة، رغم فوزهما بها، وهما: الفرنسي جان بول سارتر الذي فاز بجائزة الأدب عام 1964 وقال مبرراً «إن علي الكاتب أن يرفض تحويل نفسه إلي مؤسسة حتي لو كانت بأفضل أشكالها» والفيتنامي لو دوك ثو الذي فاز بالجائزة عام 1973 مناصفة مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر. - اقتصر منح جوائز نوبل في أول مرة تمنح فيها عام 1901 علي مجالات الأدب والطب والفيزياء والكيمياء والسلام والاقتصاد. - أصغر فائز حتي الآن هي الباكستانية «مالالا يوسف» ابنة السبعة عشر عاماً. - أكبر فائز «ليونيد هورفيتش» الذي كان عمره 90 عاما عندما حصل علي جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2007 . - فازت 44 امرأة بجائزة نوبل وكانت «ماري كوري» المرأة الوحيدة التي تحصل علي جائزتين في الفيزياء في عام 1903 والكيمياء في عام 1911. - يطلق علي جائزة نوبل في الاقتصاد، التي لم تكن إحدي الجوائز الأصلية التي ذكرت في وصية ألفريد نوبل رسميا، اسم «سفيريجيس ريكسبانك» في العلوم الاقتصادية في ذكري ألفريد نوبل. وأسسها ومولها البنك المركزي السويدي ومنحت أولا في عام 1969. - وطبقا للوصية، تعلن جائزة نوبل للسلام وتقدم في أوسلو عاصمة النرويج. وكلف نوبل في وصيته البرلمان النرويجي بتعيين لجنة مكونة من خمسة أفراد لاختيار الفائز بجائزة نوبل للسلام. وتقام مراسم توزيع الجوائز في العاشر من ديسمبر في ذكري وفاة نوبل، ويحصل الفائزون أيضا علي ميدالية ووثيقة رسمية، ويتم الإعلان عن جوائز نوبل الأخري وتقديمها في ستوكهولم بالسويد.