لم يحدث منذ أكثر من ثلاثين عاما أن يأتي عيدا الأضحي والغفران متزامنين معا، ليحتفل بهما اليهود والمسلمون في التوقيت ذاته، وهذا ما دعا إلي الرجوع بالزمن إلي وقت نصر أكتوبر عام 1973 في العاشر من رمضان، حيث كان يوم احتفال اليهود بعيد الغفران، ويعيد التاريخ نفسه هذه الأيام حيث تعيش مصر أجواء عيد الأضحي بالتوازي مع عبور جديد في التوسعات التي تحدث الآن في قناة السويس. الدكتور محمد الهواري أستاذ الفكر الديني اليهودي ومقارنة الأديان بكلية الآداب جامعة عين شمس قال إن أعياد السنة العبرية تبدأ بعيد رأس السنة الذي يستمر لمدة يومين وتقام فيه العديد من الصلوات والشعائر خاصة عند حائط المبكي أهمها النفخ في قرن الكبش, ثم بعد ذلك يأتي عيد الغفران في اليوم العاشر من الشهر الأول لينهي احتفالات العام الجديد وهو أقدس يوم لدي اليهود فهو ذكري النزول الثاني لسيدنا موسي من جبل الطور ومعه ألواح الوصايا العشر, فيمتنع اليهود في هذا العيد عن العمل وإشعال النار وتشغيل السيارات والاغتسال والسير بالأحذية الجلدية وتتوقف الإذاعات والتليفزيون عن البث, فهو يوم مكرس فقط للعبادة والتوبة, ويطلق عليه أيضا عيد «الكيبور» وهي كلمة أكادية الأصل تعني التكفير فهم يكفرون عن ذنوبهم التي ارتكبوها في عبادتهم للعجل. يتابع: هذا التقارب في التوقيت بين عيد الغفران اليهودي وعيد الأضحي الإسلامي الذي لم يحدث منذ 30 عاما، أثار نوعاً من القلق في الشوارع الإسرائيلية وفي أوساط الفلسطينيين، فالجميع قلقون للغاية من حدوث أي اشتباكات أو احتكاكات بين المواطنين بالرغم من اختلاف طقوس العيدين تماما فعيد الغفران يكسوه نوع من السكون والهدوء, علي عكس عيد الأضحي الذي يخرج فيه المسلمون إلي الشوارع ويقيموا الذبائح والعزائم واللعب والمرح بين الأطفال, والجدير بالذكر أن اليهود يزعمون أن أمر التضحية الذي جاء لسيدنا إبراهيم بأن يضحي بابنه إسماعيل كان خاطئا وكان المقصود منه إسحق بدل إسماعيل. وقد توافق عيد الغفران منذ 41 عاما مع هزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر1973 فلولا علم القيادات المصرية بطقوس عيد الغفران لما كانت هذه هي اللحظة الحاسمة التي استغل فيها الجيش المصري انشغال اليهود واحتفالهم بهذا العيد وعدم قيامهم بأي نشاطات وعبروا مانع قناة السويس رغم أن هذا العبور كان من المستحيلات نظرا لوجود نابالم تحت مياه القناة وكانت إسرائيل تهدد بتحويل القناة إلي جمرة من النار في حال عبور الجيش المصري وحطموا خط بارليف المنيع الذي بناه الجنرال بارليف وقال إنه أقوي من خط ماجينو الذي أقامه الفرنسيون أثناء الحرب العالمية الثانية، وقاموا بالهجوم علي اليهود في مخابئهم وهزيمتهم هزيمة ساحقة لازالت إسرائيل حتي الآن لا تستوعبها بل وتحاول إقناع العالم بأنها من انتصر في هذه الحرب, ولكن هذا الانتصار هو ما جعلنا نجلس مرفوعي الرأس علي طاولة مفاوضات السلام لاسترجاع الأراضي المحتلة. واستعادت مصر آخر جزء من أرضها في سيناء «طابا» عام 1989 وفي عام 2014 سدد الرئيس عبدالفتاح السيسي سهما جديدا في قلب إسرائيل بافتتاح قناة السويس الجديدة التي وفرت فرص عمل لآلاف من الشباب وسوف تحسن الدخل القومي بشكل ملحوظ الفترة القادمة.