في كل القنوات الفضائية تقريبا برامج للمطبخ، يتباري من خلالها متخصصون في الطبخ لتقديم أشهي الوجبات، لأصحاب الكروش والملذات، يتفنن الشيف منهم،- في الحقيقة بيتقن عمله اللي بياخد عليه فلوس-، من أجل فتح شهية الأكيلة، آدي سلطة، فيها كل الألوان، أخضر وأصفر وأحمر"أورديفر يعني"، ومعاها أصناف حادق ومشاوي ومحاشي، لحوم وأسماك والذي منه، ويا سلام لو شوية جمبري قال إيه "جامبو" وكمان إستاكوزا، والحلو أبصر أيه، الوجبة الواحدة منهم يا ولداه، تستنزف لو فكر أي موظف غلبان، من أصحاب الحد الأدني للمرتبات" ده لو تم تطبيقه"، فيها، لأدركت هذا المرتب تسونامي لا يبقي ولا يذر، وابقي قابلني لو فضل من المرتب مليم أحمر، " بالمناسبة زمن الملاليم الحمرا ولي وراح"، يحدث هذا في مصر بلد العجايب، بلد تتزايد فيه نسبة الفقر والفقراء، بلد نسبة الأسر والأفراد الذين لا يمتلكون الإمكانيات التي تمكنهم شراء ما يكفيهم من الطعام، نسبة حدّث عنها ولا حرج، نسبة تقدر بالملايين، المسئولون عن هذه البرامج يعيشون في أبراج عاجية لا يشعرون بمن يعيش في العشوائيات، أو المساكن الشعبية، لا يشعرون بمن يكملون "عشاهم نوم" كما يقول المثل، لم تفكر هذه البرامج في تقديم وصفات لمن يبحثون عن هياكل الفراخ والعظام، ولسان حالهم يقول: أهي مرقة والسلام، والغريب أن الساسة والسياسيين وحملات مرشحي الرئاسة المحتملين، والثوار ومعاهم المذيعين، ليل نهار علي نفس الفضائيات يتحدثون عن العدل والسلم الاجتماعي، وكلام مجعلص من نوع الانقسام المجتمعي، وإذابة الفوارق بين الطبقات، والخوف من ثورة الجياع، كلام كله للاستهلاك المحلي، ولزوم الوجاهة الحوارية في البرامج التوكشاوية، عارفين نتيجة هذه البرامج وبعد الحقيقة عن الواقع، قصة روتها الكاتبة الصحفية أمينة شفيق: علي مائدة إفطار صعيدية شهية ومتواضعة، روي أحد الوزراء السابقين أنه في إحدي مدارسنا الخاصة للغات وعالية المصاريف، طلب المدرس من التلاميذ كتابة موضوع يعبر عن حياة أحد الفقراء، فكتب أحد التلاميذ التالي:" الفقير هو الذي يخدمه طباخ فقير، ولديه في بيته كلب، ويمتلك سيارة صغيرة».