في مشهد غريب علي المجتمع المصري تحولت الجامعات من أماكن لتلقي العلم إلي ساحات للحرب والقتال بسبب احتجاجات بعض الطلبة وقيامهم بأعمال شغب وتخريب داخل الجامعات، مما دفع المسئولين بها لاستدعاء قوات الشرطة لفض هذه المظاهرات والقبض علي المخربين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل تدمير الجامعات بالكامل ، وكان لجامعات الوجه البحري النصيب الأكبر من تلك الاحتجاجات ،حيث شهدت جامعات " الأزهر والقاهرة وعين شمس وحلوان والإسكندرية والزقازيق" أكثر الاحتجاجات وأعمال الشغب ، بينما شهدت جامعات الوجه القبلي استقراراً نسبياً رغم أحداث الشغب القليلة بجامعتي أسيوط والمنيا إذا قورنت بما حدث بنظيراتهما بالوجه البحري .. فما أسباب ذلك ؟ ، وما هي طرق تعامل قوات الأمن مع الطلاب المشاغبين في ظل ما أثير حول تعرض بعض الطلاب للتعذيب وإستخدام القوة المفرطة ضدهم ؟، ولماذا كانت جامعة الأزهر الأكثر اشتعالاً ؟. بداية يشير نائب مدير أمن سوهاج اللواء أحمد شاهين إلي أنه من أسباب هدوء جامعات الصعيد أن المغتربين الموجودين بالمدن الجامعية عددهم قليل ،فأغلب الطلبة في الصعيد يدرسون في الجامعات الموجودة بنطاق محافظاتهم وبالتالي فهم ليسوا بحاجة إلي السكن في المدينة الجامعية لقرب بيوتهم ،وهذا السبب له علاقة قوية بالقبلية ودور العائلات الموجودة بالصعيد حيث يلتزم الابن بنصائح والده وأهله له لأنه يعرف إذا فعل مشكلة فمن السهل وبسرعة يأتي له أقاربه وهم الذين يعاتبونه، فضلاً عن تعاون أبناء الوجه القبلي بصفة عامة وأهالي سوهاج بصفة خاصة مع قوات الشرطة . ويضيف حكمدار سوهاج: القوة الأمنية أيضاً لها دور في ردع الطلبة المشاغبين ،حيث يلاحظون قوة وسرعة التعامل مع مظاهرات الطلبة الخارجة عن القانون قبل تفاقمها، ولا ننسي أن أعضاء هيئة التدريس من المنتمين للإخوان أو المتعاطفين معهم لهم دور كبير في التأثير علي الطلبة وتحريضهم ولابد من اتخاذ موقف ضد هؤلاء فيجب عمل تحريات عنهم ومن يثبت انتماؤه لتلك الجماعات المحظورة لابد من تطبيق لائحة الجامعات عليه وفقاً لما تراه كل جامعة ، ونحن علي اتصال دائم برئيس جامعة سوهاج وقيادات الأمن الإداري بالجامعة وإذا طلبونا في أي وقت لا نتأخر عنهم. ويري مساعد أول وزير الداخلية لمنطقة جنوب الصعيد اللواء عبدالرحيم حسان الذي يشرف أمنياً علي أربع محافظات وهم "قناوالأقصر وأسوان والبحرالأحمر" أنه بالنسبة لتلك المحافظات التي يغلب عليها الطابع السياحي فإن مواطنيها كل ما يهم توافر الأمن والهدوء حتي يستطيعوا أن يحصلوا علي رزقهم ، كما أن أصحاب الفنادق والشركات والفئات المتعاملة مع السياح من بائعين ومرشدين ..إلخ يساهمون في توفير مناخ آمن لعملية السياحة ويرغبون في عودة الحياة لطبيعتها ، ونتيجة لهذا التعاون وتأمين الطرق بين الأقصر وأسوان بدأت تأتي مجموعات سياحية ، فوزير السياحة يبذل جهداً كبيراً لإعادة الأقصر إلي سابق عهدها كأكبر مدينة سياحية وستشهد تلك المدينة الشهور القادمة مؤتمرات وحفلات كبري. أما مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن الإسكندرية اللواء أمين عزالدين يقول:وفقاً لتوجيهات وزيرالداخلية اللواء محمدإبراهيم بتفعيل القانون لمواجهة المظاهرات الطلابية غير السلمية التي تهدف لإعاقة العملية التعليمية بكل حسم فإننا علي اتصال برؤساء الجامعات للتدخل السريع عندما يتم استدعاؤنا لفض الشغب والقبض علي المخربين ،وتأمين الجامعة من الداخل مسئولية الأمن المدني، وأناشد أولياء أمور الطلبة بتوعية أبنائهم وحثهم علي الالتزام فالأمن وحده لن يقضي علي شغب الطلبة فلابد من تعاون الأهالي ووسائل الإعلام وأجهزة الدولة معنا، وأذكر المسئولين بالجامعات بضرورة تطبيق القواعد واللوائح القانونية علي الطلاب المشاغبين فهي رادعة وصارمة. وعن تعامل قوات الشرطة مع طلاب جامعة الأزهر وحقيقة ما أشيع حول تعرضهم للتعذيب علي يد قوات الشرطة يقول نائب مدير أمن القاهرة لقطاع الشرق اللواء يحيي العراقي الذي يشرف علي تأمين جامعة الأزهر وتعامل القوات مع الطلبة المشاغبين: التعامل مع الطلبة المشاغبين في البداية يكون بالحسني والحوار معهم لمحاولة تهدئتهم ، وإذا لم يستجيبوا وقاموا بالتعدي علي قوات الشرطة يتم إنذارهم بالميكروفون ثم إنذارهم مرة ثانية ثم التعامل بالمياه وإذا لم تأت بنتيجة نلجأ إلي التعامل بالغاز وهو آخر مرحلة نلجأ إليها، ويتم التنبيه علي القوات بحسن التعامل مع الطلبة إلي أقصي درجة من ضبط النفس. وينفي اللواء العراقي صحة ما تردد حول استخدام الشرطة طلقات خرطوش لتفريق مظاهرات الطلاب، مؤكداً استخدام الطلاب لهذه الطلقات ضد قوات الشرطة، وبالفعل تم القبض علي عدد منهم بحوزتهم تلك الطلقات بالإضافة إلي الشماريخ وزجاجات المولوتوف الحارقة التي يتم إلقاؤها علي سيارات الشرطة لحرقها، ومنذ أيام تم ضبط 19 زجاجة مولوتوف أمام كلية الهندسة بالأزهر وذلك أثناء مرور خدمات أمنية معينة للمرور الداخلي علي الجامعة للتأكد من عدم وجود طلبة بالمدينة الجامعية يمارسون أعمال عنف. وحول تأمين أوراق الإجابة الخاصة بطلاب جامعة الأزهر يؤكد اللواء العراقي أنه تم التنسيق مع رئيس الجامعة الدكتور أسامة العبد بضرورة تجميع أوراق الإجابة الخاصة بجميع الكليات في مكان واحد بدلاً من وجود كنترول بكل كلية وتم الإستجابة لذلك وقمنا بتعيين خدمات علي هذا المكان، وبالنسبة للمدينة الجامعية تم التنسيق مع رئيس الجامعة لتعيين خدمات أمنية بها حيث تلاحظ مؤخراً وجود عدد كبير غير مقيم من الطلبة بالمدينة مما يؤدي إلي استغلال هؤلاء الطلبة في القيام بأعمال عدائية يومية ضد منشآت الجامعة وضد قوات الشرطة ، لذا لابد من إعادة تقييم إقامة جميع الطلبة وإعادة فحصهم وتسكينهم من جديد اعتباراً من إجازة نصف العام القادمة ، مع ضرورة إقامة سور حول المدينة الجامعية لعزلها عن مباني الكليات لإحكام السيطرة الأمنية علي الطلبة وإلزامهم بالدخول من بوابة واحدة وهي البوابة الرئيسية للمدينة الجامعية مع تعزيز خدمات الأمن الإداري بالمدينة وضرورة السيطرة اللازمة علي البوابة. ويشير مساعد مدير أمن القاهرة لفرقة الشرق اللواء مصطفي شحاتة إلي وجود دول خارجية تمول فئة إجرامية لاستمرار أعمال الشغب والفوضي في مصر، فوجدوا أن أقوي فئة في المجتمع يمكنها القيام بذلك هم الشباب فلجأوا لشباب الجامعات ، فبالنسبة لجامعة الأزهر علي سبيل المثال معلوماتنا تؤكد استغلال بعض المجرمين والبلطجية للطلبة مادياً وخاصة الذين يسكنون في المدينة الجامعة لأن أغلبهم من متوسطي الدخل ، وقد يكون من بين هؤلاء الطلبة مجموعة من الألتراس لأن الطالب في هذه السن يرفض الانضباط والنظام ويريد أن يكون أكثر حرية مما يدفعه لفعل أي شيء لتحقيق ذلك . ويشير اللواء شحاتهً إلي أن الشرطة تعامل الطلبة بأقصي درجات ضبط النفس، نافياً ما يثار حول أن الشرطة تلقي القبض علي كل من تصل إليه أثناء أعمال الشغب مدللاً علي ذلك بأنه في إحدي المظاهرات تم إلقاء القبض علي أكثر من 140 طالبا لم يتم احتجاز سوي 17 طالبا فقط وتم ترك الباقي بعدما ثبت أنه لا علاقة لهم بالأحداث وقام بتوفير سيارات لهم علي نفقته الخاصة لتوصيلهم إلي منازلهم ولم يتركهم حتي اطمأن علي وصولهم منازلهم بسلام. ويقول مساعد وزير الداخلية مدير الإدارة العامة للتواصل المجتمعي وحقوق الإنسان اللواء أبوبكر عبدالكريم: لابد أن نتفق أن العلم هو أساس بناء المجتمعات المتحضرة والقوية، بل هناك من الدول المتقدمة من اعتبر التعليم مشروعا قوميا للدولة إذن التعليم وخاصة الجامعي هو الهدف والمصير لأي دولة لأنه يجهز ويعد للمجتمعات الجيل المؤهل لتحمل مسئولية الأوطان، فالجامعات محراب للعلم وليست ميدان للقتال ودور الطالب في الجامعة الدراسة والبحث وتلقي العلم وليس التظاهر المشوب بأحداث العنف والشغب وحيازة الأدوات التي يستخدمها في الإتلاف، والحق في التظاهر وحرية الرأي مكفول بالقانون ولكن بشروط وضوابط في مقدمتها سلمية المظاهرة وأن تتم داخل أسوار الحرم الجامعي وهناك بعض الطلاب بالجامعات يتظاهرون في إطار الضوابط القانونية، لكن شاهدنا البعض يخرج عن السلمية في التظاهرات، ويقوم بإحداث شغب وإتلاف وحرائق، بل وصل بالبعض منهم التعدي علي أساتذته ويتعمدون القيام بذلك لدرجة أن بعضهم تعدي علي حق زملائه في التعليم من خلال محاولة تعطيل الدراسة والامتحانات، وذهب البعض الآخر إلي التعدي علي حرمة وحرية المواطنين من خلال قطع الطرق وإشعال الحرائق في الإطارات كما شاهدنا في أحداث جامعة الأزهر والمدينة الجامعية المتصلة بها. ويؤكد اللواء عبدالكريم أن من يقوم بمثل هذه الأفعال ليسوا طلابا ولا يسعون إلي تحصيل العلم ولا يستحقون أن يتواجدوا داخل محراب التعليم وعليهم أن يتركوه لمن يستحق ويسعي إلي التعلم ، موضحاً أن قطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية بحكم عمله يتواصل مع العديد من رؤساء اتحادات الطلاب في الجامعات والكليات للعمل علي حل أي مشاكل والمساعدة في تهدئة الأوضاع وإزالة حالات الاحتقان ، فضلاً عن المساعدة في تيسير إجراءات امتحانات الطلاب المحبوسين علي ذمة قضايا الإتلاف والشغب ، مشيراً إلي أنه لم يكن هناك استخدام مفرط للقوة ضد الطلاب حرصاً علي سلامتهم وحياتهم رغم أنهم مشاغبون، فإذا كان هناك استخدام مفرط للقوة لتم القضاء علي ما يحدث في زمن قياسي لكن التعامل يتم وفقاً للصلاحيات القانونية. وحول السبب الذي يجعل جامعة الأزهر من أكثر الجامعات التي يحدث بها أعمال شغب يقول رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامة العبد في تصريحات خاصة ل"آخرساعة": جامعة الأزهر مؤسسة علمية كبري تهتم بالجانب الأكاديمي فقط وتعمل لمصلحة الوطن ، فالأزهر صمد أكثر من ألف عام في خدمة الشريعة الإسلامية واللغة العربية لنشر سماحة الإسلام ووسطيته ، هذا الأمر جعل المتطرفين يسعون إلي تشويه صورة الأزهر والقضاء علي وسطيته من خلال أعمال الشغب التي يقوم بها قلة من الطلاب، لكني أؤكد أنهم لن يفلحوا في ذلك فالأزهر لا يعرف التطرف علي الإطلاق ،وأطالب الطلاب بالانتظام في الامتحانات لأنه لن يتم تأجيلها لأن هذا هو الهدف الذي يسعي المتطرفون إلي تحقيقه.