٫ تصدرت حوادث الطرق، المشهد في مصر وأصبحت خبراً عادياً لا يستغربه أحد بسبب كثرتها، فكم الخسائر سواء في الأرواح أو في الأموال باتت من الأمور التي اعتاد المواطنون علي قراءتها وسماعها، كما اعتاد المواطنون سماع ألفاظ وتعبيرات مرتبطة بتلك الحوادث حادث مروع، حادث أليم، مصرع أسرة في حادث سير..إلخ، تباينت آراء المواطنين والخبراء حول أسباب تلك الحوادث والمسئول عنها لكن من المؤكد أن غياب تطبيق قانون المرور وعدم وجود أكمنة مرورية ثابتة ومتحركة كافية وعدم فرض رقابة علي حالة الفوضي التي يعيشها سائقو الميكروباص من أهم أسباب تلك الأزمة التي حولت »الأسفلت« إلي شبح يطارد المصريين لقبض أرواحهم!! من الحوادث الأليمة التي وقعت الأيام الماضية حادثة مركز الصف بالجيزة التي كانت نتيجة سير سيارة نقل عكس الاتجاه فقامت بدهس سيارة ميكروباص نجم عن الحادث وفاة 15شخصا وهم ركاب السيارة بالكامل، لم يمر يوم علي هذا الحادث حتي لقي زوجان وأبناؤهما الثلاثة مصرعهم في حادث أليم علي الطريق الدائري بالوراق عندما حاول قائد سيارة نقل يسير بسرعة جنونية تجاوزهم مما أدي إلي إختلال عجلة القيادة منه ودهسهم، والحادث تكرر بعدها بساعات حيث لقي 5 أشخاص آخرون مصرعهم دهستهم سيارة أخري بأكتوبر، هذه الحوادث تتكرر يومياً علي الطرق دون تحرك من الجهات المسئولة بالدولة، فمتي ستتحرك تلك الجهات؟!. وفي السياق ذاته أصدرت هيئة سلامة الطرق الدولية بالاشتراك مع منظمة الصحة العالمية مؤخراً تقريراً حول حوادث الطرق بمصر أشار إلي أن مصر تتصدر قائمة معدلات حوادث الطرق عالميا والأعلي في إصابات ووفيات تصادمات الطرق بين دول إقليم الشرق الأوسط، كما أوضح أن مصر تشهد ارتفاعا ملحوظا لمعدلات الوفاة يصل إلي 33 ألف حالة وفاة بحوادث الطرق سنوياً بمعدل 41 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة. وذكرالتقرير أن مصر تعد من أسوأ 10 دول في حوادث الطرق علي مستوي العالم، ب4 قتلي كل ساعة؛ حيث جاء طريق (أسيوط - المنيا) بالمرتبة الأولي في أكثر الطرق التي يحدث بها حوادث، يليه طريق محافظة الشرقية، ثم القليوبية، وطريق الإسكندرية الأقل. وأشار التقرير إلي أن ما يقرب من 270 ألفا من المشاة لقوا حتفهم العام الماضي من جراء تصادمات الطرق، وأن هناك 28 بلداً من 182 بلد لديها قوانين شاملة للسلامة علي الطرق تغطي عوامل الخطر. وأشارت الدراسة نفسها، إلي أن 22.6٪ من المركبات تتخطي السرعات المقررة علي الطريق الدائري بالقاهرة الكبري، أكثرها سيارات النقل الكبيرة ثم الميكروباص ثم السيارات الخاصة ثم سيارات النقل الخفيف ثم التاكسي، وأن 39.5 من المركبات تتخطي السرعات المقررة علي طريق الكورنيش بالإسكندرية، أكثرها الأوتوبيسات ثم السيارات الخاصة ثم التاكسي ثم الميكروباص ثم سيارات النقل الكبيرة والنقل الخفيف. اختلفت آراء المواطنين حول المسئول عن تلك الحوادث، يري نادر ناجح 34سنة أن بلطجة سائقي الميكروباص وراء حوادث الطرق، فكل منهم يجري علي الطريق ليصل الموقف ليأخذ أدواراً كثيرة يحصل منها أموالاً وتجده يسير بجنون علي الطريق وكأنه قائد طائرة وليس سيارة أجرة، وليس لديه مانع أن يسير عكس الاتجاه عندما يكون الطريق مزدحماً، فضلاً عن انتشار تعاطي المخدرات بينهم فمنهم من لا يتحمل القيادة إلا إذا أخذ جرعته من الأقراص المخدرة، كل ذلك يحتاج إلي شرطة قوية لردعهم وسحب رخص المخالفين منهم إذا كانوا يحملون رخصاً من الأساس!!. بينما تحمل سميحة عرابي 53سنة الدولة مسئولية كثرة حوادث الطرق قائلة: إذا وفرت الحكومة طرقا جيدة وأزالت المنحنيات الموجودة بها ووفرت الإشارات المرورية وتواجدت شرطة المرور بالشوارع فإنها ستقضي علي تلك الحوادث وسيتم القبض علي السائقين »غير الملتزمين« وتساءلت إذا كانت شرطة المرور موجودة وتؤدي دورها هل يستطيع سائقو التوك توك السير في الشوارع الرئيسية وأعلي الكباري وفي وضح النهار؟!. ويقول سائق إحدي سيارات الأجرة ويدعي أحمد مهدي 42سنة "إحنا مظلومين" ، ليس كل سائقي الميكروباص بلطجية فكثير منا يعتمد علي هذه المهنة اعتماداً كاملاً لأنها مصدر رزقه الوحيد ومن الممكن أن نفعل أي شيء حتي لا يتم قطع رزقنا ، وسبب وقوف بعض السائقين في أماكن غير مخصصة لهم وتحويلها إلي مواقف عشوائية أن هناك بعض البلطجية الحقيقيين في المواقف يفرضون علينا إتاوات ويحددونها كل يوم حسب هواهم ومن يرفض الدفع يحرم عليه دخول الموقف. يشير أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الدكتور علي ليلة إلي أنه لا توجد في مصر ثقافة مرورية سليمة، ففي بلدان العالم المختلفة يلتزم المواطنون بحارات الطرق ، كما لا يوجد حسم في العقوبات والمخالفات المرورية ، فمن المفترض سحب رخصتي القيادة والسيارة في حالة السير عكس الاتجاه وعدم الاكتفاء بالغرامة فقط، لكن للأسف المخالفات تتم علي مسمع ومرأي رجال الشرطة دون تحرك منهم، كما أن حجم السيارات كثير جداً فكل أسرة تمتلك أكثر من سيارة ، كما إن سيارات الميكروباص في الدول المتحضرة لها محطات تقف فيها مثل الأتوبيس في مصر ، لكن ما يحدث عكس ذلك فنجد السائق يقف في منتصف الطريق ولا يستطع أحد أن يوجه له اللوم. ويضيف د.ليلة: لا توجد ثقافة القيم لدي السائقين فنحن نعيش حالة انعدام المعايير والقواعد في المجتمع فنجد كل شخص ينفذ ما يراه دون خوف من أحد، مقترحاً بعض الحلول للحد من تلك الحوادث تتمثل في تخفيف أحمال محافظة القاهرة وذلك بالعودة إلي قرار الرئيس الأسبق محمد أنور السادات الذي قام ببناء مدينة جديدة بعيدة عن القاهرة وهي مدينة السادات بحيث يتم نقل الوزارات والهيئات الحكومية إليها لتخفيف الزحام والأعباء عن القاهرة ، ثم تفعيل القانون بشكل صارم وقاس للغاية والالتزام بقواعد المرور. وكان لأستاذ الصحة النفسية بجامعة عين شمس الدكتور إبراهيم عيسي رأي آخر حيث يري أن هناك شيئاً يدبر لمصر لإحداث فوضي عارمة داخل الشارع من بينها ما يحدث من أزمات مرورية طاحنة ، قائلاً : عندما نغوص في عمق الأمر نري أنها ظاهرة غريبة ومدبرة الهدف منها إحداث فوضي داخل مصر واستهلاك المصري لزمنه في الشارع بدلاً من استهلاكه في عمل منتج مستقبلاً ، وجماعة الإخوان المحظورة هي المسئولة عن هذا المخطط وما يدل علي ذلك هو ما يحدث يوم الجمعة المقدس في حياة المصريين الذي تحول إلي يوم تدميري فهذا يؤكد أن الأزمات المرورية مصطنعة لأننا نجد مظاهرات الإخوان تقوم بقطع الطرق وتعطيلها، ليس ذلك فقط بل إننا نري بعض السائقين يتصرفون تصرفات تشير إلي انهيار قيمي لديهم فقيادة السيارة يفترض أن تكون فنا وذوقا وهذا غير موجود. ويضيف د.عيسي قائلاً : هناك قوانين وقواعد يجب أن يلتزم بها الجميع ويطبقها لنضيع مآرب وأهداف من يريدون الفوضي لمصر، ويجب أن يعي الجميع أن من يفعلون هذه المخالفات يتلذذون بتعطيل حركة المرور لأنه يخضع لتوجهات تصل إلي حد العبودية ويطلق علماء النفس علي ذلك "المركب التسلطي" الذي يجمع بين الرغبة في الهيمنة والتلذذ في إلحاق الأذي بالآخرين وطاعة الأوامر التي تصدر لهم. وعن دور إدارات المرور في الحد من حوادث الطرق وتوعية المواطنين بخطورة المخالفات كشف مدير الإدارة العامة لمرور الإسكندرية اللواء مجدي إسماعيل في تصريحات خاصة ل"آخرساعة" أنه في إطار التفاهم والتلاحم القائم بين جهاز الشرطة والشعب والذي تزايد عقب ثورة يونيو 2013 وافق وزيرالداخلية اللواء محمد إبراهيم علي قيام إدارة مرور الإسكندرية متمثلة في ضباط وأفراد ومجندي الإدارة بحملة توعية مرورية لمدة أسبوع سيقوم خلالها رجال المرور بتوزيع رسائل توعية وإرشادية مرورية علي قائدي المركبات وعلي طلاب المدارس والجامعات والنوادي واللجان المرورية والأكمنة الثابتة والمتحركة وتتضمن تلك الرسائل نوع المخالفات المرورية وخطورة ارتكابها علي حياة المواطنين والآخرين وعقوبتها وآثار تلك المخالفة علي السيولة المرورية علي المدينة، موضحاً أن الحوادث المرورية تحدث نتيجة لخطأ من أحد عناصر الحادث الثلاثة وهم "المركبة وقائد المركبة والطريق"، فبالنسبة للطريق يجب أن يكون مطابقاً للمواصفات العالمية وللأسف لا يوجد في مصر سوي طريق واحد مطابق لتلك المواصفات وهو طريق القطامية - السخنة فهو الطريق الوحيد الآمن، أما باقي الطرق التي تربط المحافظات ببعضها بها مشاكل، أما قائد المركبة فنجده يفتقد لفن إدارة الرحلة فنتيجة لعدم الراحة والمشاكل نجد أغلب السائقين في حالة عصبية غريبة ونتيجة لهذا التعب قد ينام في الطريق أثناء القيادة ومنهم من يتعاطي المخدرات مما يفقده وعيه ناهيك عن السير عكس الاتجاه ..إلخ ، أما المركبة فكثير من السائقين لا يعتني بها وعندما تكون لديه رحلة أو سفر بعيد لا يقوم بصيانة السيارة مما يعرضها للأعطال المفاجئة في الطريق التي قد تؤدي إلي انقلابها في حالة انفجار أحد إطاراتها أثناء السرعة الزائدة. ويشير مدير مرور إسكندرية إلي أنه يتم التصدي لكل المخالفات من خلال حملات يومية علي الطرق، ويتم مراقبة السرعات من خلال الرادار لكن هذه الحملات لا تحد من الحوادث لأن عدد القوات غير كاف لتغطية جميع الطرق في وقت واحد ، موضحاً أنه خلال الثلاثة شهور الماضية فقط تم ضبط 122سيارة بدون لوحات ورخص تسيير و886 موتوسيكلا و26 توك توك و10 سيارات مبلغ بسرقتها وتم الكشف علي 194 سائقا لتحديد متعاطي المخدرات منهم وكانت النتيجة إيجابية ل72حالة منهم ، مؤكداً أن الإدارة العامة لمرور الإسكندرية قامت بعمل دراسة منذ شهور حول حوادث الطرق توصلت تلك الدراسة إلي أن 60٪ من الحوادث كان سببها قائد المركبة نتيجة القيادة الخاطئة وعدم الالتزام بالسرعات المقررة والنوم أثناء القيادة والسير عكس الاتجاه، مطالباً بضرورة تكاتف جميع مؤسسات الدولة للحد من تلك الحوادث وعدم إلقاء العبء بأكمله علي رجال المرور فالمواطن نفسه له دور كبير للحد من تلك المشكلة.