أيام قليلة وينطلق العام الدراسي الجديد لتبدأ معاناة أولياء الأمور مع الصحيان فجرا والاستعداد لتجهيز الأولاد للمدارس ومعاناة الزحام في رحلتي الذهاب والعودة ناهيك عن التوصيل للدروس الخصوصية وما أدراك ما الدروس الخصوصية التي أصبحت »علي ودنه» في كل المواد حتي التربية الدينية والدراسات. وتحت بند الدروس الخصوصية نضع خطاً أو قل مجموعة خطوط فهي تبدأ في الصيف بالحجز مثل المدارس تماما وإعلانات المدرسين الخصوصيين الأفراد أو السناتر تملأ الشوارع بل وتوزع علي أبواب المساجد عقب صلاة الجمعة جهارا نهارا ولا خوف ولا وجل ولا عزاء لوزارة التربية والتعليم أو الحكومة برمتها، فكل مرة نحذر ونحذر وتأخذنا النخوة ونغلق بعض المراكز لكن سرعان ما تعود ريما لعادتها القديمة وتنتعش السناتر وإعلاناتها التي تسيل اللعاب فهذا امبراطور اللغة العربية وذاك مهندس اختبارات البوكليت والآخر »الدكتووور» في الكيمياء ناهيك عن »معلم» الرياضيات بكسر الميم مع الاعتذار للصبوحة. هذا ليس غريبا وألفناه بل وتعودنا عليه من منطق »أستك منه فيه أشده عشان يلسعني» عبارة الكوميديان الراحل سعيد صالح، لكن الغريب تصريح د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم بأن »70% من العاملين بالدروس الخصوصية ليسوا معلمين ومن يغذي الدروس هم أولياء الأمور وإحنا مش هنجري وراهم والدروس تغذي ثقافة الحفظ ومن يؤدي دروسا خصوصية من المعلمين قليل جدا». الغريب في كلام د. طارق شوقي وهو الأستاذ العالم والباحث هو تحديد نسبة لعدد مدرسي مراكز الدروس الخصصوصية غير المؤهلين إذن لابد وأن يكون هناك حصر لعدد هذه المراكز ومواقعها ومتوسط عدد العاملين فيها ومؤهلاتهم وهذه أبسط قواعد علم الإحصاء. وإذا كان الأمر كذلك ولدينا بيانات كافية وشافية عن المراكز فلماذا نتركها تعمل بكل ارتياحية؟ هذا إذا كان بالفعل لدينا بيانات دقيقة وليست تقديرات وأنا هنا أستبعد علي وزير التعليم وهو العالم المدقق أن يعتمد في تصريحاته علي تقديرات. أما إذا خاب ظني وكان حديث الوزير مجرد تقديرات من هنا أو هناك فلماذا لا تعتمد وزارة التربية والتعليم والجهات المعنية الأخري في حربها ضد مراكز الدروس الخصوصية علي بيانات الضرائب التي بلا شك ستدفعها الحصيلة المنتظرة لأن تعمل بكل جهد علي حصر هذه المراكز. الأمر الثاني وهو الأخطر والأهم هو تحميل الوزير المسئولية كاملة في ملف الدروس الخصوصية لأولياء الأمور وهذا في اعتقادي يجافي الواقع فكيف نحمل ولي الأمر المسئولية وأين دور الدولة في مواجهة كل ما هو مخالف للقانون والأعراف.. فولي الأمر المفتري عليه والغلبان حائر بين احتياج ابنه للدرس الخصوصي وبين فشل المدرسة بشكلها الحالي عن تعليم الأولاد بالطرق الصحيحة لظروف نسأل عليها جميعا وفي مقدمتها الظروف الاقتصادية بالطبع وظروف الزيادة السكانية التي جعلت فرضية التعليم المجاني في خبر كان وأخواتها وأولاد عماتها وخالاتها. كلي ثقة في أن ما يفعله د. طارق شوقي وفريق عمله من خلال النظام التعليمي الجديد كفيل علي المدي الطويل بتطوير النظام التعليمي في بلادنا لكن لابد وأن نعمل علي المديين القصير والمتوسط علي تقليل الخسائر وأن نواجه بشكل عاجل القضايا التعليمية التي تضع الأعباء علي أولياء الأمور وفي الوقت نفسه تنتج خريجا لا يتناسب تماما مع سوق العمل ثم يتباكي علي البطالة ويندرج بين رواد المقاهي والكافيهات أو لآفة الإدمان القديم المتعلق بالمواد المخدرة والإدمان الحديث المتمثل في غول الشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل. اهتمام القيادة السياسية الكبير بقضايا التعليم والصحة تجعلنا ننظر لنصف الكوب المليان وليس الفارغ لكن تطوير منظومة تعليمية أصابها الكثير من العطب مع تراكم الزمن يحتاج الكثير والكثير والأهم من ذلك تكاتف كافة أطراف المجتمع لعلاجها فالبيت له دور ومؤسسات المجتمع وعلي رأسها المدرسة لها دور والجامع والكنيسة لهما دور والمهم في القضية أن نخلص النوايا نحو الإصلاح وألا نفتعل المشاكل وأن تكون ملاحظاتنا حول أي نظام جديد بهدف التنوير والتنقيح بالأفكار وليس الهجوم لمجرد الهجوم لوأد أي ومضة نجاح.