لا شك أن الطريقة التي تتعامل بها الإدارة الأمريكية الحالية مع قضايا المنطقة سوف تدخل التاريخ باعتبارها فتحاً جديداً في علوم السياسة ونظريات الاستراتيجية.. كما يراها الخبراء المعتمدون في صناعة الإرهاب الذين يحتفلون كل يوم بقرار جديد من إدارة »رشيدة»!! تمتلك القرار الأمريكي في عصر ملئ بالتحديات!! الرئيس ترامب بدأ عهده مع وعد بأنه يملك الحل الموعود للقضية الفلسطينية، وأن أسلوب عمله في »البيزنس» سيمكنه من عقد »صفقة القرن» لإنهاء الصراع وإحلال السلام في المنطقة. وفي الطريق إلي الحل الموعود عين »ترامب» صهره »كوشنر» ممثلاً خاصاً له للتفاوض حول »الصفقة» رغم تأييده العارم لإسرائيل ومساهمته السابقة في تمويل الاستيطان، وعين صديقه »فريدمان» سفيراً في إسرائيل وهو الصهيوني المتطرف، مثله في ذلك مثل »جرينبلات» الذي أصبح مبعوثاً للرئيس لشئون الشرق الأوسط.. ووسط التساؤل عن مغزي تسليم »الملف» لثالوث صهيوني. كان الجواب» انتظروا.. فالقادم أفضل، وهؤلاء سيطمئنون إسرائيل، ويقودون نتنياهو لتقديم التنازلات المطلوبة!! وقيل لواشنطون: أليست هناك رسالة تطمئن أيضاً الجانب الآخر. ولو حتي بتأكيد الموقف الأمريكي الذي كان داعماً لحل الدولتين، والذي كان -ولو من باب الكلام - لا يعترف بالاستيطان في الأرض المحتلة؟!.. وكان الجواب: ولماذا الاستعجال؟ إن الصبر جميل.. والقادم أفضل!! وتوالت المواقف بعد ذلك، ما بين تأييد عارم لكل ما تفعله إسرائيل - وبين إجراءات ضد السلطة الفلسطينية مثل إغلاق مقر بعثتها في العاصمة الأمريكية، أو تمرير قرارات في الكونجرس بوقف المساعدات للسلطة بدعوي أنها تقدم إعانات لأسر الشهداء والأسري القابعين في سجون إسرائيل.. مع تقديم كافة التطمئينات التي تؤكد أن الود محفوظ، والقادم أفضل!! ثم كانت الواقعة مع حماقة القرار الخاص بالقدس الذي أدانه العالم كله، والذي أنهي بالفعل أي دور فاعل لأمريكا كراعية لأي جهد عالمي من أجل السلام. وبدلا من مراجعة الموقف - ولو خوفا علي مصالح أمريكا نفسها- كانت الإدارة الأمريكية تبدي الرضا والزهو بما فعلت، وتؤكد أن الصفقة مستمرة.. والقادم أفضل!! وبينما الأرض العربية تشتعل بالغضب، تأتي آخر مفاجآت واشنطون وهي تؤكد سعيها الدائم لاستئناف عملية السلام»!!» فإذا بتصريحات تمهد لهذا السلام الموعود»!!» حيث يعلن مسئول أمريكي أن الإدارة الأمريكية لا تتصور سيناريو للسلام لا يكون حائط المبكي فيه جزء من إسرائيل!! وهو ما يعني أن كل ما يقال عن أن الأقصي في خطر، وأن القدس العربية المحتلة في طريقها لتصبح عربون ولاء من السيد »ترامب» للكيان الصهيوني، هو الحقيقة الوحيدة في الموقف الأمريكي حتي الآن!! والمطلوب منا بعد ذلك كله أن نطمئن كثيرا.. فالصفقة - كما يؤكد ترامب مستمرة - والقادم بالتأكيد أفضل!!