من المعتاد أن نقول عن الإخوان إنهم خوارج العصر، فمن هم الخوارج ؟ وماذا يجمع بينهم وبين الإخوان ؟ الخوارج هم أول جماعة تكفيرية في التاريخ الإسلامي. نشأت عام 37 للهجرة. فقد وجد معاوية ومن معه في معركة صفين أن علي بن أبي طالب سيهزمهم لا محالة، حينئذ تفتق ذهنهم عن حيلة ينقذون بها أنفسهم، وهي رفع المصاحف طالبين الاحتكام للقرآن. كان علي يعلم أن هذه حيلة، لكن مجموعة من أتباعه أجبروه علي قبول التحكيم، كما أجبروه علي أن يكون أبو موسي الأشعري حكماً عنه، إلا أن هذه المجموعة نفسها لم تلبث أن غيرت رأيها، ورفضت التحكيم، مبررة موقفها بأنه لا يجوز تحكيم البشر، وإنه لا حكم إلا لله، وبناء علي موقفهم الجديد كفروا معاوية وعلياً والحكمين، وانسحبوا من الجيش. شرح لهم علي أن الأمر ليس تحكيم الرجال، وأنه وافق علي تحكيم كتاب الله وهذا معناه أنه لا حكم إلا لله، وأن القرآن إنما هو خط مسطور لا ينطق، إنما يتكلم به الرجال. فالحكمان هنا هما اللذان سيحكمان طبقاً لكتاب الله، وذكرهم بأنه قبل التحكيم نتيجة ضغطهم عليه، وعين أبا موسي الأشعري برأيهم. لكنهم ردوا عليه رداً في منتهي الغرابة، قالوا إنهم أخطأوا حين فعلوا ذلك، وكفروا أنفسهم، ثم أعلنوا أنهم تابوا عن كفرهم، وطلبوا من علي أن يتوب عن كفره مثلهم. لكن علي رفض مبدأ التكفير، فخرجوا عليه، ولذلك سموا بالخوارج. • التكفير يتبعه الإرهاب بعد أن خرجوا علي عليٍّ، قرروا أن كل من لا يؤمن برأيهم كافر يستحق القتل. وراحوا يختبرون الناس ليعرفوا مواقفهم، وممن اختبروهم وقتلوهم عبد الله بن خبّاب بن الأرَت، وكان أبوه » خباب »من صحابة رسول الله، فسألوه عن رأيه في علي فقال لهم : إنه أعلم بالله منكم، وأشد توقياً علي دينه، وأنفذ بصيرة، فقالوا له: إنك تتبع الهوي، وتُوالي الرجال علي أسمائها لا علي أفعالها، والله لنقتلنك قتلة ما قتلناها أحداً. ثم أخذوه هو وزوجته، وكانت حبلي، فذبحوهما. أي أنهم لم يقفوا عند حد التكفير بل أتبعوا التكفير بالقتل، وهذا يبين لنا الارتباط بين التكفير والإرهاب منذ اللحظة الأولي. قتال التكفيريين كان خصم علي بن أبي طالب الرئيسي هو معاوية، وكان الطبيعي بعد فشل التحكيم وتحايل عمرو بن العاص علي أبي موسي الأشعري أن يحشد عليٌ قواته ضد معاوية، لكنه بدلاً من هذا قرر أن يؤجل قتال معاوية ويسارع بقتال الخوارج، ولاشك أنه في موقفه هذا كان يعي أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم عن هذه الفئة الضالة، ومنها : - سيكون في أمتي اختلاف وفُرقة، قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، ثم لا يرجعون حتي يرتد السهم علي فُوقِه ( يعود إلي مكانه )، هم شر الخلق والخليقة، طوبي لمن قتلهم أو قتلوه، يدعون إلي كتاب الله وليسوا منه في شيء، من قاتلهم كان أولي بالله منهم. قالوا : يا رسول الله ما سيماهم ؟ قال : التحليق. قتلوا علياً هؤلاء التكفيريون الإرهابيون قرروا قتل علي ومعاوية وعمرو ابن العاص الذي كان حكماً عن معاوية، وكلفوا رجلاً اسمه عبد الرحمن بن ملجم بقتل علي، فقتله بسيف مسموم وهو يسير في الشارع فجراً ينادي الناس للصلاة، وقال له وهو يقتله : الحكم لله يا علي لا لك ولا لأصحابك. هؤلاء هم سلف الإخوان وجماعات الإسلام السياسي. ولاشك أن الفكر لا يموت ولو كان خاطئاً، لكنه قد يتواري إذا لم يجد المناخ المهيأ له. تري هل يمكن مواجهة هذا الفكر الآن حتي نجعله يتراجع ؟