سيداتي آنساتي سادتي أهلاً بكم في المباراة العظيمة بين العالم ضد العالم، وسواء كنت يمين التليفزيون أو يساره، صدقني لن تفهم شيئاً، ولن تري شيئاً رغم أن كل ما يحدث علي الهواء مباشرة، فلتكتفي بالمتابعة ولا تحاول أن تتقصي الحقيقة، فلا حقيقة إلا تلك التي تريد تصديقها، وأنت يا عيني تنظر تحت قدميك أسير وسائل إعلام تتعرض لها، يمرر مذيع عملية غسيل مخ عليك وأنت مبسوط، وربنا يسلط عليك دماغك أحياناً، وتتولي أنت تسليطها علي نفسك دائماً، لتقتنع بما تريد الاقتناع به، لا بما هو في الواقع.. يا عزيزي فلنعترف، أصبحت الشعوب ماريونيت في أيدي حكامها وحكوماتها وإعلامها والوضع الراهن والظروف والأسعار والاقتصاد العالمي وتجارة السلاح وتجارة الأوطان التي يشتريها الغزاة من طغاتها بثمن بخس دراهم معدودات، أو 59 صاروخا، أو زيارات وتصريحات ومؤتمرات ولايك وشير، ونحن نحب (الحنجوري) والتجارة بالمبادئ، نعشق المزايدات، أسري للتصنيفات رغم أننا في زمن سقطت فيه النظريات والتوقعات..هذا زمن لم ينجح فيه أحد في أن يفهم أي شئ، العالم أصبح عصياً علي الفهم، أحلامنا سقطت علي حجر المحللين الاستراتيجيين، والساسة المزفلطين، والإعلاميين الملزقين، فضربوها في خلاط المصالح حيث لا حب دائم ولا كره دائم ولكن مصلحة دائمة..حاول تحليل مشهد لا تفهمه وستكتشف أنك أسير العبث. خذ هذا الاختبار: ضربت أمريكاسوريا بعدما أخطرت روسيا التي بدورها أخطرت سوريا التي تلقت الصواريخ والصرخات والتعاطفات ولبيك سوريا، فيما أن نفس البلد يموت كل يوم، ويقتل شعبه عصبة أمم متحدة، بل إن الذين قتلوا في سجون بشار ومن قبله حافظ رقم مرعب لم يتعاطف معه أحد كل هذا التعاطف علي ضرب مطار !! روسيا تندد تغضب، رغم إنها عارفة، مصر تصدر بيانا يرضي الجميع علي أساس انها سياسة، ترامب يرقص فرحاً بأول قرار يحظي بتأييد واسع، السعودية وقطر موافقين، الناس زعلانة، لأ، الناس مبسوطة، لأ. ماحدش فاهم حاجة.سوريا ماتت وتقسم الآن تورتتها، لكن اليمن لا أحد يتحدث عنه وعما يحدث بها، و(العراق) أصبحت (العراك)، ومافيا الأسلحة تبيع وتبيع، والدماء تسيل وتسيل، واللايك والشير يزيد ويزيد، ولا فرق الآن بين الحسين وبين يزيد.. بل أتحداك لو فرقت بينهما الآن، وليفعل الله ما يريد..السودان تصدر قراراً بمنع دخول المصريين دون تأشيرات مخالفة اتفاقية قديمة، ومتناسية دور مصري في دعم السودان باعتبارها بعدا قوميا، ومحتمية في دعم قطري، وتواصل سوداني أثيوبي، والموضوع علي شفا التحول إلي عاركة بلدي ربما يساهم فيها إعلاميي البلدين بما لذ وطاب من وصلات الردح والردح المضاد، بينما لا أحد يدرك المصيبة الكبري..العالم يعيد إنتاج نفسه بمحاربة نفسه دون أسلحة والضحية هو نحن حتي وإن تأخرت الرصاصة، فهناك العديد من الطلقات السحرية التي أصابتنا كمستهلكين للقرف وغثاء السيل الذي نشارك فيه باللايك والشير والريتويت، أو بمصمصة الشفاة علي الغلابة..الكل يتحدث باسم الغلابة، يغني عليهم وهو يوحي أنه يغني لهم، زمن التعاطف أصبح لا يستغرق يوماً أو يومين، بينما زمن الاهتمام بموضوع بعينه لا يتعدي ساعتين قبل أن نشيل الفيشة لنفصل عن الموضوع مع ما لذ وطاب من أخبار حوادث الاغتصاب والقتل وزنا المحارم والتحرش.. الخريطة تتغير ونحن لسنا سوي متفرجين، كل ما نظن أننا نقوله بأنفسنا ليس سوي محض جمل من سيناريو أريد لنا أن نشارك فيه، فلا بطل والكل كومبارسات.. هذا المقال ربما لا يعجبك، لكن يطيب لي أن أذكرك أننا ننسي، وأننا نتعامل بلا مبالاة مهما ادعينا العكس، وسننسي كل الأمور المتعلقة بكل القضايا تحت وطأة أكل العيش المر، وسيصبح التاريخ (إفيه)، والأحداث والحوادث أرقام وذكريات لا تعني أي شئ، بينما أمس كان الثامن من أبريل ذكري مذبحة بحر البقر أما اليوم هو 9 أبريل.. ذكري مذبحة دير ياسين.. فاكرينهم ؟؟