بعد أسابيع قليلة ، تمر الذكرى الخمسين لاحتلال مدينة القدسالشرقية التي تضم واحد من أعظم المقدسات لدى المسلمين وهو المسجد الأقصى المبارك ، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفيين بعد الحرم المكي والحرم النبوي وكذلك مسرى رسولنا الأكرم محمد بن عبدالله إلى السماء في معجزة الإسراء والمعراج التي خصها الله تعالى بقوله في كتابه الكريم ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله ) . هذه المكانة العظيمة لمدينة القدس ووجود معالم إسلامية كثيرة فيها منذ فجر الإسلام تعرضت منذ احتلالها لعمليات هدم وتهويد وتغيير لمعالمها الإسلامية في أكبر جريمة تمس التراث الإنساني في العقود الأخيرة ويكفي للدلالة على ذلك مطالعة البيانات والتقارير الدولية لمنظمة اليونسكو المعنية بحفظ التراث التاريخي العالمي للوقوف على عظمة وفداحة الجريمة ضد تاريخ المدنية العريق . ولعل الجريمة الأكبر التي مست المعالم الإسلامية في المدينة قيام سلطات الاحتلال بعد أيام من سيطرتها عليها بتدمير حارة المغاربة وتسويتها بالكامل وتخصيصها لليهود ليقيموا عليها شعائرهم الدينية بالقرب من ( حائط البراق المقدس ) الذي تم تغيير اسمه ليصبح ( حائط المبكى ) . وبكل أسف ، فإن الكثيرين اليوم لا يعرفون إن هذا الحائط المقدس لدى المسلمين هو ( حائط البراق ) بفضل الإعلام المعادي الذي يروج إنه مكان لعبادة أتباع الديانة اليهودية فقط . ومن خلال متابعتي الدائمة للتقارير التي توثق حال مدينة القدس ، أجد بكل أسف إن عمليات تغيير معالمها وتدنيس الحرم القدسي بشكل دائم والاعتقالات وهدم منازل المقدسيين تتزايد حدتها عاماً بعد عام حيث وصلت ذروتها في سنة 2016م ولا يبدو في الأفق أي مؤشر لتنخفض هذه الوتيرة خلال العام الحالي . ولكن بالرغم من كل هذه الظروف الصعبة فإننا نجد أبناء فلسطين وتحديداً المقدسيين منم يبذلون قصارى جهدهم للمحافظة على تاريخ المدينة وإحياء ثقافتها وتراثها ، ويكفي أن نعلم أن هناك عشرات النساء المقدسيات يتواجدن بصورة شبه دائمة في أروقة المسجد الأقصى المبارك للدفاع عنه في حال أي عدوان لجيش الاحتلال أو المستوطنين . اللهم بارك جهودهم وسدد خطاهم وفك الأسر عن مدينة القدس المباركة .