في الطريق تكمن المعرفة وشغف البحث ومتعة الإكتشاف والمفاجأة، ويكمن الدرس وتكمن الحكاية.. في رحلة البحث عن مخطوط رواية (أولاد حارتنا) الرواية الأكثر جدلا لنجيب محفوظ، خاض الكاتب الصحفي محمد شعير متعة الطريق والمعرفة.. هكذا يواصل تدقيق كتابه (أيام نجيب محفوظ) جمع المادة، وتقصي المعلومات والتحليل والمراجعة والفحص طوال أكثر من 5 سنوات ولايزال، ففي الطريق الكثير من الجدة والإضافة.. عندما سئل محفوظ عن مخطوط رواية (أولاد حارتنا) ذكر أنه سلمه للأهرام وقت نشر الرواية علي صفحاتها وهي إجابة دبلوماسية (كما يري شعير) حيث ما سلمه محفوظ للأهرام، يقينا هو النسخة النهائية المنقحة المعدة للنشر، وليست المخطوط »الحمض النووي الإنساني للكاتب» بتعبير جيرالد ليريتيه مؤسس متحف المخطوطات في باريس... البحث عن المخطوط سؤال نقدي بالأساس يتعلق بتطور الفكرة والأسلوب وطريقة المعالجة والتعديلات والتغيرات ودلالاتها، إنها معمل الكاتب ومطبخه أيضا.. وقد رصد فيليب ستيوارت أول مترجم لرواية (أولاد حارتنا) إلي الإنجليزية 241 اختلافا بين ما نشر في الأهرام لرواية أولاد حارتنا، وبين نص الرواية المنشور في طبعة (دار الآداب) اللبنانية، مؤكدا أن طبعة بيروت هي التي اعتمدت المخطوط الأصلي للرواية... بحث شعير عن المخطوط في جريدة الأهرام ولم يجده، وفي دار الآداب اللبنانية، ومكتبة هيكل، ومكتب عبد الناصر، وبيت نجيب محفوظ الذي كان يصف نفسه كثيرا بأنه (ملك التمزيق) حيث لا مكان لديه ليحفظ فيه المخطوطات!.. لكن هدي ابنة محفوظ سمحت لشعير بالإطلاع علي حقيبة قديمة هي كل ما تبقي من أوراق أبيها، قام شعير بإعادة ترتيب وفحص أوراق الحقيبة المتناثرة، ليكتمل لديه مخطوط رواية »الشحاذ» ومخطوط رواية »ميرامار» في صورتهما الأولي بالقلم الرصاص علي ورق (فولسكاب) مسطر.. وبجهد بحثي ونقدي مميز قدم محمد شعير قراءة مقارنة بين المخطوطين والنص المنشور للروايتين.