د.أحمد زويل : عالم مصري أذهل العالم بنظرياته العلمية، وقدم نفسه للدنيا كلها باسمه المصري المسلم البحّاثة، العلاّمة ليدلل علي كذب من يظنون أن المسلمين ضد العلم، والتحضر، والرقي، والمدنية. فالإسلام أعظم، وأجل مما يظنون، والعلماء يرفع رب العالمين درجاتهم في العالمين، وأوروبا نفسها أقرت، واعترفت بفضل علماء المسلمين علي تقدمها، وحضارتها : لعلمها أن هذا الدين لا يحجُر علي الفكر، ولا يتصادم مع التطور، والتقدم. لذا احتضن الغربيون د .زويل- وأمثاله -،وقدم الرجل نفسه نموذجا يفخر به كل مصري، ومسلم في العالم إلي أن وافته المنية، وهو في محراب البحث، والعلم. غير أن أصحاب ثقافة التكفير، والمكفراتية لم يعجبهم العجب،وعزّ عليهم أن يري العالمُ مسلما تُصفق له الدنيا بأكملها، وتضع له الملائكة أجنحتها، وتستغفر له : رضا بما يفعل. - كما أخبرنا بذلك المصطفي -صلي الله عليه وسلم- فخرج من هؤلاء من يسمي الشيخ وجدي غنيم ليُطلق قذيفة التكفير علي هذا العالم الذي قضي نحبه، وبدلا من أن يترحم عليه حكم بلعنه، وكفّره!. لا لذنب اقترفه سوي أنه قدم علمه لكل إنسان، فمن يفعل ذلك عند غنيم فهو كافر ملعون لا مكان له في جنة رب العالمين !. وكأن رب العالمين أعطي مفاتيح الجنان لهؤلاء البشر، والغريب أن بعض المناوئين لكل ما هو إسلامي تصيّدوا هذا الأمر وخرجوا في الفضائيات ليقولوا : هذا هو الدين، وهذا الغنيم هو : نسخة مما يخرجه الأزهر. وكذب هؤلاء، وما صدقوا، فالأزهر لا يعرف مثل هذا الفكر،، وغنيم هذا ليس من أبناء الأزهر، ولا يُعرف مصدر علمه. وما يحمل سوي بكالوريوس تجارة، ثم تثقف علي بعض الكتب التي توجد علي الأسوار، وظن بقراءته لكتاب،أو كتابين منها : أنه صار عالما فذا يناطح بعلمه العلماء، وألقي -كما رأينا- حشدا هائلا من الفتاوي الغريبة ومنها: حكمه علي العالم الراحل بالكفرواللعن. - فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟ !. إن الأزهر الشريف يعرف قدر العلماء، وهو أول من سارع لنعي الراحل مؤكدا: ( أن التاريخ سيذكره بحروف من نور، وأن أبحاثه التي وصفها بالقيّمة: قد أحدثت ثورة علمية حديثة، وساهمت بشكل كبير في نفع البشرية، وخدمة الشعوب، ولم ينس الأزهر في نعيه وبيانه» الثناء علي حب هذا الرجل لوطنه، وأمته، وحرصه علي تقدم مصر، وازدهارها،ومساعدة النابغين من أبناء هذا الوطن الغالي».). فهل من اللائق بعد ذلك أن يُحمِّل المغرضون إثم غنيم للأزهر، ويدّعون أنه من أبنائه،وقد أفرزته مناهجه ؟!. ألم يأن لهؤلاء أن يطّلعوا بإنصاف علي بعض من هذه المناهج التي يقدمها الأزهر لابنائه، وفيها التدليل علي أن ثقافة التكفير لا مكان لها في الأزهر، وأن المكفراتية هم من فرز غير أزهري، والأزهر يحذر ابناءه، بل وأبناء الأمة الإسلامية الذين جاءوا من كل فج عميق ليتعلموا في محرابه من خطورة التكفير للموحدين.. ويرجع أصل هذا التحذيرالمهم للرسول - صلي الله عليه وسلم - فهو القائل : ( من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما فإن كانت كذلك وإلا ردت عليه ). واقتدي علماء الأمة بهذا النهي النبوي فحذروا بقوة في كتبهم، والتي يقتبس منها الأزهر في مناهجه من التسرع بتكفير أهل القبلة، فالغزالي يقول : ( والذي ينبغي الاحتراز منه التكفير ما وجد إلي ذلك سبيلا... ويواصل قائلا : والقضية : أن تكف لسانك من أهل القبلة - يعني المسلمين - ما داموا يقولون : لا إله إلا الله محمد رسول الله فإن التكفير فيه خطر، أما السكوت فلا خطر منه.). والأصل : أن الاعتقاد لدي المسلمين يكون دائما بيقين، ولا يزول إلا بيقين أشد منه، وأقوي. عملا بالقاعدة الأصولية ( اليقين لا يزول بالشك ). فإذا ادعي وجدي غنيم- ومن علي شاكلته من المكفراتية - كفر زويل أو غيره فلابد أن تُقدّم الأدلة اليقينية علي ذلك. فلا يخرج المسلم من الإسلام إلا بإنكار ما دخل به، ولذلك لم نر لغنيم أدلة علي تكفير العالم الراحل: اللهم إلا الفهم المخل لآيات من كتاب الله، ويتحدث فيها بلا علم، ولا وعي سليم. وهذه هي المشكلة التي يقع فيها التكفيريون خاصة إذا أرادوا أن يشرعنوا أحكامهم : فتجدهم سطحيين إلي أقصي مدي، يقدمون اجتهادات متدنية ليُسقطوا أحكام النص الشرعي علي ما يريدون، وأي خلاف بينهم، وبين الآخرين في أمر ما سواء سياسيا، أو فقهيا، أو حتي إداريا فهو : مفاصلة عقائدية ينتج عنها حكمهم علي المخالف بالكفر!. فالمشكلة لدي هؤلاء تكمن في عقولهم، وفي سوء فهمهم للنصوص.. فهم لا ينكرون النص الشرعي، ولكن يسيئون فهمه. ومن سمع أدلة وجدي غنيم في تكفير الرجل يجد أن للعلماء فيها تأويلات، ولم يترك العلماء هذه المسألة للأهواء فلابد من أدلة صريحة لا تقبل التأويل. لماذا؟ لأن الخطر الذي سيجلبه التكفير سيهز أمن المجتمع، فما من تكفير انتشر إلا وأعقبه العنف، والقتل، والتفجيرسواء كان هذا عاجلا أو بعد حين، وقد حدث أن هؤلاء لما كفّروا عليا -رضي الله عنه- : قتلوه بعد ذلك بدم بارد، ولم تُحدثهم أنفسهم بأفضاله،،وأنه فدي النبي، ونام في فراشه وهو طفل صغير منتظرا القتل من المشركين لينجو الإسلام الذي يتشدق به هؤلاء كذبا الآن. كذلك أتباعهم في عصرنا : كفّروا : الشيخ الذهبي، واتبعوا ذلك بقتله، ونري الآن أنصار بيت المقدس، وتكفيرها الجماعي للجيش، والشرطة، واتباع ذلك بالقتل، والتفجير للكمائن، والمديريات الأمنية، والمذابح للأبرياء في رفح، والفرافرة، وغيرها. فالتكفير يرتبط ارتباطا عضويا بالقتل، والتفجير. لذا يحذر الأزهر منه، وبقوة لأنه يشتمل علي القتل المعنوي ثم الجسدي لأبناء الأمة، ومن حُكم عليه بالكفر يفرق بينه، وبين زوجه، ولا يرث، ولا يورث، ولا يُغسل ولا يُكفن ولا يُصلي عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين إلي غير ذلك من المخاطر. كل هذا يعيه الأزهر، ويعلم طلابه : أن الله تعالي ما أمرنا أن نتعبده بتكفير الناس، ولكن بنصحهم، وهدايتهم،ولا يسألنا في الآخرة : كم كفرتم؟، ولكن كم هديتم، ونصحتم، وقربتم الخلق إلي طريقي؟.