في الأيام القليلة الماضية تحركت المياه الراكدة واتفق الأهالي علي تسليم الأرض للقوات المسلحة،ذهبت "آخر ساعة" للضبعة لمعرفة حكاية أرض المحطات النووية وأهلها. مدينة الضبعة ويقابلها الأرض المخصصة لبناء المحطة النووية علي شاطئ البحر المتوسط أرض خلاء تبلغ مساحتها 60 كيلومترا مربعا بعد هدم السور الطويل الذي كان يسيج المساحة المقام علي أرضها المشروع النووي. ونحن في طريقنا لأرض الضبعة قابلنا الشيخ مستور أبو شكارة رئيس اللجنة التنسيقية للمتضررين من أهالي الضبعة الذي قال علي مدار أكثر من 200 عام عاشت هنا 14 قبيلة تزرع الزيتون والتين والشعير والقمح وترعي الأغنام وتصطاد السمك والسمان إلي أن صدر قرار جمهوري عام 1981 بتخصيص أرض الضبعة لإنشاء محطات نووية بعد أن كان من المقرر إنشاؤها في برج العرب لكن المجلس المحلي رفض فتقرر نقلها لسيدي كرير فاعترض محافظ الإسكندرية وقتها وقال إن سيدي كرير ستكون امتدادا للإسكندرية، لكن في الضبعة وافق المجلس المحلي فعرض موظفو هيئة المحطات النووية تعويضات علي أصحاب الأراضي مقابل نزع ملكية الأرض. وتم تقدير عدد الأسر الموجودة في الضبعة وقتها ب470 أسرة، كانت التعويضات تقدر وفقا لعدد الشجر المزروع في الأرض، لم يستجب لهم من يملك الارض وفقا لعقود رسمية، لتقدر الهيئة قيمة التعويضات ب19 مليون جنيه صرف منها 4 ملايين جنيه عام 1997. واستمر هذا الوضع حتي عام 2003 حتي قام الفريق محمد الشحات محافظ مطروح وقتها بطردنا من أرضنا وهدم المنازل وتجريف الأراضي، وبني السور حول الموقع ومنعنا من الدخول ومباشرة زراعتنا ورعاية أغنامنا. ومع قيام ثورة 25 يناير 2011 بدأنا نطالب بحقوقنا ودخلنا في اعتصام مفتوح أمام المحطة في 10 نوفمبر 2011 بعد عدد من الاعتصامات ووقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقنا. المشروع النووي علي مدار 30 سنة هو مشروع علي الورق فكانوا يقومون بعمل مناقصات وهمية وإنشاءات لا وجود لها وتسرق الأموال المخصصة لها فقد كانوا يمهدون طريقا طوله خمسة كيلومترات علي مدار 3 سنوات والأكثر من هذا تحول المشروع لمصيف تابع لهيئة المحطات النووية تأتي في الصيف أتوبيسات من جميع أنحاء الجمهورية تقل أسر موظفي هيئة المحطات النووية،ونحن ممنعون من الصيد أو حرث الأرض أثناء الاعتصام تواصل معنا عدد من العلماء ليشرحوا لنا مخاطر إنشاء المحطة النووية، بدأنا نشعر بالخوف لأنه من الممكن أن نهجر مرة أخري من المكان الذي نعيش فيه الآن، وظهرت العديد من الأسئلة التي لا نعرف لها إجابة ومنها أين ستدفن النفايات النووية. بعد الاعتصام الذي استمر شهرين تم عمل اتفاق يقضي بتشكيل لجنة علمية فنية اجتماعية تدرس المشروع وترفع تقريرها لمجلس الشعب لاتخاذ القرار المناسب بشأن المشروع ووقع علي هذا الاتفاق ممثل عن الضبعة و المحافظة ومديرية أمن مطروح والجيش وممثل عن هيئة الطاقة النووية ولكن توقف الأمر بعد حل مجلس الشعب. أثناء إجراء انتخابات مجلس الشوري حصل احتكاك بين الشباب في الضبعة وقوات حماية اللجان الانتخابية فتطور الأمر وقام الأهالي بهدم السور الذي يحيط بأرض المحطة النووية،أمر قائد المنطقة الشمالية بتراجع القوات ودخول الناس لأرض المحطة،فكانت كل عائلة تقوم بحماية المبني الذي يقع في أرضها بمعاونة عدد من أفراد الأمن المركزي وهدأ الأمر ولكن عندما أمر رئيس هيئة الطاقة النووية العاملين بإخراج كل المهمات والمتعلقات من المباني الإدراية قام عدد من الأهالي بالاتصال بتجار الخردة فهدموا المباني الموجودة داخل الأرض المخصصة للمشروع النووي للحصول علي الحديد. اتصلنا وقتها بمدير الأمن وهيئة الطاقة النووية لاستلام مبني محطة تحلية المياه وبالفعل قام العمال بإخلاء المحطة. ذهبنا مع الشيخ مستور لأرض المحطة النووية لنجد سورالمحطة الذي أنشئ عام 2003 قد تهدم تماما، لم نجد أيا من القوات المسلحة غير نقاط حرس الحدود لنعرف أن الجيش لم يتسلم الأرض بعد. أرض شاسعة لا تكاد تميزها عن غيرها زراعات الزيتون والتين جفت وحرقت بجوار عدد من الآبار التي حفرت في عهد الرومان، بعض الأراضي عليها لافتات كتب عليها أرض مسجلة بعقد يرجع تاريخه لعام1960 وجدنا منزلا بسيطا بني وسط أرض شاسعة ذهبنا لصاحب البيت عندما تعرف علينا قال لسنا مغتصبين للأرض فهذه أرضنا وعدنا إليها فقد هدمنا كل مباني الهيئة كما هجرونا من منزلنا وجرفوا أرضنا ومنعنوا حتي من رؤية البحر حتي مقابر أمواتنا كنا نمنع من زيارتها لذا في أول يوم دخلنا فيها الأرض ذهب كل الأهالي لقراءة الفاتحة لموتاهم.