بوتىن.. مرشح لنوبل للسلام أثار ترشيح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رجل روسيا القوي، لنيل جائزة نوبل للسلام جدلاً واسعاً علي مواقع التواصل الإجتماعي تويتر والفيس بوك والأوساط السياسية، فانقسمت الآراء بين مؤيد ومعارض، فمنهم من يري أنه يستحق الجائزة أكثر من نظيره الأمريكي باراك أوباما التي نالها عام 2009 علي تصريحاته وخططته نحو عالم أفضل، فيما عمل بوتين علي إحباط محاولات واشنطن بشن حرب عالمية ثالثة، وأبعد شبح الحرب عن سوريا، مثلما كان له دور سلمي كبير تجاه عدة قضايا في روسيا والعالم وأحدث توازناً دولياً جديداً. ومنهم من يراه الداعم الأول لنظام بشار الأسد المتهم بارتكاب جرائم وعمليات قمع وتعذيب ضد شعبه منذ قيام الثورة السورية عام 2011 هذا بالإضافة إلي الحرب التي شنها علي جورجيا وفي الشيشان. بينما رفض البعض الآخر أن يتساوي الرئيس الروسي، الذي يسعي إلي الهيمنة علي العالم، بمن حازوا علي هذه الجائزة نتيجة جهودهم لإرساء السلام حوله، مثل نيلسون مانديلا ومارتن لوثر كينج وجيمي كارتر وكوفي عنان. كشف "بسلان كوباخيا" رئيس "الأكاديمية الدولية للوحدة الروحية وتعاون شعوب العالم" ومجموعة من النشطاء الروس الأسبوع الماضي عن ترشيحهم للرئيس بوتين لنيل جائزة نوبل للسلام وأنهم بعثوا برسالة بهذا الخصوص إلي لجنة نوبل سبتمبر الماضي. وفي مؤتمر صحفي، قال "كوباخيا" إن بوتين رجل سياسة حكيم ومتوازن، وهذا يتلاءم مع الشروط لمن تمنح له نوبل للسلام، التي منحت لأوباما عام 2009 لأنه فقط أقام مناخاً جديداً في السياسة الدولية. وأوضح أن بوتين بذل أقصي الجهود للحفاظ علي السلم والهدوء علي الأراضي الروسية ويساهم بفعالية في تسوية النزاعات الدولية، مشيراً إلي عمله لتفادي شن هجمة عسكرية من الولاياتالمتحدة ضد سوريا. وأضاف أن الرئيس الروسي سعي طيلة السنوات الماضية لتحقيق السلم في مدينة بيسلان الروسية وفي جمهورية أوسيتيا الجنوبية. ويري موقع »Think progress« الأمريكي، أن بوتين يستحق هذه الجائزة بعد أن عارض هجوم "حلف شمال الأطلسي" الناتو علي ليبيا لوقف العقيد معمر القذافي عن قتل آلاف الليبيين. وأضاف، وفقاً لمرشحي بوتين، فإنه يستحق الجائزة أكثر من أوباما، الذي واصل قيادة عمليات عسكرية أمريكية بما فيها هجمات الطائرات بدون طيار التي قتلت المدنيين والمواطنين الأمريكيين في الخارج. وعلي النقيض، استخدم الرئيس الروسي حق الفيتو في مجلس الأمن مراراً وتكراراً وأصر علي أن المتمردين السوريين عليهم تحمل مسؤولية متساوية عن أعمال العنف الدائرة في سوريا. كما أيد "إيوسف كوبزون" المغني والنائب هذا الترشح، مقارناً بين بوتين وأوباما. ووفقاً لوكالة روسيا اليوم، تساءل "كوبزون" كيف تمنح جائزة السلام للرئيس الأمريكي الذي وافق علي استمرار الحرب في العراق وأفغانستان وليبيا، كما يستعد الآن لغزو سوريا، فيما لم تمنح لبوتين، الذي يحاول وقف إراقة الدماء الذي ساعد في حل النزاعات بالحوار السياسي. ولهذا، أكد الكثيرون علي وجود انتقادات واسعة علي مدار التاريخ يتم تسييس هذه الجائزة من أجل تحقيق وأهداف وخدمة مصالح الغرب أولاً دون الالتفات إلي اهتمامات الشعوب الأخري حيث بات هناك عالم تحكمه موازين وقوي مختلفة وأصبح هناك خلل في المعايير الدولية. وأعلن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو تأييده لمبادرة ترشيح بوتين لنيل الجائزة، مشيداً هو الآخر بدوره في تجنب الحرب في سوريا. وقال مادورو إنه إذا كان هناك من يستحق جائزة نوبل للسلام في هذه اللحظة التاريخية فإنه الرئيس الروسي، الذي ساعد علي وقف الحرب ضد الشعب السوري. ويبدو أن الروس وحدهم من يرون بوتين جديرا لنيل هذه الجائزة. فالمراقبون يصفون الدور الروسي مؤخراً ليس محبطاً ومعطلاً للحل في سوريا فحسب، بل يدل عن تورط بسبب دعمه للأسد ونظامه سياسياً وعسكرياً، بالرغم من عمليات القتل والتدمير بحق شعبه السوري. فاستطاعت موسكو استخدام حق الفيتو في مجلس الأمن، حتي يتبدي لها وقت تستغله لصالحها. حيث يري المراقبون أن نجاح مساعي روسيا في حل الأزمة السورية، تدعم وتقوي صورة بوتين داخلياً وخارجياً. ولهذا يري البعض أن رجل المخابرات الروسية السابق يحاول اللعب بجميع الأوراق الدبلوماسية، وهو ما سمح له بقيادة روسيا منذ أكثر من عقد بيد من حديد، فضلاً عما يمتلكه من الحنكة السياسية جسدتها طموحاتها المحلية والدولية التي تمهد الطريق لإعادة توازن القوي مع الغرب وخاصة أمريكا من خلال التطور الاقتصادي والعسكري المتصاعد في الآونة الأخيرة، وهذا ما جعله من أبرز الشخصيات تأثيراً في العالم علي المستوي السياسة في الوقت الراهن. ففي هدوء كبير، وبخطي ثابتة ظل يعمل بويتن منذ سنوات علي تنفيذ مخطط سياسي محكم لإعادة إحياء الاتحاد السوفيتي السابق بما يمكن الدب الروسي من لعب دور أكثر قوة ونفوذاً وتأثيراً في مواجهة الهيمنة الأمريكية. ففي ربيع العام 1991 استيقظ العالم علي نبأ انهيار "فعلي" للاتحاد السوفيتي السابق، وتفتته إلي عدة دول وجمهوريات.. ما وصف وقتها بأنه أكبر كارثة جيوسياسية في القرن 20، أدت بلاشك إلي الإعلان عن عالم القطب الأوحد بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وعلي الرغم من مرور أكثر من 20 عاماً علي هذا الحدث إلا أن الدب الروسي لايزال يحلم باستعادة أمجاده، ومن ثم إحياء الاتحاد السوفيتي من جديد، مما يعني ببساطة اعتدال ميزان القوي العالمي مرة أخري. فمنذ قرار روسيا التخلي عن فكرة الاندماج مع العالم الغربي، تطرح روسيا نفسها كقوة عظمي ذات مكانة عالمية وهي تطمح في أن تشارك في قيادة العالم إلي جانب الولاياتالمتحدة وأوروبا في القرن 21. ويؤكد المحللون السياسيون أن الرئيس الروسي يواجه العديد من التحديات والمشكلات السياسية سواء علي الصعيدين الداخلي والخارجي، فقد زادت الخلافات بين موسكووواشنطن بسبب الأزمة السورية وقضية العميل السابق لوكالة المخابرات الأمريكية "سي آي إيه" إدوارد سنودن، لذا يري أغلب المحللين أن بوتين يقود روسيا بقبضة حديدية كونه يسلك ايدلوجية سياسية جديدة باعتماد اتجاهات عديدة في السياسة الخارجية من خلال مبدأ المصلحة السياسية، إلي جانب تقوية نفوذه داخلياً، بصورة ناعمة، وهذا يوضح طموح بوتين بتحقيق هدفه وهو العودة إلي الأمجاد السوفيتية السابقة. فيما رأت صحيفة قالت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، أن الرئيس الروسي، رشح للجائزة رغم دور "موسكو"، باعتبارها المورد الرئيسي للأسلحة، لنظام الأسد. وأضافت الصحيفة، أن سياسات "بوتين"، تتميز بالسعي بنشاط لتسوية جميع النزاعات التي تنشأ علي هذا الكوكب، لافتة في الوقت ذاته، إلي أن الأكاديمية الدولية للوحدة الدينية والتعاون بين الشعوب، لم تشر إلي "حملة بوتين" العنيفة ضد الانفصاليين في الشيشان، أو الحرب التي شنها علي جورجيا. وقامت بتسليط الأضواء فقط علي جهوده بمنع قيام غارة أمريكية علي الأراضي السورية في أعقاب الهجوم الكيمائي علي الغوطة بدمشق في أغسطس الماضي، بحسب الصحيفة البريطانية. وسخر جون بودهوريتز، الصحفي بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عندما عارض بوتين قرار واشنطن بشن هجمة ضد بشار، قائلاً "إن الرجل الذي شن عمليات عسكرية في جورجيا والشيشان، من دون تفويض من الأممالمتحدة، يقول الآن إن شن حرب من دون مجلس الأمن هو غير قانوني". وخلال تاريخها، تم منح الجائزة مرتين لمواطنين روس، الأولي عام 1975، للعالم النووي أندري ساخاروف، لدفاعه عن حقوق الإنسان وضحايا السياسة. والثانية عام 1990، من قبل رئيس الاتحاد السوفيتي ميخائيل جورباتشوف بعد أن شارك الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريجان في إنهاء الحرب الباردة. ولم يكن بوتين الروسي الوحيد الذي تم ترشيحه هذا العام للفوز بجائزة دولية كبري، مثل سنودين الذي حصل علي حق اللجوء المؤقت لموسكو، و"ميخائيل خودوركوفسكي" الرئيس السابق لشركة "يوكوس" النفطية العملاقة والمعارض لبوتين، بجائزة "ساخاروف" التي تمنح من قبل البرلمان الأوروبي لتكريم أنصار حقوق الإنسان وحرية التعبير.