نحن ننزلق بسرعة مدهشة إلى دولة فاشية كاملة الأوصاف، وجميع الأطراف مسئولة مسئولية كاملة عن هذه الكارثة. ظهر الاثنين الماضى ذهب حمدين صباحى مؤسس التيار الشعبى للحديث أمام طلاب كلية الهندسة بشبرا، فحاول طلاب معارضون له إفساد اللقاء، وهتفوا وسبوا، طلب منهم ان يتحاوروا، اتهموه بأنه يؤيد بشار الأسد، فقال لهم «اننى قلت أكثر من مرة إننى ضد مجازر الأسد ومع وحدة سوريا». الغريب أن بعض وسائل الإعلام احتفت بالحدث باعتبار أن «الطلاب الشرفاء طردوا حمدين صباحى أحد قادة جبهة الخراب من الكلية». فى اليوم نفسه كان مقررا انعقاد لقاء بعنوان «المشروع الإسلامى والصراع السياسى» فى اكاديمية القاهرةالجديدة بحضور مختار نوح وكمال الهلباوى وأستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر د. أحمد كريمة. عامر الوكيل مدير منتدى أمل مصر حصل على الموافقة الكتابية من إدارة الاكاديمية على عقد اللقاء ثم فوجئ بأنها تراجعت عن عقد اللقاء، دون ابداء أى أسباب. منتدى أمل مصر عقد 4 لقاءات مشابهة قبل ذلك فى جامعات مختلفة هدفها كما يقول الوكيل هو النقاش الموضوعى بين الطلاب والشخصيات العامة. قبل ذلك بأسبوع تعرض أستاذ العلوم السياسية والسياسى البارز الدكتور عمرو حمزاوى لاعتداء غاشم فى جامعة بنى سويف. وقبله تم إلغاء ندوة مصطفى النجار ووائل غنيم فى جامعة المنصورة لأسباب أمنية. التحرش والفاشية ليسا موجهين فقط ضد الليبراليين كما يعتقد البعض، بل إن ليبراليين أو يساريين تم اتهامهم بمحاولة إفساد لقاء القيادى الإخوانى الدكتور محمد البلتاجى فى جامعة حلوان فى نوفمبر الماضى. إذن الأمر باختصار ان هذه اللعبة الجهنمية لا فائز فيها، الجميع خاسرون، ومن سوف يشجع العنف ضد هذا السياسى اليوم سوف يجد نفسه يتعرض لعنف مماثل وربما أشد غدا. لكن هل ما يتعرض له السياسيون من عنف أمر مفاجئ أو وليد اللحظة؟!. المؤكد ان ذلك ليس كذلك، عندما لم تتم إدانة مهاجمة حزب الوفد وجريدة الوطن ومدينة الإنتاج الإعلامى ومحاصرة المحكمة الدستورية بصورة جادة وحازمة وحاسمة، كنا نضع بذور الفاشية فى التربة السياسية. وعندما شجع البعض قذف وزارة الداخلية وقصر الاتحادية، ومهاجمة موكب رئيس الجمهورية كنا نضع بذورا مماثلة للفاشية، لا فرق بين ان الأولى فاشية متسترة بالدين، والأخرى فاشية متسترة بالليبرالية. فى البدايات شجعنا العنف اللفظى وحروب التشويه والشيطنة عبر الإعلام، وبعدها بدأت مهاجمة المقار بالمولوتوف، والآن يتم التهجم على السياسيين فى الجامعات ومقار الندوات. إذا استمر هذا المنوال فالطبيعى ان تكتسب الفاشية أرضا جديدة، ولا نستبعد ان يتم محاولة قتل سياسيين من قبل غوغائيين ومتطرفين فى أى اتجاه. هذا مجرد تحذير موجه للجميع، ونطلقه حتى لا نتفاجأ به فى الغد أو بعد الغد. الشحن المستمر والشيطنة الدائمة، مع عقليات متطرفة هنا وهناك كفيلة بخلق قتلة جاهزين ليس فقط لتنفيذ أوامر، بل المبادرة بالفعل باعتباره عملا فى سبيل الله، أو فى سبيل القضية أو فى أى سبيل. إذا أدرك الجميع وايقن انه لن يكسب من هذه الفاشية مهما فعل، فربما يتوقفون عن صب البنزين على النار المشتعلة أصلا. لو قرأ هؤلاء التاريخ لأدركوا ان الفاشيين يحترقون فى النهاية بالنار التى اشعلوها.