وصلنا إلى الجراج وما إن أنزلنا الجوال إلى الجراج حتى انقطع التيار الكهربى، فاقترح سائق التاكسى أن نلقى بالجوال فى الجراج ونغلق الباب ونذهب إلى بيته القريب لتناول وجبة، رحبت بالدعوة إذ كنت أتضور جوعا. اصطحبنا سائق التاكسى مشكورا وقال لوالدته التى فتحت لنا الباب: ده البرادعى ياما، وده حمدين صباحى، احنا خاطفين الرئيس ياما... فرقعت السيدة زغرودة، وخرجت من الشباك تقول لجاراتها: ابنى منادل وخاطف الرئيس.. فجاوبنها النساء بالزغاريد. بعد أن تناولنا الطعام، أصرت السيدة على دعوة الرئيس المخطوف لتناول الطعام، مؤكدا أنها إنما تقوم بواجبها، اضطر سائق التاكسى على مضض للذهاب لإحضار الجوال، وذهب معه حمدين ليساعده. طلب البرادعى من السيدة الفاضلة أن تفتح لنا التليفزيون لنتابع الأخبار. شاهدنا فى التلفاز مؤتمرا صحفيا لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، حيث وقف على المنصة وفى الخلفية صورة لمصابى معتصمى الاتحادية، يعرضها بوصفهم «إخوان»، ثم قام بعرض تسجيل مصور لى وأنا أنتزع ال«آى فون» من يد البرادعى وأضرب به رأس الجوال، ثم ألقيه تحت عجلات إحدى الحافلات، وادعى أن ال«آى فون» هو ملك لابن الرئيس، وأننا قمنا بسرقة ال«آى فون» لتفتيشه، وأن البرادعى طمع فى ال«آى فون»، لكننى خشيت أن يتم تتبعنا به، فألقيت به تحت عجلات إحدى الحافلات، وأنهى كلمته بصوت مؤثر قائلا: وما ذنب ال«آى فونات»؟ احمرت وجنتا البرادعى غضبا وهو يقول: ال«آى فون» ده بتاعى الكداب ده... فأجبته: يعنى هو ده اللى هامك؟ ده مش مهتم إن الرئيس مخطوف وطمع فى ال«آى فون». طرق الباب ودخل كل من حمدين وسائق التاكسى وهما يحملان الجوال الذى فيه الرئيس، وما إن فتحا الجوال وخرج منه الرئيس حتى شعرنا بهزة فى العقار، فصرخ سائق التاكسى: البيت بيقع ياما... من حسن الحظ أن السائق كان يقطن فى الدور الأرضى مما مكنّا من الهروب بسرعة، تاركين خلفنا الرئيس تحت ركام العقار المنهار. أعلنت الجماعة النفير العام مرة أخرى، وأطلقت فيلقا من الفرقة 95 بقيادة البلتاجى، لإنقاذ الرئيس المخطوف، وتمكنت الجماعة من تتبعنا، حيث جندت صبيا خبازا يتتبعنا بالعجلة، وقد أرشد عن مكاننا، إذ فوجئنا بالبلتاجى ومعه مجموعة من شباب الإخوان يقفون فى مواجهاتنا وهم يقولون: «حانقتلكو.. فين الرئيس؟»، فأخبرناهم بمكان الرئيس بالضبط، فطلب البلتاجى من أحمد المغير أن يتحفظ علينا فى أثناء قيامه هو وبقية الشباب بإنقاذ الرئيس. عرضت على أحمد المغير قالب شوكولاتة كبير بالبندق، فى مقابل أن يتركنا لحال سبيلنا، فأبى، فأضاف حمدين إنه سيعطيه إلى جانب القالب برطمان مربى توت، وعلبة قشدة، فنظر المغير متشككا إلى حمدين: فين؟ فقال حمدين: تعالى معايا وأنا أديهم لك.. فقال المغير: يا سلام.. علشان نوارة والبرادعى يهربوا؟ فقال له حمدين: يا سيدى أنت مش معاك مسدس؟ لو هربوا ابقى اقتلنى... فابتسم المغير ثم سار مع حمدين، فركضنا أنا والبرادعى، فالتفت المغير إلينا: يا ولاد ال.... فقام حمدين باختطاف العصا من يده وضربه على رأسه ثم تبعنا. اقتربنا من اعتصام الاتحادية، ثم طلب منا البرادعى أن نقترب بحرص من الاعتصام، فعناصر الإخوان لا بد وأنها تحتل المكان الآن، أكدت للبرادعى أن الوقت صار متأخرا، وأن الإخوان لا ينامون فى ساعة متأخرة. كان تخمينى صحيحا، حيث وجدنا حافلات الإخوان قد تحركت من أماكنها، فعدنا إلى الاعتصام آمنين، علمنا من زملاء الاعتصام أن عددا من المصابين يرقد الآن فى المستشفى، وأن مندوبا من الجماعة يجلس فى قاعة الاستقبال ليسجل كل مصاب فى قائمة «الحرية والعدالة». جلسنا نرتاح بعد هذا اليوم الشاق، أخرجت هاتفى المحمول الذى كنت أغلقته لأفتحه وأتابع أخبار فرقة الإنقاذ التى ذهبت للرئيس، فتحت الهاتف، وعلمت عبر «تويتر» أن فرقة الإنقاذ ماتت عن آخرها، حيث إن الفرقة دلفت إلى العقار المنهار، فداس أحدهم على سلك كهرباء واقع فى الماء، بينما وقعت بعض أحجار العقار المتهدم فوق رأس ثلاثة وقتلتهم، ولم يبق إلا البلتاجى وعبد الرحمن عز، قاما بإخراج الرئيس من تحت الأنقاض، والذى لم يصب بخدش، وما إن خرجوا إلى الشارع حتى قامت سيارة لورى بدهس البلتاجى وعبد الرحمن.. بينما استقل الرئيس «توك توك» ليوصله إلى القصر. شعرت بإحباط، فأغلقت «تويتر». لمحت إشارة لرسالة لم أقرأها، فتذكرت أنها رسالة شفيق، فتحتها لأجد شفيق قد كتب فيها: من أسد إلى فهد، تم إلغاء العملية، الهدف نحس وحايفقركو أنتو وأنصاره. تم.