إقبال ملحوظ على لجان الاقتراع بالسويس في اليوم الثاني لانتخابات الإعادة    التعليم العالي: انضمام 11 فرعا جديدا إلى قائمة الجامعات الأجنبية بمصر    سد النهضة وتسوية الأزمة السودانية تتصدران قمة السيسي والبرهان اليوم بالقاهرة    اسعار الفاكهه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى أسواق المنيا    وزيرة التنمية المحلية ومحافظ قنا يفتتحان محطة مياه الشرب بقرية حجازة بحري    تخصيص قطع أراضي لإقامة مدارس ومباني تعليمية في 6 محافظات    أمين مجلس الجامعات الأجنبية تتفقد فرع جامعة جزيرة الأمير إدوارد    وزير الاتصالات يفتتح مقر مركز مراقبة الطيف الترددي بمحافظة الجيزة    استهداف سيارة عبر طائرة مسيّرة في مرجعيون بجنوب لبنان    الزراعة: ضبط 7.4 طن أسمدة مهربة للسوق السوداء في حملات موسعة بالأقصر وكفر الشيخ    إخماد حريق داخل مزرعة دواجن بالفيوم.. وتحرير محضر بالواقعة    تجديد حبس 4 سيدات بتهمة ممارسة الأعمال المنافية للآداب في التجمع    إصابة 4 أشخاص والبحث عن مفقودين في انهيار عقار من 5 طوابق بالمنيا    مصرع موظف بشركة السكر وإصابة 4 آخرين في مشاجرة بنجع حمادي    صحة الدقهلية نجاح فريق طبي بمستشفى السنبلاوين فى إعادة بناء وجه وفكين لمصاب    صحة المنيا: تقديم أكثر من 136 ألف خدمة صحية وإجراء 996 عملية جراحية خلال نوفمبر الماضي    "متسخنوش الملوخية والأرز".. نصائح وتحذيرات مهمة للتعامل مع الأطعمة    محافظ كفر الشيخ يعلن فتح اللجان الانتخابية في ثانٍ أيام جولة الإعادة بانتخابات النواب 2025    رئيس الوزراء يصدر قرارًا بإسقاط الجنسية المصرية عن 3 أشخاص    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الخميس 18 ديسمبر 2025    مصدر بالصحة: الدفع ب10 سيارات إسعاف في حادث مروري بدائري المنيب صباح اليوم    بعد تداول منشور حزبي.. ضبط متطوعين خارج اللجان بزفتى بعد ادعاءات بتوجيه الناخبين    وزير العمل يلتقي رئيس اتحاد الحِرَف والمنشآت الصغيرة الإيطالي لتعزيز التعاون في التدريب المهني وتشغيل العمالة المصرية    الائتلاف المصري لحقوق الإنسان: انطلاق اليوم الحاسم لجولة الإعادة وسط تصويت محسوب واستقرار أمني    أستاذ علوم سياسية: التوسع الاستيطاني يفرغ عملية السلام من مضمونها    السفير السعودي: شراكة مؤسسية وتعاون دبلوماسي بين المملكة ومصر في خدمة اللغة العربية    عام استثنائي من النجاحات الإنتخابية الدولية للدبلوماسية المصرية    وزير الثقافة يبحث تعزيز التعاون الثقافي مع هيئة متاحف قطر ويشارك في احتفالات اليوم الوطني    سنوات من المعاناة والغياب عن الأضواء في حياة نيفين مندور قبل وفاتها المأساوية    أمريكا توافق على مبيعات أسلحة بقيمة 11.1 مليار دولار لتايوان    مركز التنمية الشبابية يستعد للبطولة التنشطية لمشروع كابيتانو مصر    الكوكي: الأهلي المرشح الأبرز للدوري وبيراميدز أقرب منافسيه    انطلاق تصويت المصريين في اليوم الثاني لجولة الإعادة للمرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب    وزير الصحة: الذكاء الاصطناعى داعم لأطباء الأشعة وليس بديلًا عنهم    من تخفيض الفائدة إلى مكافأة المحارب.. أبرز وعود ترامب لعام 2026    سلطة ساندوتش طعمية تشعل مشاجرة تنتهي بجريمة قتل في مطعم بالمنصورة    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة على الطرق.. اعرف تفاصيل حالة الطقس اليوم    سعر جرام الذهب صباح اليوم الخميس، عيار 21 وصل لهذا المستوى    عاجل- السيسي يستقبل الفريق أول عبد الفتاح البرهان لبحث تسوية الأزمة السودانية وتعزيز التعاون الثنائي    مودرن سبورت يتحدى البنك الأهلي في كأس عاصمة مصر    انخفاض ملحوظ، درجات الحرارة اليوم الخميس في مصر    راشد الماجد يشعل حفله في مصر ويهدي أغنية ل ملك السعودية: "عاش سلمان" (فيديو)    الاحتلال الإسرائيلي يعتقل شابين خلال اقتحامه بلدتي عنبتا وكفر اللبد شرق طولكرم    إدارة ترامب تسخر من بايدن بلوحة تذكارية على جدار البيت الأبيض    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 18ديسمبر 2025 فى المنيا.....اعرف صلاتك    خالد أبو بكر يدعو الجماهير والأندية لدعم الزمالك.. جزء من تاريخ مصر    النواب الأمريكي يرفض مشروع قرار لتقييد صلاحيات ترامب    غياب الزعيم.. نجوم الفن في عزاء شقيقة عادل إمام| صور    سوليما تطرح «بلاش طيبة» بالتعاون مع فريق عمل أغنية «بابا» ل عمرو دياب    يلا شووت.. المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025: صراع تكتيكي على اللقب بين "أسود الأطلس" و"النشامى"    كأس العرب، موعد النهائي التاريخي بين الأردن والمغرب    أبناء قراء القرآن يتحفظون على تجسيد سيرة الآباء والأجداد دراميًا    اقتحام الدول ليس حقًا.. أستاذ بالأزهر يطلق تحذيرًا للشباب من الهجرة غير الشرعية    ما حكم حلاقة القزع ولماذا ينهى عنها الشرع؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    18 فبراير 2026 أول أيام شهر رمضان فلكيًا    أسوان تكرم 41 سيدة من حافظات القرآن الكريم ضمن حلقات الشيخ شعيب أبو سلامة    ريال مدريد يبدأ رحلة كأس ملك إسبانيا بمواجهة تالافيرا في دور ال32    باريس سان جيرمان وفلامنجو.. نهائي كأس الإنتركونتيننتال 2025 على صفيح ساخن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوارات : طبيب محمد حسنى مبارك فى حوار : الرئيس السابق مريض بالسرطان.. لكنه صلب
نشر في أخبار النهاردة يوم 20 - 12 - 2012

حكايات وروايات كثيرة بعضها حقيقى، وآخر من نسج الخيال، ترددت عن طبيعة إقامة الرئيس مبارك فى المركز الطبى العالمى، لكن الشهود الحقيقيين عن تلك الفترة، لم يتحدثوا بعد، ويفندوا تلك الحكايات. أحد هؤلاء هو ياسر عبدالقادر، أستاذ الأورام والأمراض السرطانية بقصر العينى، المعروف بطبيب المشاهير، الذى التقته «الوطن» وأجرت معه حوارا شاملا عن حقيقة الحالة الصحية للرئيس السابق ووثقنا شهادته عما كان شاهدا عليه فى فترة إشرافه على علاج «مبارك» أثناء فترة حبسه احتياطيا بالمركز الطبى العالمى قبل صدور الحكم ونقله إلى مستشفى سجن طرة.
* قيل كلام كثير عن صحة الرئيس السابق مبارك ومدى إدراكه للواقع المحيط به، ما مدى هذا الإدراك؟ وهل هو حاضر الذهن وواع لما يدور فى مصر أم منعزل عنه بحكم المرض؟
- الرئيس السابق واع وحاضر الذهن ولياقته الذهنية عالية وليست متأثرة بتقدمه فى السن على وجه الإطلاق، ولكى أكون أمينا، فأنا لم أتطرق معه فى الحديث عن الأحداث السياسية، وكانت العلاقة بينى وبينه علاقة جادة ومحترمة من الطرفين، يغلب عليها الطابع الإنسانى فى المقام الأول والطابع العلمى فى المقام الثانى، والعلم والإنسانية لا ينفصلان وهو ما أقوله دائما وهو ما تعلمته من أساتذتى فى مهنة الطب، وأذكر فى هذا المقام واقعة، كنت زمان أساعد أستاذنا الراحل الدكتور محمود محفوظ وكان يسمح لى برؤية الأميرة السابقة فائقة فؤاد شقيقة الملك السابق فاروق، وكانت فى محنة صحية ونفسية قاسية، خاصة أن هؤلاء كانوا يعتبرون أنفسهم أصحاب البلد وقتذاك، ولم أكن أتطرق معها إطلاقا للحديث السياسى، لأنك لو تطرقت معها لحقيقة الأحداث الجديدة، فستشعرها بحرمان من أشياء كانت فى يدها وستؤذيها نفسيا، لذا لم أتعمد الحديث مع مبارك فى أى حوار فى غير ما يخص صحته.
* وهل كان يبادلك الاهتمام بحالته الصحية؟
- نعم كان دقيقا وحريصا على كافة تفاصيل حالته الصحية، وكان عارف صحته ماشية إزاى، وعارف البيانات الخاصة به جيدا، وأعتقد أن الطابع العسكرى كان غالبا على تكوينه الشخصى حتى فى محنته المرضية.. وكان عارف كل حاجة عنده وعارف تفاصيلها وعارف كل شىء بدقة متناهية.
* هل حالة الرئيس السابق أثناء حضوره جلسات المحاكمة كانت تستدعى استلقاءه على سرير طبى كما ظهر فى التليفزيون؟الحراسة كانت مخففة عليه فى الأيام الأخيرة.. لدرجة أن مواطناً دخل عليه الجناح بالصدفة
- لكى أكون دقيقا، هذا ليس تخصصى.. لكن أنا شفته وشفت كل الأمراض المصاحبة لمرضه الأساسى الذى يعنينى، وأعرف أنه بالفعل يعانى ضمورا شديدا فى عضلات قدميه يجعل من الصعب جدا عليه الوقوف أو الجلوس لفترة، وزاد الضمور أثناء وجوده بالمركز الطبى العالمى، لحضوره جلسات متكررة، وعدم انتظامه فى جلسات العلاج الطبيعى، ومن الأمانة أن أقول إنه لم يكن متمارضا أو مستعليا ولم تكن لديه حالة جُبن، وهذا ليس دفاعا عنه، لكن حتى المنطق يقول إن الذى شارك فى الحروب ليس فى طبيعته الجبن.
* هل رأيته مهزوما فى أى وقت؟
- أبداً لم أره إلا صلبا ولم أره مهزوما.
* لكن فى نهاية الأمر هو بشر وقد زال ملكه بثورة شعبية، فكيف لا يبدو مهزوما؟
- فيه واقعة غريبة جدا أذكرها للتاريخ، كانت جلسات المحاكمة متكررة فى شهرى فبراير ومارس من العام الماضى، والجو كان باردا جدا وقتها، وبالفعل أصيب الرئيس السابق بنزلة شعبية وارتفاع فى درجة الحرارة، وهذه الحالة لشخص فى سنه، من الناحية الطبية تُلزمه الفراش بلا جدال، لكنه التزم بالنزول وأصر عليه، وقال لى «لازم أنزل، فيه ناس رايحة وناس جاية من المحكمة والمحامين والشهود ولا يجب أن أعتذر»، وهذا ليس دفاعا عنه لكن ما شاهدته، فهو رجل مريض لكنه غير مهزوم، يمكن المرض يهده شوية لكن طبيعة تكوينه يغلب عليها الطابع العسكرى المقاتل.
* فترة بقاء الرئيس السابق بالمركز الطبى العالمى شهدت نشر أنباء وتسريبات عديدة عن إقامته الفخمة هناك، وتعامله هو وأسرته كأنهم ما زالوا فى الحكم، ما مدى صحة هذه الأنباء؟
- الحالة فى المركز الطبى العالمى كانت عبارة عن جناح فى الدور الخامس، مثل أى جناح فى مستشفى كبير أو استثمارى، وهو كان وحيدا طوال الوقت، ليس معه سوى فريق طبى.. وكنت أمر عليه أنا وهيئة تمريض عادية، كل ما قيل عن جاكوزى وحمامات سباحة غير صحيح.
* لكن بعض الصور ظهر بها جاكوزى بالفعل؟
- بعض الصحف نشرت صور جاكوزى، لكن لم تنفرد بصور المريض داخله، إنما هو كان قاعد فى غرفة واحدة وزوجته فقط مرافقة له.
* على ذكر سيرة زوجة الرئيس السابق هناك واقعة نشرت بأنها صفعت إحدى الممرضات لأنها لم تتحدث معها بأسلوب لائق ما صحة هذه الواقعة؟
- كل ما يقال عن زوجة الرئيس السابق فى هذا الموضوع محض افتراء، السيدة تمر بمحنة نفسية لا أحد يختلف على ذلك، ولابد أن هذه الحالة تجعلها غير طبيعية بمعنى عصبية نفسيا ومتضايقة.. لكنها لم تخرج عن اللياقة مع أى حد وعلاقتها بالتمريض والأطباء كانت جيدة وممتازة، ولم تخطئ فى أى أحد أو لم أر ذلك على وجه الإطلاق، كانت دائما تقول لى «كتر خيرك يا دكتور إحنا بنتعبك معانا»، وهى بالنسبة لى زوجة مريض تشكرنى وكنت أرد عليها بشكل كويس طبعا. وكثير من الأقاويل انتشرت وكله نسج من الخيال.
* هل لديك أمثلة على موضوعات عن مبارك كانت من نسج الخيال كما تقول؟
- إحدى الجرائد الشهيرة والكبيرة جدا، سبق وفبركت موضوعا من أوله لآخره ونسبوا لى كلاما لا أعرف من أين أتوا به، وعندما حاولت مقابلة رئيس التحرير لم يكن يستطيع الوصول لمكتبه كرئيس تحرير بسبب الاحتجاجات الداخلية بالجريدة، فتركت الأمر وقلت إذا كان رئيس التحرير لا يستطيع أصلا الوصول إلى مكتبه فكيف أنتظر منه تصويب ما نشره.«سوزان ثابت» كانت تشكرنى باستمرار وتقول «كتر خيرك يا دكتور إحنا بنتعبك معانا»
- جائز.. لكن ما هو مؤكد بالنسبة لى أنه فى ملخص علاجه لم تكن هناك أدوية مهدئة أو مضادة للاكتئاب، ولم أره منهارا إطلاقاً، هذا فى حدود زياراتى، الله أعلم بعد ذلك ماذا يحدث معه.
* لكن من المؤكد أن الرئيس السابق كان يسألك عن أحوال البلد؟
- كنت أتحسس الكلام معه، تحدثنا مرة عن أحداث 18 و19 يناير فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ونحن نقول عليها ثورة، فتحسست وأنا أقول كلمة «ثورة شعب»، وكنت أنتقى الألفاظ لأننى فى النهاية أنظر لعلاقتى بهذا الرجل كطبيب مكلف بمتابعة حالته بأمانة طبية. وقيل أيضاً إنه جرى الضغط علىَّ أثناء تحرير التقرير الخاص بحالته الصحية، وأنا أؤكد أنه لم يضغط علىَّ أحد ولم تمارس أى ضغوط ضدى، ومحامى الرئيس السابق وأسرته كانوا قلقين عليه كمريض لديه تاريخ مرضى بالسرطان.
* بمناسبة التاريخ المرضى للرئيس السابق، عندما سافر إلى ألمانيا للعلاج تدخلت الرئاسة المصرية للتأثير على التقرير لعدم إعلان إصابته بالسرطان، وبعد دخوله السجن، طلبت الأسرة من الطبيب الألمانى التقرير الحقيقى، لكنه رفض أن يعود فيما سبق ذكره، ما مدى صحة ذلك؟
- أنا تسلمت حالة الرئيس السابق منذ وصوله المركز الطبى العالمى، ولا أستطيع أن أقول مدى ثقتى عن حالته قبل تسلمه، لكن الورق المثبت لدىَّ عن التحاليل التى أجراها فى معامل مصرية ومعامل المركز أثبتت مرضه بالسرطان، فلم نكن بحاجة للتقرير بدليل أن اللجنة التى ذهبت لشرم الشيخ من أساتذة الجراحة هى التى قيّمت تبعيا ماذا أضيف لحالته وماذا حُذف بناء على تقارير الجراحين، وقيل فى الصحف إن الطبيب الألمانى جرى تهديده بالقتل وكذا، ولا أعلم مدى صحة تقريره عنه أثناء رئاسته لمصر.
* بخبرتك كطبيب مطلع على حالة الرئيس السابق، هل مستشفى السجن مؤهل فعليا لاستقبال حالته؟
- مستشفى السجن ليس مثل المركز الطبى العالمى، هو فعليا يحتاج لمستشفى مجهز، ويحتاج أشعة مقطعية وأشياء كثيرة جدا شفتها بعينى وغير موجودة بمستشفى السجن.
* قيل أيضاً إنه حدثت واقعة غريبة تعرض لها الرئيس السابق عندما فوجئ وهو فى الجناح بأحد المواطنين يفتح الباب عليه وانتابته حالة ذعر من ذلك؟
- هذه الواقعة صحيحة وأعتقد أنه كان هناك تغيير «نوبتجيات» بالنسبة للحراسة، لكن لم يكن فى الأمر سوء نية على الإطلاق، وما عرفته أنه شخص ضل الطريق والأمر كان صدفة بالنسبة له.
* كيف تحدث صدفة مع شخصية بهذه الأهمية وبهذه الطريقة؟
- الجناح له مدخلان، أحدهما مباشر، ومن الوارد أن أحد الحراس دخل الحمام أو كان يصلى، أثناء صعود هذا الشخص للطابق الخامس، لكنه لم يجد أحدا يستوقفه، أو يسأله عما يريد، ففتح باب الجناح ليجد الرئيس السابق أمامه.
* إلى هذه الدرجة كانت الحراسة مخففة؟
- الحراسة تدرجت، فى الأول كانت قوية جدا، ثم أصبحت متواضعة، وهنا أريد أن أقول إن السجن ليس بأن يكون مكان احتجاز وعليه لافتة باسم السجن، فالسجن أن يجرى عزلك فى غرفة، والعزلة هذه هى السجن الحقيقى بغض النظر عن التسميات، أنا مقتنع بأن مبارك عندما كان فى المركز الطبى العالمى كان سجينا.
* هل انزعج بعد هذه الواقعة؟
- الرئيس السابق كان «حسيس» جدا فى التعامل، وكان قمة فى الأدب والطاعة أيضاً كمريض، وكنت أرد له هذا، لأنى كنت أقف أمام مريض سواء مدانا أو بريئا، ليس بينى وبينه سوى بيانات طبية ومعملية وإشاعات وغيره، المريض مريض، سواء رئيسا أو غفيرا، المهم المرض. لكن كانت العلاقة (متستفة) بينى وبينه الحقيقة جدا جدا.
* أنت معروف بأنك طبيب المشاهير، والمريض الذى تعالجة حكم مصر 30 عاما وهو بين يديك بعد شهور من تركه للحكم، وبالتالى الأمر ليس بهذه البساطة، أليس كذلك؟
- صحيح واللقاء الأول ده كان صعب جدا.
جريدة شهيرة نسبت لى كلاماً مفبركاً.. ولم أتمكن من الوصول لرئيس تحريرها بسبب احتجاجات ضده داخل مؤسسته
* كيف؟
- أنا أستاذ علاج أورام، ووصفك لى ب«طبيب مشاهير» تفضل منك، لكن فى حالة مبارك الأمر خرج عن نطاق الشهرة، وأذكر أننى ذهبت للمرة الأولى إلى المركز الطبى العالمى لأتابع حالة مبارك وقاعد أفكر مع كل خطوة إن «المنصب له هيبة» وإن «حسنى مبارك اللى عاش 30 سنة حاكم ماينفعش هيبته تروح فى يوم»، واكتشفت فيما بعد إن الهيبة صعب تضيع فى يوم أو اتنين، ممكن تروح على مدار سنين، وده مش عيب، هذه سنة الحياة.
* وماذا جرى فى اللقاء الأول به؟
- اللقاء الأول كان صعبا علىَّ جدا، ودارت فى ذهنى صور معينة، وهى التى ذكرتها عن «الهيبة»، وكان لازم أستأسد لأن دى علاقة طبيب ومريض، ولازم واحد يكون سيد الموقف بغض النظر إنه رئيس سابق وأنا طبيب أو أستاذ فى كلية الطب، إنما هو مريض وأنا طبيب. أول 10 دقائق كانت فى غاية الصعوبة، متلخبط أقف ولا أقعد وهكذا انتابتنى هواجس عديدة. أى واحد كان قبل 25 يناير كان يعتقد إن مقابلة الرئيس لها مراسم وبروتوكولات وظيطة وشغلانة، أنا هقابل نفس الراجل نعم خُلع أو تنحى، لكن هو الشكل هو هو.. أنت ترى موقفا آخر، عندك خلفية من الأمور الماضية والمستجدة وفى توقيت مبكر، فى أغسطس 2011، والأمور كانت مربكة بالنسبة لى.
* ما أول جملة قالها لك؟
- قال «أهلا يا دكتور»، و«أنا بتعبك معايا» و«أنا سعدت جدا لما سمعت اسمك فى المحكمة، وسعدت إن أنت هتبقى معايا وتشرف على علاجى» وهنا تأكد لى أنه حاضر الذهن وعارف يعنى إيه محكمة، وسمع ما يقال.
* وهل نجحت فى ترويض المريض حسنى مبارك؟
- مقدرش أقول ترويض، لأنه كان شخصية مختلفة تماما، ومرتب جدا من الناحية الذهنية وحاضر الوعى ويرد بسرعة على الأسئلة التى أوجهها له كطبيب، ويعرف تاريخه المرضى، ويشخص ما يؤلمه، ومخه مرتب للغاية.
* لماذا تبدو متحفظا جدا فى الكلام عن تفاصيل يوميات الرئيس السابق معك وما جمعكما من حوارات؟
- أكيد كان فيه حوارات، مش عارف هل الآن وقت ذكرها أم لا، وهذا ليس خوفا من أحد، لكن الرجل احترمنى، وأنا أيضاً احترمته على المستوى الإنسانى، وهو أخفق لا جدال، وأعترف بأن هناك خطأ، والأسوأ من الخطأ أنك لا تصلحه، ولكن لا تختزل الثلاثين سنة فى سنة على المستوى الشخصى. كان بيننا إطار محترم، قدرته وقدرنى وكنت حريصا جدا وما زلت بعدم الدخول فى تفاصيل أكثر من ذلك.
* هناك واقعة كنت شاهدا عليها، أثناء علاج الفنان الراحل أحمد زكى، مع نجلى الرئيس السابق، ما تفاصيلها؟
- أحمد زكى كان يجهز لعمل فيلم بعنوان «الضربة القوية» عن حرب أكتوبر، وليس «الضربة الجوية» كما أُشيع إعلاميا، لكن ما حدث كان بسبب خفة ظل وتلقائية أحمد زكى، كنا فى المستشفى، فأبلغونا بحضور جمال وعلاء مبارك للاطمئنان عليه فى وجود وزير الصحة، ونقلا تحيات والدهما له، وكان جمال وعلاء جايبين البيانات والأوراق اللى طلبها بخصوص فيلم «الضربة القوية» وفجأة من غير سابق إنذار بدأ أحمد زكى يتكلم بتلقائية، وقال «أنا عملت السادات وعملت ناصر 56 وكان نفسى أعمل ناصر فى عزه فى الستينات، فاضلى أعمل إيه علشان أقفل تاريخ مصر؟» سكتنا جميعا، فإذا به يقول فاضل أعمل سعد زغلول.
* وماذا حدث بعد ذلك؟
- أبدا بعد ما مشيوا سألنى أحمد زكى: هو أنا غلطت؟ قلت له أنت جبت رؤساء مصر كلهم وسعد زغلول زعيم مصر، وجيت لحد مبارك ومجبتش سيرته، قال لى: الصراحة عندك حق. كانت العلاقة بينى وبين أحمد زكى تسمح بهذا، وكان دايما عنده كلمة شهيرة جدا، فجأة كده يقول «المكلمة اشتغلت يتكلم بدون توقف».
* تعتبر أن صداقتك لأحمد زكى أثناء علاجه أكسبتك شهرة؟
- بالطبع.. لأنه كان له الفضل فى مقابلة قداسة البابا شنودة الراحل والأستاذ محمد حسنين هيكل، حتى عندما اطمئن عليه الرئيس السابق جعلنى أرد عليه، ولم أكن أتوقع اهتمام الرئيس بشار الأسد بأحمد زكى لدرجة أنه يتصل بى للاطمئنان عليه، وكل طوائف المجتمع العادية وكل فنانين مصر كانوا على تواصل معى، وأحمد زكى كان له الفضل فى حبهم لى ومعرفتهم بى.
* كيف تتصور الفارق بين فنان محبوب مثل أحمد زكى، وشخصية ثار عليها الشعب غاضبا مثل مبارك؟
- الاثنان متناقضان جدا، واحد يمين، والثانى شمال، أحمد زكى عرفنى بالناس، ومحبوب لكن ترويضه صعب وكان عصبيا جدا، وكان دائما يذكر وصف صلاح جاهين له بأنه مثل «ضفيرة كهرباء عارية، تطقطق وتكهرب»، والتعامل معه كان بحرص شديد، ولم يكن يستطيع أخذ دواء إلا لما أشوفه رغم أنه فى مستشفى فى باريس، ومش معقولة هينصبوا عليه يعنى، كان عنده نظرات ثاقبة فى اللى بيحبه واللى خايف عليه عن اللى مبيحبوش، وكنت بتخانق أنا وأحمد زكى على الفلوس، وأقوله «مش هآخدها»، يقول لى هقطعها، ويجبرنى آخدها، وكان عنده إحساس بعزة النفس، فى مرة عزمته على عيد ميلاده فى شهر أكتوبر، فى مركب سياحى بالزمالك، كنوع من رد الجميل له، وحجزت أكل آسيوى، كان بيحبه، أول حاجة عملها لما وصل حط «الكريدت كارد» بتاعه، أمام الكاشير قبل الدخول، وقال «حذارى حد يدفع الحساب إلا أنا»، أقوله «دا عيد ميلادك يا عم أحمد، تيجى إزاى يعنى» مفيش فايدة، وأنا قلت لصديقه الكاتب الكبير عماد أديب إن «أحمد هيموت وهو فى البلاتوه مش على سرير، وفعلا وقع منى فى المدرسة السعيدية أثناء تصوير فيلم حليم، ثم مات».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.