بعد عشرين شهرا على انطلاق حركة احتجاج شعبية تقمع بالقوة، تحولت إلى ثورة مسلحة، باتت وعود الربيع العربي بعيدة كل البعد في سوريا. وإن لم تنطفئ شرارة الثورة، تحولت الحركة الشعبية والسلمية ضد نظام بشار الأسد شيئا فشيئا إلى حرب دامية، ردا على وحشية القوات الحكومية. وحارب مقاتلو المعارضة الذين يحظون بدعم الغالبية السنية، ببنادق مهربة أو تم شراؤها من ضباط فاسدين. وباتوا يسيطرون على قسم كبير من المناطق الريفية وبعض المدن. وفي شمال غرب البلاد أصبحوا على وشك السيطرة على منطقة شاسعة تمتد من حلب (شمال) حيث تدور حرب شوارع لم تحسم بعد، حتى الحدود التركية. وامتدت حركة الاحتجاج إلى شرق البلاد، لكن المعارك اقتربت خصوصا من دمشق حيث يشن الجيش النظامي عمليات واسعة ضد "الإرهابيين"، التسمية التي يطلقها النظام على مقاتلي المعارضة. وبات الشيخ توفيق زعيم الحزب الإسلامي النافذ في حلب، مقتنعا بأن "النظام يضعف يوما بعد يوم". ويرى أنها "بداية النهاية". والنظام الذي عجز عن استعادة المناطق التي خسرها، تخلى عن الأرياف وكثف الدفاع عن العاصمة والمدن الكبرى والمحاور الاستراتيجية وتقوية المنطقة العلوية على ضفاف البحر الأبيض المتوسط. ويثير مقاتلو جبهة النصرة المنظمين جيدا، إعجاب العديد من السوريين الذين باتوا يعتبرون أن كتائب الجيش السوري الحر "فاسدة". وجذبت جبهة النصرة التي تضم سوريين أساسا، العناصر المتشددة في المعارضة بينهم جهاديون أجانب. وينذر حقدهم "للكفار" وتطرف النظام السوري الذي يستخدم الأداة الطائفية، ب"لبننة" النزاع في سوريا.