نشر موقع جريدة "وول ستريت جورنال" مقالا للورانس نورمان، محرر الشؤون الأوروبية، عن الوضع الحالي بمصر وعلاقته بالاتحاد الأوروبي، جاء فيه إن الاتحاد التقى، برعاية كبار رجال الأعمال والدبلوماسيين والساسة، بنظرائه المصريين ووعد بتقديم دعم مادي بقيمة خمسة مليارات يورو للحكومة المصرية الجديدة والحكومات غير الحكومية والمشروعات الاجتماعية. وكانت المشاركة الأوروبية مكثفة مع كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي ونائبة مفوضية الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، ومبعوث الاتحاد، برناردينو ليون، وعملوا مع عدد من العواصم العربية، كما كانوا على اتصال دائم بالقاهرة. وكان لليون وجودًا دائمًا على الأرض خلال أزمة الانتخابات الرئاسية في يونيو، حيث تأخرت اللجنة في إعلان النتائج وتشككت جماعة الإخوان المسلمين في أن النتيجة يتم تزويرها آنذاك، فالتقى ليون ومجموعة من المسؤولين الغربيين مع جميع الأطراف للحيلولة دون تجنب الإحباط لدى أنصار الرئيس مرسي وتحولها لأحداث عنف. كما لعبت أوروبا دورًا لتهدئة الأجواء، بعدما أقدم الرئيس محمد مرسي على عزل جنرالات مبارك وتجريد المجلس العسكري من قدرته على رفض أو تقييد قرارات الرئيس المدني. وكانت الحجة الأوروبية الثابتة خلال كل هذه الفترات أن مصر هي مسمار الربط في المنطقة، وأن ضمان الانتقال المستقر في مناطق ما بعد الربيع العربي سيسهل الحصول على إرساء قواعد عميقة للدميقراطية. أما الآن فإن الشراكة بين مصر وأوروبا تواجه لحظة الحقيقة، حيث أقدم مرسي في 22 نوفمبر على إصدار إعلان دستوري ضد القضاء المصري، الذي يراه مرتبطًا بنظام مبارك القديم، وذلك بعد أيام من نجاحه في الوساطة لإنهاء أزمة غزة وحصوله على ثناء وإشادة دولية بذلك. وأثار هذا الإجراء غضبًا داخليًا واسع النطاق، وعمل على توسيع الهوة بين أنصار مرسي ومعارضيه ممن يوصفون بالعلمانيين والليبراليين ومؤيدي مبارك. وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانًا قالت فيه إن هذا الإعلان الدستوري يثير قلق العديد من المصريين والمجتمع الدولي، كما قال جون ماكين، مرشح الحزب الجمهوري السابق لانتخابات الرئاسة الأمريكية، إن الولاياتالمتحدة يجب أن تقطع معونتها لمصر إلا إذا تراجع مرسي عن هذا الإعلان الدستوري. في الوقت ذاته لم يكن هناك بيانًا معلنًا من الاتحاد الأوروبي تجاه تلك الأزمة، لكن بشكل خاص صرَّح بعض المسؤولين الكبار بالاتحاد بأن ما فعله مرسي هو "خطأ كبير للعمل من جانب واحد"، لكنهم يرون أنه لا يزال يسير على طريق الديمقراطية. كما أكد أحد المسؤولين البارزين في الاتحاد الأوروبي أن "وجهة نظري الشخصية أنهم ما زالوا يحاولون بناء دولة ديمقراطية، وسأظل أثق بهم من هذا المنظور"، مضيفا: "لم تنكسر ثقتي بنواياهم الديمقراطية، ولكن ثقتي اهتزت تجاه النصائح التي يتلقاها الرئيس". وما يسمعه المسؤولون في بروكسل يوميًا في محادثات مع الرئيس مرسي أنه بمجرد الموافقة على الدستور الجديد من خلال الاستفتاء فإن هذا الإعلان سيسقط تلقائيًا هو وكل ما سبقه من إعلانات دستورية خلال الفترة الانتقالية، كما سيضمنوا دورًا كبيرًا للبرلمان للحد من صلاحيات الرئيس. وتلقى هذه الناحية قبولا كبيرًا لدى بروكسل، خاصة بعدما لاحظوه من دور للقضاء خلال الفترة الانتقالية. كما صرَّح أحد الدبلوماسيين بأن حل الجمعية التأسيسية التي وضعت مسودة الدستور بحكم قضائي سيكون ضربة صعبة جدًا للمرحلة الانتقالية. وكما تقول جودي ديمبسي، إحدى الباحثات البارزات في معهد أبحاث كارنيجي أوروبا، فإن ما هو واضح الآن أن المسؤولين الأوروبيين يخاطرون بشكل واضح في علاقتهم بمصر، حيث أنه إذا ثبت أن ثقتهم بنوايا الرئيس مرسي الديمقراطية ليست في محلها، لن تكون فقط مصداقية الاتحاد الأوروبي على المحك، بل مستقبل الديمقراطية والاستقرار في هذا الجزء من الشرق الأوسط.