نشرت مجلة التايم الأمريكية، اليوم، نص الحوار المطول مع الرئيس محمد مرسي، تكلم فيه عن الأوضاع العالمية والشأن المصري في الأزمة الدستورية الراهنة وكذلك تعرض في حديثه لجماعة الإخوان المسلمين، التي وصفها بالجماعة الديمقراطية. وإلى نص الحوار: ** الآن أنت في بؤرة الساحة العالمية... * الساحة العالمية مليئة بالمصاعب، العالم الآن أصعب مما كان عليه أثناء ثورتكم. العالم معقد وصعب ومتشابك، أشبه في تعقيده بالإسباجتي، والأمور مختلطة، لذلك نحن في حاجة لأن نأخذ الأمور ببساطة وأن نعمل معًا، لأن العالم كله يأمل في السلام، كل أنواع السلام. وأعتقد أنكم تعرفون أن الناس عامة يحبون أن نعمل على حفظ كل معاني السلام. وأنا لا أتكلم عن السلام بمعناه الدارج، ولكن أتكلم عن سلام العقل وراحة البال والقلب، سلام التعايش، السلام الاجتماعي والثقافي، ليس فقط السلام العسكري. ** شكرًا على الاهتمام بالحوار الذي يعد جسرًا جيدًا بين الولاياتالمتحدة ومصر". حينما أتكلم عن الولاياتالمتحدة فأنا أعني المواطنين الأمريكيين، أكثر ما أعني السلطة، والسياسيين. الأمريكيون كما أعرفهم هم شخصيات ودودة ومتحضرون، لقد كافحوا ومنحوا الكثير لبلادهم والعالم. المناخ يختلف هنا لكن وسائل الإعلام قربت المسافات جدًا وجعلت العالم مكانًا صغيرًا، وأصبح الناس يعيشون في قرية صغيرة معًا. الناس مشغولون بحياتهم، ولكن أعتقد أنهم يتطلعون إلى وضع أفضل في العالم خلال الفترة الرئاسية الثانية للرئيس أوباما. أريد أن أستفيد أنا أيضا من ذلك، بأن أحظى بجسر قوي بيننا، بين الشرق الأوسط والناس في الشرق الأوسط من ناحية، وبين الغرب من ناحية أخرى، وأن يكون هناك توازن، حتى يمكن للناس أن يشعروا بأنهم يعيشون في سلام، وأنهم متساوون ومستقرون في بلادهم، وذلك حتى يمكن للناس أن يبذلوا أحسن ما عندهم للحصول على ما يتوقعونه، ويشعروا بالديمقراطية والحرية. الناس هنا لم يشعروا بذلك خلال أكثر من ثلاثين عامًا، بل أكثر من ذلك كثيرًا. عاشوا لعقود تحت نظام قمعي ديكتاتوري جدًا. شعر المصريون أنهم ليسوا جزء في المعادلة السياسية، وأنا شخصيًا كنت أعاني. لقد رأيت الغرب والشرق هنا وهناك، ودرست التاريخ ورأيت ما يجري، إلى جانب الهندسة طبعًا، وتعلمت كثيرًا من وجودي هنا وهناك، خاصة في الولاياتالمتحدة، تعلمت من الحياة مع المواطنين في الولايات وفي الجامعة وفي الصناعة والأسواق والمتاجر. طبعًا لم يكن الإعلام قويًا مثل الآن، ولكنني كنت أستيقظ كل يوم على برنامج "صباح الخير يا أمريكا"، وشاهدت باربرا والترز وبرامجها العظيمة، ووالتر كرونكايت طبعًا، ولم أنس مطلقًا الأسرى في إيران في فترة رئاسة كارتر، واليوم الذي غادر فيه مكتبه حين أفرجوا عن الرهائن، الذين احتجزوا لمدة أكثر من عام، كان هذا كفاحًا كبيرًا". أؤمن بالمواطنة.. والحقوق المتساوية للرجال والنساء والمسيحيين والمسلمين الأمور كانت تجري بطريقة محددة بين الشرق والغرب، وكذلك الجنوب. المواطنون في الجنوب عانوا كثيرًا بسبب إخراجهم من المعادلة العالمية. الآن نحن نود أن ندخل هؤلاء الناس في القضايا العالمية، وعندها سوف يشعرون أنهم يعيشون في بلدانهم أحرارًا، يتكلمون ويتحركون وينتجون ويعملون ويكسبون ويفقدون، أيًا كان. هذه مرحلة جديدة ليس فقط لمصر، أو لمن صنعوا الربيع العربي، لكن للعالم كله، لكي ينتبهوا لأخطاء الماضي، وبشكل ما فإننا نتحرك في كل الاتجاهات، نحاول أن نقول للناس حول العالم، ونقنع الحكومات والقادة أننا يجب أن نعيش في سلام". الصراعات والنزاعات لن تقود الاستقرار للعالم. ولكن التعاون هو من يؤدي إليها. هذا هو مايجب أن نكافح من أجله، وهو كفاح صعب جدًا... كفاح من أجل أن يكون لدينا ثقافة جديدة، ثقافة عالمية، نحترم كل بلد على حدة وثقافات الشعوب، ثقافاتهم المحلية، ثقافة التعاون ووقف الحروب، ووقف إراقة الدماء. ثقافة المعاني الحقيقية للسلام، وأن التحركات العسكرية للدفاع وليس الهجوم، وأن نستخدم الطاقة في التطبيقات المدنية أكثر من التطبيقات العسكرية. كيف يمكننا أن نفعل ذلك؟ أعتقد أننا نستطيع. هذا حدث مبكرًا بالفعل، ربما منذ قرنين أو ثلاثة قرون ماضية، لكن الأمور اختلفت، ونتج عنها حربان عالميتان وأكثر من 50 مليون قتيلا. أنا لا أحب أن يقول أهل بلدي أن الولاياتالمتحدة ضدنا، لأنني أعرف المواطنين الأمريكيين وأعرف أنهم مختلفون عن الوضع السياسي المتعارف عليه منذ فترة طويلة، المعايير المزدوجة وما إلى ذلك مما يجري في العالم. ولكن الآن أعتقد أنني أبدأ عهدًا جديدًا، مبني على التوازن والعلاقات النفعية المشتركة التي يجب أن تحترم من كل الأطراف. أفريقيا العالم العربي والإسلامي والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين. هناك منافسات مختلفة قوية جدًا جدًا. "لهذا قلت أنها ليست سهلة كما كانت. لا زلت أتذكر مقولة شائعة في الولاياتالمتحدة، حين وصف الأمريكان أنفسهم "نحن أمة الأمم" وهو تعبير قوي ومعبر جدًا. إنه يقول شيء في جملة قصيرة جدًا ومركزة، المقولة تفيد أننا نستطيع أن نعيش معًا. وأعتقد أن الولايات نجحت في ذلك على مدى عظيم. ولكن على المستوى الدولي، فالتقييم يقول شيئا آخر مختلف. السؤال الآن هو، كيف إذن يمكننا أن نحقق ذلك؟ الاقتصاد الآن غير متوازن في العالم. المواد الخام في جهة، والتكنولوجيا والمنتجات والتطبيقات العلمية المتقدمة جدًا في جهة أخرى. تصنيع المواد الخام وبيعها مرة أخرى يجعل هناك اختلافًا كبيرًا في سعرها، ويبقى الفقراء أكثر فقرًا، والأغنياء أكثر ثراءً. نحن نريد أن نخلق توازنا في الاقتصاد، ليس فقط في السياسة، وهما مرتبطان بالطبع. وكذلك فأنا أفكر بشكل اجتماعي، فنحن لا يمكن أن نكون متطابقين ثقافيًا أبدًا. يمكننا أن نتعاون ونندمج بقدر المستطاع، وكيف يمكن أن نفعل ذلك؟ أعتقد القادة حول العالم لديهم مسؤولية ضخمة في هذا. الجنس البشري يمكنه أن يتعايش معًا. أتذكر فيلمًا شاهدته، كوكب القرود، النسخة القديمة وليس الجديدة، فهناك نسخة جديدة مختلفة، وليست جيدة للغاية، لم تكن تعبر عن الواقع مثل النسخة الأولى، ولكن في النهاية لا زلت أتذكر. عندما كان القرد الكبير، الذي كان رئيس المحكمة العليا في الفيلم، كان أحد العلماء البشر يخدمه، ويقومان بتنظيف الأشياء وكان مقيدًا هناك، وكان هناك كوكب القرود بعد التأثير المدمر للحرب الكبيرة، وتأثير القنابل النووية وما إلى ذلك في الفيلم، وكان العالِم البشري يطالبه أن يفعل شيئًا، كان هذا بعد ثلاثين عامًا، قال له: "لا تنس أنك قرد، لا تسألني عن هذا العمل القذر" فماذا قال القرد الكبير؟ قال: "أنت بشري، أنت من قعلت ذلك في نفسك" وهذا هو الاستنتاج، هل يمكننا أن نفعل شيئًا أفضل لأنفسنا؟. لقد شاهدته قبل ثلاثين عامًا، وهذا هو دور الفن الهام جدًا. أيضًا فيلم ذهب مع الريح كان يعالج مشاكل اجتماعية. الاسم العربي له كان "خمسة في الجحيم"، وهذا كان عنوانًا عربيًا عن خمسة أمريكيين يعملون خلف الخطوط الألمانية وكانوا يستخدمون أجهزة عسكرية بدائية. أعتقد أنه كان تشارلز برونسون، وما زال عندي بعض منهم على حاسبي الشخصي. ** كيف كان التواصل مع الرئيس أوباما خلال أزمة غزة؟ * الرئيس أوباما كان متعاونًا جدًا ويمكن أن أقول أن أفعاله توافقت مع نواياه. تكلمنا كثيرًا عن التهدئة والهدنة، وهو أمر هام جدًا، ولم يكن هذا سهلا بل في غاية الصعوبة، كلا الجانبين كانا يتكلمان عن الاختلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ونحن كنا نريد الأطراف أن تتحدث عن التشابهات، وقد عملنا على هذا الأمر بقدر استطاعتنا. إذا استطعنا النجاح بنسبة 60-70% فأنا أعتبر ذلك نجاحًا كبيرًا، ولو مضينا قدمًا، فإن هذه المنطقة من العالم سوف تكون أفضل. الاستقرار في هذه المنطقة، مصر وما حولها، مهم جدًا، ولهذا فإننا لدينا تحدٍ كبير في مصر. لدينا قوى تريد أن تجرنا للخلف بلا شك، ويمكن أن تروا ذلك في تونس وليبيا وبشكل كبير في سوريا. وهدفهم أن يجرونا للخلف للوضع القديم، ونحن نقاتل ضد هدفهم ولا نقاتل الناس. هذه المنطقة من العالم يجب أن تنال فرصتها لتتقدم، وثمن التقدم كبيرًا، ولكنه أرخص من الحروب كثيرًا. الناس يتطلعون بقوة إلى وضع أفضل، وحياة أفضل لأطفالهم وأحفادهم وللمنطقة بأسرها". "هذا يأخذ وقتًا، وهذه عنق زجاجة، وعنق الزجاجة تأخذ أعوامًا. في الولاياتالمتحدة أخذت أعوامًا من الدماء لفترة ليست بالقصيرة، وإبراهام لينكلون الذي يعد علامة بارزة وفارقة، أخبر الناس كيف يكونوا معًا بعد الحرب، كيف يمكن أن نرى بلدنا في وضع أفضل. أعطيت له الفرصة وأعتقد أنه نجح في ذلك بشكل عظيم. ولقد خلقت المعاناة بعد الاستقرار، أو الإصرار على الاستقرار عندما أصبحت المعاناة أكبر بعد الميلاد. والناس سوف يدركون أنهم يجب أن يتمسكوا بما حققوه. عندما ينظر العالم لنفسه ليرى ما يحدث، أعتقد أنهم الآن يدركون، والناس حول العالم يدركون أن الحرية أفضل من الديكتاتورية. الديمقراطية أفضل لكل العالم. وإذا كانت هناك بقعة ديكتاتورية، ستجد أن الناس ليسوا أحرارًا، غير راضيين ليس لديهم الغذاء ولا المأوى، تحت خط الفقر، وهي بقعة خطيرة جدًا على العالم أجمع، لأن هؤلاء الناس سوف يتحركون إلى أماكن مختلفة، سوف يحملون مشاعر سيئة تجاه بعضهم البعض، يسلكون سلوكًا غير حميد وقد يسلكون مسلكًا خاطئًا. إذن كيف نوفر التقدم لأفريقيا والشرق الأوسط والبلدان في تلك المنطقة؟ المصريون جاهزون. نحن لدينا موارد، ولدينا قدرة على التحمل، لدينا نوع فريد ومميز من المواطنين، ونحن على الطريق. أرى أبعد ما يرى المعارضون.. و90% من المصريين يؤيديون الإعلان الدستوري لقد وضعت سفينتنا على الرمال وليس الماء، لذا علينا أن ندفعها للأمام وليس للخلف إلى المياه الواضحة، وهذا ليس سهلا، لنحتفظ بعلاقات جيدة مع العالم، ونساعد في التنمية، ونعمل على الدمج ما بين التنمية والقضايا الدولية والاستثمار والاقتصاد، لننشر النوايا والأفعال الحسنة، ولنحصل على علاقات متوازنة ومشتركة مع الآخرين. ولكي نمسح الحقد والكراهية من القلوب. الناس دائمًا ما ترى الدماء المراقة في فلسطين وأماكن مختلفة. العراق وأفغانستان والآن اليمن وليبيا، ويشعرون بالسوء. المحاكمات التي تعمل على التقسيم شمالا وجنوبًا وشرقًا وغربًا، ودارفور وغيرها. إضافة أيضا إلى عدم الاستقرار في الخليج، وتهديد إيران ودورها في السياسة الدولية والعالم.. الصراع حول آبار وحقول النفط. هذه كلها أمور اختلطت معًا وتحتاج لقيادات قوية مع رؤية واضحة. المبادئ متفق عليها حيث لا يمكن لأحد النقاش حول المبادئ، الكل يتحدث عن السلام والتنمية والاستقلال. الأممالمتحدة أنشات في 1947. وقبلها كانت عصبة الأمم، ولكن على الأرض كان تأثيرها ضعيفًا. نحن أكثر من 190 دولة على ما أعتقد، والآن فلسطين تريد أن تجد لها موقعًا على الأرض، ونحن نساعدهم، وهذا لا يعني أنها ستكون قادرة على الهجوم على غيرهم، لا أظن أن لديهم القدرة على ذلك، لكن أقصى ما يستطيعونه هو المقاومة، وأن يقولوا "ماذا لدينا كي نخسره"؟ ** هل الإخوان المسلمين تنظيم ديمقراطي؟ * وفقًا لتعريف الديمقراطية أقول نعم، نعم كبيرة بالتأكيد، وهذا ينبع من الإيمان، الإيمان بتعريفه الإسلامي، الذي يشمل الحرية لجميع الناس، وحرية الاعتقاد، وحرية التعبير عن الرأي، والمساواة والاستقرار وحقوق الإنسان. هذه معتقدات، وهذا يأتي من إيماننا بالديمقراطية والفرص المتكافئة. لكن أيضًا ذلك بالمسؤولية والقانون والدستور. الرئيس اتهم النظام السابق في التخطيط للعنف والفوضى