وصفت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية أزمة مياه نهر النيل بأنها تعد أكثر اختبارات السياسة الخارجية إلحاحا بالنسبة للرئيس محمد مرسي، لاسيما أنه جاء بعد الفتور الذي شهدته العلاقات المصرية الإفريقية في العهد السابق. وقالت الصحيفة - في تقرير على نسختها الإلكترونية اليوم الاثنين - إن اعتراف الرئيس مرسي بمثل هذه الأزمة ورغبته الشديدة في التوصل إلى حل وسط يضمن حماية المصالح الاستراتيجية والتاريخية لبلاده قد بدا جليا من خلال حرصه على القيام بزيارتين لدول حوض النيل منذ توليه الرئاسة في يونيو الماضي. وحثت الصحيفة مصر على توخي الحذر تجاه هذه المشكلة التي وصفتها بأنها من أهم المشاكل التي باتت تواجهها بصورة متزايدة والتي يتوقف عليها مستقبل مصر ومصيرها. وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أنه رغم ما قد تواجهه مصر من مشاكل في الداخل في هذه المرحلة الانتقالية، إلا أن أكبر تهديد لها إنما يقع على بعد مئات الأميال في المرتفعات الإفريقية، وذلك بسبب أن النظام السابق للرئيس حسنى مبارك أغفل ولفترة طويلة الخطر الأمني الذي تشكله مطالبات الدول الأفريقية الأخرى والتي توفر 95\% من المياه اللازمة لتنمية هذا البلد الصحراوي. وأوضحت الصحيفة أن البلدان الإفريقية التي تعد مصدر النيل، ولاسيما إثيوبيا، لم تعد تشعر بأنها ملتزمة باتفاقيات الحقبة الاستعمارية بشأن حقوق المياه، وتتجه لسحب حصص أكبر من مياه النيل. وقالت الصحيفة إنه علاوة على الاهتمام الواضح من جانب الرئيس مرسي بمشكلة مياه النيل فان رئيس وزرائه هشام قنديل يستفيد من صلاته واتصالاته كوزير سابق للمياه والري يربط في تعزيز العلاقات مع العديد من المسؤولين الأفارقة. كما أن وفدا مصريا رفيع المستوى قام في هذا الإطار بجولة في المنطقة الأفريقية لعرض كيف أن القاهرة قد يكون لها دور مهم تسهم من خلاله في بناء المستشفيات والمدارس في تلك الدول الفقيرة. وبشكل أكثر تفصيلا فقد اعتبرت صحيفة "لوس انجيلوس تايمز" الأمريكية أن التحدي الأكبر بالنسبة للقاهرة في هذا الخصوص هو "سد النهضة الإثيوبي" والذي من شأنه أن يؤدي إلى خفض تدفق مياه النيل إلى مصر بنسبة تصل إلى 25% خلال ثلاث سنوات لملء الخزان خلف السد، مشيرة إلى أنه بالرغم من ذلك فإن المشروع يواجه عددا من الانتكاسات المحتملة، إضافة إلى خسارته أكبر مؤيد له مع وفاة رئيس الوزراء الإثيوبي ملس زيناوي في أغسطس الماضي. ونوهت الصحيفة إلى أن إثيوبيا سعت لطمأنة الحكومة المصرية بأن حصة مصر السنوية من مياه النيل والتي تقد ب55.5 مليار متر مكعب لن يعرقلها بناء السد الجديد وأنه سيكون من أجل توفير الكهرباء بتكلفة منخفضة لجيرانها، إلا أن المصريين يعتريهم بعض الشك في ذلك. وأشارت الصحيفة إلى أن جوهر الصراع يكمن في أن دول النيل الفقيرة - كمصر وإثيوبيا - تحتاج إلى مياه النيل لأسباب مشابهة، فالجانب الإثيوبي، الذي شهد نموا اقتصاديا قويا في السنوات الأخيرة، يرغب في زيادة إنتاج الكهرباء في الوقت الذي يدفع فيه بعجلة الزراعة والتنمية، الأمر الذي سيكون له صدى في الشمال حيث مصر، التي لا تمتلك أية مصادر أخرى للمياه. وخلصت صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية إلى أن أحد الحلول الممكنة لهذه الأزمة ربما يتمثل في خفض زراعة المحاصيل كثيفة الاستخدام للمياه، مثل الأرز، والتحول إلى زيادة إنتاج القمح، وذلك بالنظر إلى أن مصر، التي يبدو فيها أن كلمة "خبز" تعني أيضا "الحياة"، تعد المستورد الأول للقمح في العالم ؛ويقول خبراء الزراعة إن الحد من إنتاج الأرز مع زيادة غلة القمح،سيكون من شأنه الحفاظ على المياه وتلبية الاحتياجات الغذائية للبلاد.