أمر جيد أن يظهر المستشار محمود مكى، نائب رئيس الجمهورية، على الساحة بعد فترة من «التوارى».. والأفضل أن يطرح آراءً تختلف جزئياً وليست تتناقض مع رئيس الجمهورية؛ لأن «النائب» ليس «مساعد» ولا «مستشار»، خاصة أن مكى ما زال يحظى بثقة ممن فقدوا الثقة فى الرئيس وجماعته، وبالتالى فمن المأمول أن يلعب النائب دوراً فى تقريب وجهات النظر المتباعدة فى أخطر مرحلة تمر بها مصر حيث يتشكل نظام سياسى جديد. لقد كانت آراء النائب، خلال اجتماعه مع رؤساء تحرير الصحف، أمس الأول، تشجع على التفاؤل، وتصريحاته بأن تهجير الأقباط من سيناء «عار».. أغلقوا الحديث عن عودة البرلمان المنحل فى ذات الوقت الذى كان فيه بعض النواب يمارسون ضغوطاً لعودته وذهابهم إلى مجلس الشعب، بل والأغرب أن د.أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، أمر بفتح القاعة لهم فأعطى من لا يملك ما لا يستحق، خاصة أن هذا البرلمان أصبح «محلول بالتلاتة» وهى أحكام أكبر 3 هيئات قضائية؛ «الدستورية العليا والنقض والإدارية العليا»، ومع ذلك ما زال بعض النواب يكابرون فى ظل صمت مسئولى الدولة أحياناً وتواطئهم فى أحيان أخرى.. كما أن المستشار محمود مكى اعترف بجرأة أن ممارسات وتصريحات بعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين تسىء إلى الرئيس محمد مرسى، وهو ما سبقه إليه عدد من الرموز الوطنية، لكن ميليشيات الجماعة الإلكترونية عاقبتهم على هذه الآراء، وقرأنا حكايات كثيرة عما يحدث فى الرئاسة على لسان كوادر الجماعة، مثلما حدث مع د.حسن البرنس والهيئة العربية للتصنيع، وما أعلنه حزب الحرية والعدالة فى سيناء عن تعيين نائب محافظ حددوه بالاسم قبل الإعلان الرسمى من الرئاسة بأسبوع على الأقل وغيرهما. ما لم يعجبنى فى كلام «مكى» عندما سُئل عن ذهاب المهندس سعد الحسينى، محافظ كفر الشيخ، إلى اجتماع تنظيمى للإخوان المسلمين بسيارة المحافظة، فعلق قائلاً: «الحمد لله الذى جاء علينا الوقت الذى يطالب فيه الناس بمحاسبة محافظ على بنزين السيارة بعد سنوات من الفساد المستمر»، والسؤال الذى يطرح نفسه هل لو كان المحافظ فى حزب معارض هل كانت ستصمت الدولة؟.. من حق د.مرسى والمستشار مكى ملاحقة فساد النظام السابق، وأى جهد يُبذل فى ذلك الاتجاه سيعود على الشعب بالنفع، لكن الأهم هو وضع ضوابط صارمة لمنع تكرار هذا الفساد مع الأغلبية الجديدة، وهنا تكمن أزمة د.محمد مرسى فى تطبيق القانون على الجميع، خاصة أهله وعشيرته من أبناء الجماعة، فلو شعر الأعضاء أنه ليس هناك رقابة أو رادع سيعود الفساد مرة أخرى، كما أن القضية ليست فى البنزين فقط، بل فى مشاركة المحافظين بأعمال حزبية بعد أقل من 100 يوم من حكم الإخوان، ولكم أن تتخيلوا ما يمكن وقوعه بعد 30 عاماً.. وبالتالى يجب الفصل بين الرئيس وجماعته، وليكن للمستشار محمود مكى دور فى ذلك.. فالقانون يجب أن يكون «أعمى».