■ إذا أردت أن تعرف كم أخطأنا فى حق أنفسنا عندما قمنا بثورة عارمة رائعة دفعنا فيها من دماء وأرواح ونور عيون أنبل وأجمل شبابنا لكى نتخلص من عار وفساد نظام المخلوع وابنه وعصابته فإذا بنا نقع فى أسر النظام نفسه من دون أى فرق سوى أن العصابة القديمة المدحورة كانت تحلق شعر ذقنها كل صباح بانتظام ممل، بينما «الجماعة» الجديدة المحظوظة التى ورثتنا تترك لحيتها حرة طليقة، ربما من باب الكسل اللذيذ.. لو كان وصلك خبر هذه الحقيقة وتريد فقط أن تتأكد فأرجوك لا تكتفى بما تراه من أفعال ستنا الجماعة وعربداتها الشنيعة فى الاقتصاد والاجتماع ومجمل قضايا السياسة فى الداخل والخارج، ولكن انظر أيضا ومتع عينك بارتكاباتها ضد الصحافة والإعلام عموما، خصوصا وسائل الإعلام العامة المملوك للشعب.. فضلا عما فعلته أول من أمس، فى طقم المجالس الإعلامية والحقوقية التعبانة التى آلت إليها بالسطو، وستجد عجبا، إن شاء الله. يعنى مثلا، لم تكتف الست التى ورثتنا بالحيا (بقزازة زيت وشكارة رز وبضعة كيلوجرامات من البطاطس) بالحفاظ على تركة الزبالة التشريعية والقانونية والاختراعات والنظم العفنة الموروثة من عصر ما قبل الثورة وتوسلت بها وهى تنفذ خطة «تمكين» حضرتها من رقبة المصريين، دولة ومجتمعا وإنما أبدعت فى أثناء استعمالها هذا الركام مساخر وعبطا وكوميديا سوداء، يستقر بعضها فى قلب الجنان الرسمى شخصيا. ** يعنى على سبيل المثال لا الحصر، يقول بعض الناس إن استخدام «الجماعة» هذا الاختراع العجيب المسمى مجلس الشورى، بينما هو جالس على رصيف العدم فى انتظار قصف رقبته وحل وسطه بعد أسابيع قليلة، وتجاهل حقيقة أنه ولد فى ظلام الليل البهيم من رحم عملية انتخابية سرية تقريبا، إذ لم تزد نسبة المشاركين فيها (حتى بعد التزوير) على 7 فى المئة فقط من إجمالى عدد الناخبين، ومن ثم فإن التوسل المحموم بهذا المجلس فى إتمام عملية السطو على رئاسات تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية من أجل تحويلها (كما كانت أيام مبارك) إلى نشرات نفاق ودعاية بائسة لحكم الست الجماعة، وكذلك استخدام ذاك المجلس التعبان نفسه فى فك وإعادة تركيب مجلسى الصحافة وحقوق الإنسان وتحويل عضويتهما إلى هدايا للمتعاونين والأصدقاء أو «سبوبة» تدر دخلا شهريا (معقولا) على ما تيسر من التوابع والأحباب من دون النظر لأية اعتبارات تتعلق بالمعقولية أو المهنية، فضلا عن الرشد.. هذا كله يقطع بأن الست اتجننت خلاص أو أصيبت بداء السعار وأنها ستعض وتعقر كل من يقترب منها أو يسير فى ركابها أو يفكر فى التسكع فى دروبها المظلمة. ■ غير أن بعض الناقدين للجماعة سمعتهم يتخذون من الأستاذ الشيخ المهندس نادر بكار وفضيلة الشيخ المهندس (برضه) صفوت حجازى مثالين ونموذجين يؤكدان حال الجنان الرسمى الذى أصاب حضرتها، إذ يعتبرون مجرد تعيين فضيلة الأول فى مجلس الصحافة والثانى فى مجلس حقوق الإنسان أمرا يجافى المنطق والعقل، ويتساءلون باستغراب واستنكار شديدين عن علاقة الأخ بكار بالصحافة حتى يزين مجلسها! وكذلك ما مؤهلات الشيخ صفوت للفتوى فى شؤون الإنسان وحقوقه؟! والحق أن هؤلاء القوم الناقدين القاعدين للست الجماعة على الواحدة، يبدو أن حقدهم عليها وسواد الحسد المحبوس فى صدورهم، لأنها تتمتع وحدها الآن بنعيم السلطة المطلقة الموروثة من المخلوع أفندى، أعماهم هذا الحقد وذاك الحسد عن رؤية حقائق ساطعة من نوع أن السيد نادر بكار يشترى ويقرأ يوميا صحيفة واحدة على الأقل. أما فضيلة الأستاذ صفوت فعلاقته ب«الإنسان» ومجالسه علاقة شريفة وواضحة وقوية جدا ولا تحتاج إلى طول شرح أو إثبات.