اعترف الدكتور عمرو قنديل، وكيل وزارة الصحة لقطاع الطب الوقائى، بأن التخبط الإدارى الواضح، والاستهتار الحكومى بأرواح المواطنين، هما سر اختفاء الأمصال واللقاحات من المستشفيات والوحدات الصحية، مشيرا إلى أنه لولا امتلاك القطاع لمخزون من الأمصال والطعوم يكفى مصر 9 أشهر، لمات نحو مليون مواطن بلدغات العقارب والثعابين. وكشف «قنديل» ل«الوطن» عن الأسباب الحقيقية لنقص الأمصال على مدار الثلاثة أشهر الماضية، وحتى انتهاء الأزمة مؤخرا باستلام وزارة الصحة أمر التوريد الخاص بالطعوم والأمصال من الشركة القابضة للأمصال واللقاحات الحيوية «فاكسيرا»، بعد الحصول على موافقة مجلس الوزراء. وأضاف رئيس قطاع الطب الوقائى أن الأزمة بدأت فى يوليو من العام الماضى، حينما طلب القطاع من الدكتور عمرو حلمى، وزير الصحة الأسبق، إرسال أمر التوريد الخاص بالأمصال من الوزارة إلى الشركة كإجراء روتينى يحدث كل عام، إذ ترسل الوزارة سنويا بيانا باحتياجاتها من الطعوم والأمصال التى تقدر ب300 مليون جنيه إلى مجلس الوزراء لاعتمادها وتوريدها، إلا أن الوضع فى العام الماضى اختلف، فقد أرسل الوزير أمر التوريد إلى المجلس، غير أن الدكتور عصام شرف، رئيس مجلس الوزراء وقتها، لم يرد على الطلب، على الرغم من أن قطاع الطب الوقائى أرسل 4 استعجالات دون جدوى. وحسب «قنديل»، اضطر القطاع إلى طلب إجراء مناقصة لتوريد الأمصال من الخارج، وقبل إجرائها بيوم واحد خاطبنا الوزير السابق لكى يرسل عضوا من هيئة الرقابة الإدارية لحضور المناقصة والإشراف عليها، منعا للشبهات وحرصا على إجراء المناقصة بشكل قانونى، وكانت المفاجأة أن الوزير رفض الطلب، بدعوى عدم إلحاق الضرر بموازنة شركة الأمصال الحكومية، التى تعتمد فى تمويل ميزانيتها المثقلة بالديون على مقابل الأمصال والطعوم التى تتقاضاه من الوزارة سنويا. ومنذ يوليو حتى أغسطس من العام الماضى، استمر تجاهل الحكومه لطلبات وزارة الصحة المتكررة، حتى تم الرد فى أكتوبر، وأمر رئيس الوزراء بتوريد «سدس الكمية» المطلوبة فقط من الأمصال، واستلمته الوزارة بعد مضى أكثر من شهرين، وهو ما أنهك المخزون الخاص بها، ودفع القطاع إلى إعادة مطالبة الحكومة أكثر من مرة بتوريد باقى الكمية المطلوبة من الأمصال واللقاحات التى يقدر ثمنها ب250 مليون جنيه. وتابع محدثنا: «لكن حكومة عصام شرف لم تستجب حتى رحيلها، ومع تولى حكومة الجنزورى المسئولية عاودت الوزارة طلب باقى الكمية المستحقة، ووافقت الحكومة بالفعل على توريد الكمية فى يناير الماضى، إلا أن «فاكسيرا» تباطأت فى توريد الأمصال وانتظرت حتى نهاية فبراير، مع أن هناك أمصالا حيوية للغاية، وغيابها يعنى وقوع آلاف الوفيات». وأوضح رئيس «الطب الوقائى» أنه تم إرسال أكثر من 14 استعجالا لشركة «فاكسيرا»، لكنها لم تورد الكميات المتفق عليها، حتى تم إقالة مجلس إدارتها واستبداله بآخر منذ شهر، وحينها بدأت الشركة فى ضخ الكميات المطلوبة وإرسالها إلى المحافظات. وفى المقابل، كشف مصدر مسئول بوزارة الصحة عن أن الوزارة رفضت تسلم تشغيلات كاملة من منتجات «فاكسيرا»، بسبب عدم مطابقتها للمواصفات، حيث تبين بفحصها بمعرفة «هيئة الرقابة والبحوث الدوائية» أن بها عيوبا فى التعقيم والثبات والخواص الطبيعية، مما دفع الوزارة إلى رفض هذه الشحنات والتوصية بإعدامها واستبدالها بأخرى، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى زيادة الضغط على المخزون المتوفر لدى الوزارة، وحدوث نقص فى العديد من الأمصال فى عدد من المناطق بمحافظات الوجه القبلى، وخاصة أسوان وسوهاج.