المؤكد أن المبدأ واحد، هو لا للعسكرة ولا للأخونة، وبقرار رئيس الجمهورية منح قلادة النيل للمشير، ووسام الجمهورية للفريق، صارت تلك التكريمات مثل استمارة 6 التى تعنى الإحالة إلى المعاش. أصبحنا نشعر أن السلطة العسكرية خفتت قبضتها على توجيه حكم البلاد، ولكن دعونا الآن نتابع الصورة وهى القوة الثالثة التى تتصارع على السلطة، وكانت هذه القوة تتحالف فى الكثير من المواقف مع «العسكرى». القوة الثالثة هم الذين أضيروا من الثورة ولديهم مليارات يريدون الحفاظ عليها، هؤلاء سواء كانوا فى طرة أم لا.. داخل الحدود أم خارج الوطن، فإنهم قبضة لا يُستهان بها ولا يمكن أن ينتهى دورهم بقرار رئاسى. ومن الممكن فى لحظة للقوة الثالثة أن يتحالفوا مع القوى الفاعلة والذين كان ولاؤهم السابق للمؤسسة العسكرية. كان فى الإعلام ومنذ عهد مبارك إعلاميون وصحفيون محسوبون على القوات المسلحة، لم يكن هناك صدام بين مبارك والمؤسسة العسكرية، كان من الواضح أنه راضٍ تمامًا عن وزير الدفاع ولا شىء يعرقل صفو هذه العلاقة. ما أُعلن بعد ذلك هو فقط معارضتهم الساكنة للتوريث. لا أحد كان يتصور أن يثور الجيش لو تمت الخطة، وهو الخروج الآمن للرئيس والتسليم الأكثر أمانًا لجمال، لتصبح السلطة فى يده. كانت الانتخابات مرتقبة بين جمال وأى مرشح آخر، وكان جمال سيحصل على الأغلبية فى ظل سيطرة الدولة على كل مفاصل مصر، ولم يكن من المحتمل خصوصًا فى وجود مبارك أن تحدث ثورة غضب للقوات المسلحة. من نراهم فى أجهزة الإعلام وفى عدد من الوظائف الحساسة فى الدولة وولاؤهم للقوات المسلحة، كان موقفهم واضحًا فى أثناء الثورة عندما أصبح الصراع معلنًا، وبدأنا نرى إشارات واضحة بأن الجيش يؤيد الثورة، كانوا مباشرين فى توجههم. تذكروا مثلا عبد اللطيف المناوى المسؤول السابق عن قطاع الأخبار، عندما عرض فى التليفزيون -وعلى مسؤوليته- البيان الأول للقوات المسلحة متحديًّا قصر الرئاسة. هناك إعلاميون وأيضًا من دأبنا أن نصفهم بالنخبة، كانت لهم مواقفهم المباشرة والداعمة للقوات المسلحة ومع مرشحيها سواء أكان سليمان أو شفيق، كان التأييد هنا ليس للشخص ولكن للمؤسسة، وشاهدنا من كان يحاول أن يبدو أنه المتحدث الرسمى للمجلس والمشير، هؤلاء لن يصبحوا متحدثين باسم وزير الدفاع الجديد الفريق أول السيسى. لم تعد هناك دولة موازية وسوف تجد عددًا من هؤلاء يتوجهون مباشرة إلى تأييد السلطة الشرعية، وربما تقرأ لهم وتسمع منهم قريبًا تصريحات تزداد قربًا لتنظيم الإخوان فهم لم يكونوا يومًا من أصحاب المواقف. عدد كبير من الإعلاميين كانت لديهم قناعات بأن هناك حماية تسمح لهم بقدر أكبر من الانتقاد للرئيس، الآن لم تعد لديهم حماية، فسوف يتوقفون عن الهجوم. ورغم ذلك فإن القرارات التى تسعى لإغلاق جريدة وقناة مهما كان لدينا من تحفظات على ممارسات القائمين عليها، فإنها تلقى بظلال سيئة على الحكم. د.مرسى عليه أن يتعلم من التجربة التى عاشتها مصر، وهى أن الكبت يواجَه بثورة، وأنه لن يستطيع أن يغلق باب الانتقاد حتى ولو حمل فى جانب منه شيئًا من التجاوز. القوة الثالثة التى سيواجهها رئيس الجمهورية لن يهادنوا، خصوصا فى تلك اللحظات التى شاهدوا فيها رأس النظام لا يتورع عن إصدار قرارات باترة. يؤيد الناس أو جزء كبير منهم إحالة طنطاوى وعنان إلى التقاعد. لا شك أنها ضربة معلم، ورغم ذلك حرصت بعض القنوات الفضائية على أن تجعلها انتصارًا طائفيًّا فقط للإخوان، ولهذا كان شريط الأخبار يذيع أن جماعة الإخوان دعت مؤيديها للخروج إلى الشوارع ابتهاجًا بالقرارات، رغم أن مطالب الثوار لم تكن فقط تقاعد المشير، ولكن محاكمته وليس فقط فصيل الإخوان الذين كانوا يرفعون هذه الشعارات، ولكن قوى الثورة كانت ترى أن المجلس العسكرى يتخبط فى بحور السياسة ولا يتورع عن ارتكاب العديد من التجاوزات وتنبغى محاكمته. القوة الثالثة هى التى تقف فى مواجهة الحاكم ولا سبيل لمواجهتها سوى بطريق واحد وهو تأكيد ليبرالية الدولة، بعيدًا عن مظاهر الإخونة التى نراها الآن فى العديد من المواقع، وعلى رأسها الإعلام. القوة الثالثة ستزيد من ضرباتها فى الأيام القادمة ولن تقبل بقلادة التقاعد!!