والله لا أبالغ إذا قلت إننى أشعر بالشلل النفسى والعصبى والبصرى والعجز فى كل شىء والضيق من أى شىء منذ وقعت الجريمة الحقيرة والقذرة والدنيئة والغادرة التى راح ضحيتها حتى الآن 17 من ضباط وجنود القوات المسلحة الشرفاء الأبرياء العظماء الذين استُشهدوا ولاقوا ربهم فى لحظة ربانية جليلة وقت إفطارهم ومنهم من كان يفطر ومنهم من كان يصلى المغرب، وما يدمى القلب ويُبكِى العين ويثير الضيق ويكتم النفس فى الصدر أنهم لم يموتوا على يد الأعداء الصهاينة بل ماتوا على يد مسلمين جهاديين يدّعون أنهم يعرفون الله ويتحدثون باسمه ويقتصّون بيده، حسبى الله فى كل من يقتل باسم الإسلام ويتاجر باسم الله. تحية لهؤلاء الشهداء الأشقاء الأصدقاء الأحبة الأعزاء الذين دفعوا أرواحهم ثمنًا كى ينتبه النائمون فى هذا الوطن ويصحى الغافلون الذين سلّموا أمرهم لفئة تطلق سراح المجرمين وتخرج القتلة من السجون وتعيد الجهاديين والتكفيريين والمسلحين باسم الدين إلى الشوارع ليرهبوا الناس ويفزعوهم حتى يخضعوا لتلك الفئة ويسلموا أمرهم إما لموت قريب على يد الإرهابيين أو لموت قريب أيضًا بعد أن تتحول مصر إلى عراق أو سوريا ويقتل الناس بعضهم بعضا، فهم يحملون الموت والرعب والفزع لمصر، وإنَّا لمنتظرون عسى أن نكون مخطئين (اللهم آمين). وما زاد الألم على النفس بعد هذه الجريمة البشعة التعامل الإعلامى المؤسف من تليفزيون الدولة والقنوات الفضائية التى لم تشعر حتى هذه اللحظة بحجم الكارثة ولم يحرك فيها عدد القتلى الذين وقعوا من رجال القوات المسلحة الشرفاء العظماء وهو عدد لم يقع فى صفوف الجيش منذ حرب 73، لم يحرك فيهم ساكنًا وظلوا مستمرين فى إذاعة مسلسلاتهم البايخة والرِّخمة والمملة وإعلاناتهم الطويلة والرتيبة متجاهلين أن من سقطوا لم يكونوا فى نزهة أو رحلة صيد وانقلبت بهم السيارة بل كانوا يحرسون حدود الوطن «عينان لا تمسهما النار عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس فى سبيل الله» صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولم يذكر الحديث عينان جلست تشاهد مسلسلات رمضان حتى نحافظ على إذاعتها بهذه البجاحة والوقاحة فى ظل المصيبة التى أصابتنا فى مقتل، فإذا كان الموت الآن على الحدود فغدًا سيزحف من سيناء إلى القاهرة وإلى داخل الاستوديوهات، سيدفع الجميع ثمن التراخى والاستهتار فى مواجهة هذه الكارثة، فالقضية ليست مجرد مواجهة عسكرية مع جماعات متطرفة على الحدود، القضية فى متطرفين يعيشون وسط القاهرة وقتلة خرجوا من السجون لينتقموا منا جميعًا، مصر فى خطر والشباب الذين سقطوا على الحدود هم البداية، فإذا لم ننتبه سيحصد رصاص الغدر رؤوسنا جميعًا. المصيبة أنه بعد أن انتبه رئيس الجمهورية لجلالة الحدث وإعلان الحداد ثلاثة أيام على أرواح الشهداء، جاء تنفيذ القرار فى التليفزيون المصرى الإخوانى (نسبة إلى وزير الإعلام الجديد صلاح عبد المقصود القيادى الإخوانى والمسؤول الإعلامى عن حملة الرئيس الانتخابية) فالحداد كما فهمه الوزير مجرد شارة سوداء على القناتين الأولى والثانية ونسى الفضائية المصرية وباقى القنوات، فالحداد عنده مجرد شارة ويستمر جدول البرامج والمسلسلات كما هو دون تعديل أو تبديل حتى نلهى الناس عن المصيبة التى ارتكبها متطرفون وقتلة يحملون اسم الإسلام والإسلام الذى أعرفه وأؤمن به منهم برىء، هل أرواح الشباب الذين ضحوا بحياتهم من أجل الدولة ليست عند وزير الإعلام سوى شارة سوداء هل هذه هى مكافأة تليفزيون الدولة لهم؟ يا أيها الفضائيون، يا من تندبون ليل نهار خوفًا من أن تخطف الجماعة منكم حرية الإعلام أو حرية إذاعة المسلسلات، ألم يكن الحداد الحقيقى لا بشارة وزير الإعلام الإخوانى أكرم من إذاعة «عطا الله» و«شربات» و«طرف تالت»، و«الزوجة الرابعة»؟ والاستثناء الوحيد كانت قناة «أون تى فى» التى بواجبها كما يجب أن يكون.