رغم جلاء الصهاينة عن سيناء اثر هزيمتهم النكراء في حرب السادس من أكتوبر عام 1973 إلا ان "إسرائيل" دائما ما تخلف وراءها آثارا رديئة كشاهد عيان على وجودها في هذه الأرض او تلك، وهذا ما فعلته في سيناء وبذلت من أجله قصارى جهدها لبقاء آثارها المتمثلة في بعض النصب التذكارية ومنها " صخرة ديان " التي تحميها اتفاقية كامب ديفيد التي يرفضها سكان محافظة شمال سيناء لكون وجودها يمثل عملا نفسيا سيئا يذكرهم بالتواجد الصهيوني البغيض على ارض سيناء صخرة ديان" أو "صخرة الصهاينة" كما يطلق عليها أهالى منطقة الشيخ زويد الحدودية واحدة من أبرز صور نقص السيادة المصرية على أرض سيناء، بعد مرور أكثر من 37 عاما على تحريرها، وترجع تلك الصخرة التى تعد نصبا تذكاريا لبعض الجنود الإسرائيليين "طيارين" من سلاح الجو الإسرائيلى سقطت طائرة عسكرية "إسرائيلية" بمدينة الشيخ زويد بالعريش فى عام 1967بالقرب من رفح المصرية، وكانت تضم حينذاك 11 طيارا لقوا حتفهم جميعا، وأمر "موشيه ديان" وزير الدفاع "الإسرائيلى" آنذاك بنحت صخرة ضخمة من جبل موسى المقدس لإضفاء نوع من القدسية على النصب المنحوت على ثلاث واجهات، الأولى على شكل امرأة عربية تحمل طفلها وتهرول ناحية البحر تعبيرا عن الخوف من الصهاينة، والوجهة الثانية على شكل خريطة سيناء منكسة، والثالثة على شكل خريطة فلسطين كما يراها "الإسرائيليون"، فيما حفرت أسماء الطيارين "الإسرائيليين" على الصخرة باللغة العبرية وثبتت فى أعلى مكان بالشيخ زويد ليراها جميع أهالي سيناء. اختار ديان المكان المخصص لإقامة النصب التذكاري بعناية فائقة، فهو المكان نفسه الذي شهد مذبحة مروعة للأسرى المصريين، كما أن ارتفاع المكان عن سطح البحر جعل النصب التذكاري على مرمى البصر من الجميع، وكان يقصد بذلك أن يظهر أن القتلى "الإسرائيليين" أغلى من الشهداء المصريين، والدليل على ذلك أن "إسرائيل" أقامت لقتلاها نصبا تذكاريا يخلد ذكراهم، ويحمل أسمائهم حتى اليوم، بينما لا يجد الشهداء المصريين الذين سقطوا فى هذا المكان لا يجدون من يقرأ عليهم الفاتحة. الإيحاء الآخر الذى تمثله الصخرة، التى سميت باسم "صخرة ديان"، يتمثل في ضخامتها وارتفاعها لتوحى بالهزيمة والانكسار. المثير أن هذه الصخرة تحولت بعد ذلك إلى "حائط مبكى" جديد يحج إليه الإسرائيليون كل عام ليذرفوا دموع التماسيح على قتلاهم، وليتحول الأمر إلى مسمار جحا جديد على أرض مصر، يضاف إلى "أبو حصيرة" والمعبد اليهودى وغيرهما من الأماكن العبرية على الأراضي المصرية. الأخطر من ذلك أن النصب تحول إلى مزار سياحى للمصريين يحرصون على زيارته عند ذهابهم إلى سيناء، ويلتقطون الصور التذكارية بجواره، ومن خلف هذه الصور تبدو النقوش العبرية ل11 سفاحا "إسرائيليا"، وتوضع الصور في ألبومات تضم صور شهداء مصريين في حربي 67 و73 ليصبح الشهيد وقاتله في ألبوم واحد ،ومن المفارقات العجيبة أن صخرة ديان مقامة على أرض مملوكة لأحد أهم رموز المقاومة الشعبية في العريش، وهو المجاهد إسماعيل خطابة، ومن بطولاته الرائعة انه استطاع بمساعدة رجال المقاومة، تهريب طيارين مصريين سقطت طائرتهما فة العريش في 1967 بعد اشتباك عنيف مع طائرتين "إسرائيليتين" سقطتا أيضا، ودخل الجميع مستشفى العريش، فمات الطيارون "الإسرائيليون" متأثرين بحروقهم فيما بقى الطياران المصريان، وهما اللواء محمد علي خميس واللواء محمد حسن شحاتة اللذان كانا ينويان تفجير طائرتيهما في قلب تل أبيب. وحينما أقام ديان النصب، اعترض المجاهد إسماعيل خطابي على إقامته على أرضه، وتقدم بعدة شكاوى إلى جهات دولية، ومنها الصليب الأحمر، طالب فيها بحقه وتمسكه بأرضه، وشاركه أخوته في هذه الشكاوى، وبسبب اعتراضه على بقاء هذا النصب على أرضه اعتقلته السلطات "الإسرائيلية" 5 مرات وقضى 3 سنوات في سجون تل أبيب. وبعد انتصار أكتوبر 73 توقع خطابي أن تعود أرضه إليه وإزالة صخرة ديان رمز الإهانة، ولكن شيئا من هذا لم يحدث فرفع دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ووزيري الدفاع والداخلية، ومحافظ شمال سيناء، ورئيس الوحدة المحلية بالشيخ زويد، بصفتهم، يطالبهم بهدم النصب، وعلى الرغم من كل هذا لا تزال صخرة الإهانة قائمة تتحدى من يحاول إزالتها وتخرج لسانها لكل أهالي سيناء ولسان حالها يقول "تذكروا أيام الاحتلال". ورغم ان دعاوى خطابي لم تفلح حتى الآن يرى سياسيون وخبراء قانون دوليون أن من حق مصر إزالة هذا النصب، دون أن تواجه مصر أية مساءلة دولية فى حالة إزالة النصب.