أيام قليلة وتنتهى مهمة الحكومة الحالية برئاسة الدكتور كمال الجنزورى التى تولت البلاد فى ظروف غاية فى الصعوبة قبل 200 يوم، ورغم ما حققته من إنجازات فى بعض القطاعات فإنها وقفت أمام عدد من الملفات عاجزة وقررت أن تورثها لرئيس الحكومة القادم الذى سيختاره رئيس الجمهورية المنتخب الدكتور محمد مرسى ليتصرف فيها، وعلى رأس هذه الملفات أو «الألغام» مشكلة الأمن والبطالة وغيرها. ومن الملفات الصعبة التى ستواجهها الحكومة الجديدة ملف التشريعات، فرئيس الحكومة القادم يعمل بدون مجلس شعب وبالتالى سيتم تقديم أى مشروعات قوانين قد يكون بحاجة إليها بالمرحلة القادمة فى التعليم أو الصحة أو الاستثمار إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى عادت إليه السلطة التشريعية بعد الإعلان الدستورى المكمل. ويوضح الدكتور على لطفى، رئيس مجلس الوزراء الأسبق، أن ملف الأمن بالشارع المصرى يعد من أهم الملفات أمام الحكومة المقبلة، ورغم عودته بنسبة تقارب 65% وفقا للطفى - إلا أن الشارع المصرى ما زال يشعر بغياب الطمأنينة، فما زالت حركة المرور متخبطة وما زالت السرقات وجرائم الخطف والسطو والتحرش. ويشير لطفى أيضاً إلى مشكلة البطالة التى زادت بسبب توقف العمل بقطاعات مثل البناء والتشييد، ويقدر على لطفى أنها وصلت إلى 13٪ بدلاً من 9%، وترتبط بها مشكلة تثبيت المؤقتين والعاملين بقطاعات الدولة حتى لا يثور الموظفون ويلجأوا للاعتصامات والإضرابات، ويوصى لطفى رئيس الحكومة الجديد بالاهتمام بالمشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ويصفها ب«أساس استمرار المجتمع وازدهاره»، ويدعو لتقديم تسهيلات لها وتطويرها ويطالب كذلك ببحث ملف المصانع التى أغلقت لتعثرها بعد الثورة وبلغت قرابة ألفى مصنع. ويكمل لطفى أن ملف العشوائيات ووضع خطة له يعد من أهم الملفات أيضاً، فهناك قرابة 10 ملايين مواطن بتلك الأماكن، وهو أحد الملفات التى لم يستطع الجنزورى وضع حلول لها أو البدء بها، ولعل ملف العشوائيات سيكون أبرز ملفات الحكومة القادمة، بحسب لطفى، وكذلك ملف المستشفيات والمدارس المتهالكة ومعرفة جدوى الاستمرار بمشروع توشكى واستكمال ملف تطوير قناة السويس بما يحقق عائداً قومياً من الملاحة البحرية، وتطبيق قانون الحد الأدنى والأقصى للأجور. من جهتها، تقول الدكتورة يمن الحماقى، أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس، إن أبرز الملفات الساخنة التى تنتظر رئيس الحكومة القادم هى عجز الموازنة العامة فقد وصل العجز لقرابة 9% من الناتج المحلى، وكذلك قضية الدعم، وهى ملف مفتوح، حيث بدأ الجنزورى التفكير فى سحب الدعم من المنتجات البترولية وتوزيع اسطونات الغاز بكوبونات لكل أسرة ليضمن وصول الدعم لمستحقيه، وهو ملف لا بد من استكماله مع بداية تشكيل مجلس الوزراء الجديد، وكذلك مشكلة أزمة نقص الوقود والسلع التموينية وارتفاع الأسعار، وكذلك ملف الدين الخارجى الذى وصل لقرابة تريليون جنيه مصرى وهى مشكلة مستعصية لم تفلح حكومة الجنزورى لقصر مدتها فى حلها أو طرح حلول لها. وتؤكد الحماقى أن هناك أيضاً مشاكل الاحتكار للسلع والتشريعات التى لا بد من وضعها لضبط السوق والأسعار، وقضايا إسكان محدودى الدخل والشباب، ومشكلة عزوف المستثمرين العرب والأجانب عن الاستثمار بمصر خاصة بعد ثورة 25 يناير وملف السياحة والعاطلين، وتقول: «ليس معنى هذا أن حكومة الجنزورى فشلت فى حل تلك الملفات، ولكنها للعلم نجحت فى المرور بالوطن لبر الأمان فى مرحلة عصيبة وفى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، ولم يشعر المواطن بحجم تلك الأزمات». ويرى الدكتور أسامة عبدالخالق، الخبير الاقتصادى بجامعة الدول العربية، أن أهم القضايا والملفات التى تنتظر الحكومة المقبلة هى الاستقرار الأمنى بالمقام الأول، من أجل جذب الاستثمارات الداخلية والأجنبية، والأهم هو محاولة تدبير موارد سيادية للبلاد من أجل سد العجز بالموازنة العامة الذى وصل لقرابة 228 مليار جنيه وهو ما يتطلب اتخاذ قرار سريع بتفعيل اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية مع المفوضية والتى ستؤدى لاكتساب مصر الحقوق المتعلقة بالمعونات والقروض وحقوق التصدير والهجرة الشرعية للموارد البشرية. ويضيف عبدالخالق: هناك مهمة ملحة تنتظر رئيس الحكومة القادمة تتعلق بإيجاد نوع من التواؤم بين المواطن والحكومة قائمة على مفاهيم المواطنة، فلا يوجد فرق بين مواطن وآخر سواء للدين أو الانتماء السياسى وهى مخاوف مشروعة توجد بداخل المواطنين خشية أن يحصل الإخوان المسلمون على مزايا تفوق غيرهم من المواطنين، وبالتالى فهو مطلب معنوى لا بد أن يتداركه رئيس الحكومة المقبل. ومن ناحية أخرى ترى الدكتورة نوال التطاوى، وزيرة الاقتصاد السابقة، أن الحكومة المقبلة لا يمكن أن تهدم ما صنعه الجنزورى، فقد آن الأوان لنتخلص من تلك الفكرة ونتواصل من حكومة لأخرى، وخصوصاً أن الجنزورى أدار تلك المرحلة على أحسن ما يرام ولم يشعر المواطن بأى أزمة، وسعى لحل المشاكل قدر المستطاع، وبالنسبة لأهم الملفات العاجلة التى يجب على الحكومة الجديدة البدء بها هى تطبيق الحدين الأدنى والأقصى وتوفير فرص عمل وتعيين المؤقتين بمؤسسات الدولة حقناً للمظاهرات والاعتصامات والإضرابات، وبدء تطوير قطاع الصناعة وتوفير تشريعات وتسهيلات من شأنها الاهتمام بمشاكل المزارعين الفلاحين. ويكمل أحمد بهاء الدين شعبان، رئيس الحزب الاشتراكى، أن هناك ملفات ستواجه رئيس حكومة الدكتور محمد مرسى تتعلق بالوضع السياسى، وأولها إعداد الدستور الجديد للبلاد وتحديد صلاحياته وصلاحيات رئيس الجمهورية فيه، وكذلك حل مجلس الشعب وهو الأداة ووصلة العمل المشترك والتى تصوغ التشريعات وتعدلها من أجل تسهيل عمل الحكومة. وأضاف أنه على رئيس الحكومة الجديدة الاهتمام بملف المواطنة، فمجتمع مصر تعددى؛ به المسلم والمسيحى والليبرالى والاشتراكى والسلفى والإخوانى، وبالتالى لا بد ألا يفرق بينهما فى التوظيف أو العمل أو عند تقديم الخدمات، وكذلك العدالة الاجتماعية، فرئيس الحكومة القادمة -بعد الثورة- عليه مسئولية أن يضمن العدالة الاجتماعية لكافة المواطنين وبالتالى لا يتم زواج السلطة برأس المال مرة أخرى.