وافقت الجمعية التأسيسية لوضع الدستور على مادة القضاء العسكري "199 " بعد نقاش دام أكثر من 3 ساعات. وجاءت صياغة المادة على النحو التالي: "القضاء العسكري يختص بالفصل بكافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها.. ولا يجوز بأي حال محاكمة المدنين أمام القضاء العسكري، إلا في الحالات التي ينص عليها القانون في الجرائم التي تضر بالقوات المسلحة". جاء ذلك خلال جلسة الجمعية – الأربعاء 28 نوفمبر- التي شهدت جدلا موسعا حول محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، إذ أصر ممثلو المجلس العسكري اللواء ممدوح شاهين ممثل المجلس العسكري في الجمعية واللواء مجدي بركات ممثل القضاء العسكري، على ضرورة أن يمثل المدنيين أمام القضاء العسكري لأن هناك العديد من الجرائم التي يرتكبها المدنين وتمس القوات المسلحة.
وتباينت آراء أعضاء الجمعية التأسيسية للدستور حول المادة 199 من مسودة الدستور المتعلقة بالقضاء العسكري، حيث رفض البعض النص على محاكمة المدنيين إما المحاكم العسكرية وقاد هذا الفريق د.عصام العريان، فيما أكد على وجوده اللواء ممدوح شاهين ممثل القوات المسلحة بالجمعية. وقال العريان إمام الجلسة المسائية للجمعية:" إن الدور الكبير الذي قامت به القوات المسلحة أثناء الثورة وساهم في حماية إرادة الشعب يقدره ويعترف به ملايين المصريين، لكن العهد الجديد يؤسس لوضع جديد". وأضاف أن الحس الوطني للقاضي المدني الذي يتعرض لقضية فيها أي انتهاك للقوات المسلحة سيكون دافعا له أن يغلظ العقوبة للردع والزجر وأن من يعتدي على القوات المسلحة سيلقى جزاءه. من جانبه شدد اللواء ممدوح شاهين، على ضرورة محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية في الجرائم التي ترتكب ضد أفراد ومعدات القوات المسلحة. وقال:" إننا لا نريد محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، لكن هل مصلحة المدني أولى أم مصلحة البلد؟، ونحن لا نأخذ اختصاص القضاء العادي". وأضاف أن أفراد القوات المسلحة أثناء الثورة تعرضوا لإهانات كثيرة ولم يردوا مما أدى إلى انخفاض الروح المعنوية لهم خاصة بعد إن أحيل المتهمون بهذه الجرائم إلى النيابة المدنية وحفظت القضايا وأفرجت عنهم، وتساءل: هل بعد ذلك أستطيع إن أقول للجندي قف هنا لكي تتعرض للإهانات والضرب ؟. وأوضح شاهين أن القوات المسلحة حددت موضوع محاكمات المدنيين باختصاص مكاني أي بالاعتداء على وحداتها ونوعى بالاعتداء على الأفراد والمعدات. وطالب شاهين بالنظر إلى المصلحة العامة، مشيرا إلى إن القضاء العسكري يطبق القانون العادي ومنه قانون العقوبات في حالة ارتكاب عسكري مثلا جريمة قتل، وقال:" إما إذا أردتم غير ما نطلبه فلنلغى القضاء العسكري إذا". وشدد شاهين على أن موضوع عدم محاكمة المدنيين إمام القضاء العسكري في القضايا التي ترتكب ضد القوات المسلحة وأفرادها أمراً غير مقبول بالمرة في القوات المسلحة التي هى ملك للشعب، مضيفا: "إذا كنتم تريدون التضييق فلا بأس لكن في نفس الوقت لابد من حماية القوات المسلحة خاصة وأن لدينا وقائع كثيرة أثناء الثورة بعد إن قبض على بعض الناس ثم أفرج عنهم. من جانبه قال العضو وجيه الشيمي أننا مقبلون على مرحلة تختلف كليا عن المرحلة السابقة واقترح إن نقول لا يجوز محاكمة المدنيين إمام القضاء العسكري إلا وفقا لما يقتضيه القانون، وأيده في ذلك المستشار نور علي، مؤكدا أن عدم محاكمة المدنيين في القضايا التي تخص القوات المسلحة إمام القضاء العسكري مهمة جدا في ظل وجود من يقوم بالتسلل إلى البلاد ومن يتجسس عليها. كان رئيس الجمعية المستشار حسام الغرياني، وأشار إلى أنه لابد من الحفاظ على أمن القوات المسلحة، وقال:" نحن أمامنا خياران إما ننسف هذا الأمن للقوات المسلحة، أو نحد من محاكمة المدنيين أمام القوات المسلحة". وأضاف كل العالم لديه قوات مسلحة وهناك عدة أنماط من القضاء العسكري منها من يأخذ بضم عدد من القضاة المدنيين إلى القضاء العسكري وأخر يقصر القضاء العسكري على قضاه عسكريين فقط. وأوضح أن أعضاء التأسيسية أمامهم إما أن ينص في الدستور على أن يمتنع بتاتا محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وإما نقدر الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد ونعطى القوات المسلحة سلطة محاكمة المدنيين عما يرتكبوه من جرائم تتعلق بالقوات المسلحة. واقترح د.محمد البلتاجي، نصا يقول أنه: " لا يجوز بحال أن يحاكم المدنين أمام القضاء العسكري في غير الجرائم التي ترتكب ضد أمن وأسرار ومنشآت ومعدات القوات المسلحة ولا يجوز أن يحاكم أمام القضاء العسكري إلا العسكريون. من جانبه قال اللواء مجد الدين بركات ممثل القضاء العسكري أنه لا يوجد منكم من سرق سلاحا أو دخل وحدة ليعتدي عليها وليس منكم من تخلف عن التجنيد كل الأمور السابقة التي تخشونها كانت لأسباب سياسية وكل ما عانيتم منه ألغى واكد إن القوات المسلحة طيلة تاريخها لم تعتقل أحدا، واليوم الحدود المصرية تخترق بأسلحة مضادة للطائرات وصواريخ تهدد قناة السويس تخيلوا لو حدث ضرب لسفينة في القناة طبقا للاتفاقيات الدولية ستأتي دول العالم لتحمي القناة. وقال إننا لن نذهب للشارع لنقبض على الناس ولا نسعى لزيادة الاختصاصات ونحن نتحدث طيلة خمسة شهور وبإجماع الآراء اتفقنا على هذا النص لم يخالفنا أحد اختلفنا فقط على مكانه هل في القضاء العسكري أم القضاء العادي. وفى ختام المناقشات طالب الأعضاء السلفيون بالنص على أنه لا يجوز محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري إلا في الحالات التي يحددها القانون. وأقرت الجمعية نصا يقول: ولا يجوز محاكمة المدنيين إمام المحاكم العسكرية إلا في الحالات التي يحددها القانون من الجرائم التي تضر القوات المسلحة". كما وافقت على نص الشرطة وهى هيئة مدنية نظامية تؤدى واجبها في خدمة الشعب وولاءها للدستور والقانون وتتولى حفظ الأمن والنظام والآداب العامة وتنفيذ ما تفرضه القوانين واللوائح وتكفل للمواطنين الطمأنينة وحماية حقوقهم وحرياتهم وذلك كله على الوجه الذي يكفله القانون.