مع شديد الأسف، لم يسعدنى الحظ بالاقتراب كثيرًا من محمد صبحى الإنسان، ولكن أسعدنى هذا الفنان بما قَدَّم من أعمال فى مجالى المسرح والتليفزيون، وذات يوم كنا فى «اللوكيشن»، حيث يسهر نجوم المحروسة خلف مسرح الجيب، قبل أن تحتله هذه المطاعم العائمة، ودار حديث بين الثلاثى: فريد شوقى، وعادل إمام، وصلاح السعدنى، حول بزوغ نجم محمد صبحى مسرحيًا، واتفق الثلاثى المُمتع على أن صبحى سوف يحمل بيمينه أعمالًا تضمن له الخلود فى عالم الفنون والجنون. وتدخل سمير خفاجى، صاحب فرقة «المتحدين»، لينسب للفرقة المسرحية، الفضل فى تبنى محمد صبحى وتقديمه بشكل أسفر عن موهبة من النوع الثقيل، وفوق ذلك، استمعت لحديث بين السعدنى الكبير «الولد الشقي»، والعم أحمد طوغان، لما يمكن أن أطلق عليه وسام الكمال لمحمد صبحى، وكان الحوار يدور حول مسرحيته الشهيرة «الهمجى»، وفيها استطاع هذا الفنان القدير أن يجذب السعدنى من ردائه ويجعله مستمرًا فى وضع المشاهدة، وقد اختلطت الدهشة بالضحكات والانبهار. وتَطَرَّق الحديث بينهما إلى صبحى والسينما، فقال السعدنى: هو فى المسرح انتبه إلى منطقة أهملها كل نجوم الكوميديا، بفضل هذا الكاتب الموهوب لينين الرملى، الذى أعاد إلى الأذهان ثنائية بديع خيرى ونجيب الريحانى. وبفضل هذه الشهادات، التى اعتبرتها أرفع ألف مرة من شهادات الجامعات المتخصصة فى مجال الفنون، وضعت محمد صبحى تحت الميكروسكوب، وبدأت رحلة البحث عن أعماله. والحق أقول: وجدت صبحى وقد حقق أهدافًا فنية شديدة الصعوبة؛ فأنت إذا وجدت البهجة وحدها فهذا يكفى لنجاح العمل الفنى، لأنه هدف سامٍ، فالضحك يجلى الصدأ المُتراكم فى النفوس، ولكن أن يحمل رسالة، ويتبنى أهدافًا، ويخاطب العقول، فهذا أمر يجعله عملًا فنيًا كامل الأوصاف. ومن حُسن الطالع، أن محمد صبحى لا يزال يمارس هوايته الكبرى فى إسعاد ودهشة عُشاق الفن، بفضل عقل منير أهَّله لأن يلعب الدور الذى ينبغى للفنان أن يلعبه فى مجتمع لا أقول به غالبية أمية، ولكن فى مجتمع لم يعد يميل للقراءة، بل إن أغلب شبابه يستمدون المعلومة من الإنترنت، مع شديد الأسف، وهنا يصبح وجود محمد صبحى، ومَن هم على شاكلته، أمرًا حتميًا. والحق أقول: لو أن الأمر بيدى، لعَيَّنت محمد صبحى مسئولًا عن التخطيط للعملية الفنية فى المسرح والتليفزيون. ولكن ما أعجب «الهرم المقلوب»! محمد صبحى يُواجه حملة شعواء من صلعاء العقل والموهبة، لأن له رأيًا فى فيلم «الست»، وهو أمر عجيب، فلو كان أفتى مثلًا فى قضية «فيتناوو» على رأى السعدنى الكبير لشاركت فى الهجوم عليه، ولكن الرجل الذى أفنى حياته فى عالم الفن، وأمضى عمرًا فوق خشبة المسرح وفى استوديوهات السينما والتليفزيون، يتحدث عن عمل فنى يعنى صميم شغله ودراسته وتجربته وخبراته فى الحياة. وعلى العموم، يا فنان العرب الكبير، أنا فى طريقى لمشاهدة الفيلم، وسوف أصحب معى صديقتنا الرائعة انشراح. نعم، سأذهب لمشاهدة الفيلم، وسأكتب للسادة القُراء، انطباعى وانطباع انشراح، وكلى ثقة فى التوافق بينى وبينها. وبالنيابة عن عُشاق فنك الراقى، اسمح لى أن أضرب لك «تعظيم سلام».