تفجرت أزمة جديدة داخل واشنطن بعدما اطّلع أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي على تسجيلات مصورة تُظهر تفاصيل غير مسبوقة عن غارة جوية نفذها الجيش الأمريكي ضد قارب يُشتبه في أنه يحمل مخدرات بمنطقة الكاريبي. وأثارت اللقطات، التي كشفت صراع رجلين أعزلين مع حطام سفينتهما لمدة ساعة قبل استهدافهما مجددًا بضربة قاتلة، موجة من الأسئلة حول مشروعية حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الواسعة ضد "قوارب المخدرات"، وحول احتمال تورط مسؤولين في البنتاجون في انتهاكات ترقى لمستوى جرائم الحرب. اقرأ أيضًا| سجل أمريكي أسود في التدخلات الخارجية.. هل تدفع فنزويلا ثمن اندفاع القوة الأمريكية؟ وبحسب محللين قانونيين ودبلوماسيين، قد تمثل هذه التسجيلات اللحظة التي تتحول فيها الحملة البحرية المثيرة للجدل والتي رفعت حصيلة القتلى إلى 87 شخصًا في 22 هجومًا من ملف أمني داخلي إلى قضية دولية تتعلق بقوانين الحرب والاشتباك في المياه الدولية. ويعرض التقرير التالي، تفاصيل ما كشفته «الجارديان»، ويوضح سيناريو الاستهداف، وردود الفعل المتباينة، والأسئلة القانونية التي تزداد إلحاحًا داخل دوائر الحكم الأمريكية. تسجيلات صادمة أمام مجلس الشيوخ الجيش الأميركي ينشر فيديو لغارة بحرية في شرق المحيط الهادئ، استهدفت قارباً يُشتبه تورطه في تهريب المخدرات، وأسفرت عن مقتل 4 أشخاص وفق الرواية الأميركية#نكمن_في_التفاصيل pic.twitter.com/jhF1u9aDct — Independent عربية (@IndyArabia) December 5, 2025 أفادت صحيفة «الجارديان» البريطانية، أن مقطع فيديو عُرض على أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أظهر رجلين أعزلين، عاريي الصدر، يكافحان للبقاء على قيد الحياة بعد قصف قارب كان يُشتبه بأنه يستخدم في تهريب المخدرات، وبحسب مصادر اطلعت على التسجيل، كان الرجلان يطفوان فوق جزء من هيكل القارب قبل أن يتعرضا لضربة ثانية أنهت حياتهما. وأكد مصدران تحدّثا ل«رويترز»، أن الرجلين لم يكونا مسلحين، ولا يحملان أجهزة اتصال أو أي مؤشر على تمثيلهما خطرًا قتاليًا، كما لم يُظهرا أي معرفة بما أصابهما قبل بدء الجيش الأمريكي دراسة خيار قصفهما مجددًا. وأشار أحد المصادر إلى أن الفيديو يوثّق محاولة الضحيتين قلب قطعة من الحطام لمدة تقارب ساعة كاملة دون جدوى. مخاوف من جريمة حرب محتملة ترمب يتعهد بالنظر في ضربة للجيش الأميركي أودت بحياة ناجيين اثنين في الكاريبي.. ويدافع عن وزير الحرب: لم يأمر بقتلهما #ترمب#أميركا#الحدث pic.twitter.com/gEdUZfYLOK — ا لحدث (@AlHadath) December 1, 2025 أوضح مسؤولون في الكونجرس الأمريكي أن الهجوم الثاني، الذي وقع في 2 سبتمبر/أيلول، يُثير مخاوف جدية من احتمال ارتكاب وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث ومسؤولين آخرين انتهاكًا واضحًا لقوانين الحرب، وقد تمت مشاهدة التسجيلات خلف أبواب مغلقة، بينما تزايدت الضغوط على البنتاجون لتبرير الأساس القانوني للحملة البحرية. وفي السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية، بعد ساعات فقط من عرض الفيديو على المشرعين، عن ضربة جديدة أسفرت عن مقتل أربعة رجال في شرق المحيط الهادئ، ليرتفع عدد الضربات إلى 22 عملية منذ بدء الحملة. 22 هجومًا و87 قتيلًا وغياب شبه كامل للشفافية نشرت القيادة الجنوبية الأمريكية فيديو للهجوم الأخير، واصفة العملية بأنها «ضربة حركية مميتة» ضد سفينة تشغّلها «منظمة إرهابية» بحسب وصفهم وأضافت أن الاستخبارات أكدت حمل السفينة مواد مخدرة وأنها كانت تعبر أحد أشهر ممرات تهريب المخدرات. لكن هذه كانت أول ضربة معلنة منذ ثلاثة أسابيع، في وقت يكافح فيه البيت الأبيض والبنتاجون لتقديم تبريرات قانونية واضحة لحملة قتل تستهدف مهربين مشتبهين دون محاكمات أو أدلة قضائية. واشنطن بوست: هيجسيث أصدر توجيهات شفهية بالقتل بعد تقارير تحدثت عن إصداره أمرا ب "قتل الجميع" في استهداف قارب يشتبه بارتباطه بمهربي المخدرات.. تحذيرات في الكونغرس من احتمال تورط وزير الحرب بيت هيغسيث في "جريمة حرب"#أميركا #العربية pic.twitter.com/N5feAm3oz7 — العربية (@AlArabiya) December 1, 2025 تركز الجدل بشكل خاص على ضربة 2 سبتمبر، التي سبقت الضربة المميتة للناجين، وكانت صحيفة «واشنطن بوست» قد كشفت أن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث أصدر أوامر شفهية للجيش الأمريكي ب«قتلهم جميعًا». لكن الأدميرال فرانك برادلي، قائد العملية، قال للمشرعين إنه لم يتلقَ أمرًا بقتل كل من على متن القارب. كما نشر ترامب نفسه، فيديو الهجوم الأول على منصة «تروث سوشيال»، لكنه لم ينشر فيديو الهجوم الثاني الذي قتل الرجلين الباقيين، ووعد لاحقًا بالكشف عنه كاملًا، لكن البنتاجون لم يسمح بذلك حتى اللحظة. وقال جيم هايمز، عضو الكونجرس الديمقراطي الذي شاهد التسجيل: «إن ما رأيته هو اثنان في حالة حرجة، غير قادرين على الحركة، يحاولان النجاة فوق حطام سفينة محطمة... أي مواطن أمريكي سيرى الجيش يهاجم بحارة منكوبين». وأضاف أن من كانوا على القارب «أشرار»، لكنهم لم يعودوا قادرين على القتال أو مواصلة أي مهمة. ويُظهر الفيديو بحسب مصدر مطلع أن برادلي اعتقد أن الحطام قد يظل طافيًا بسبب وجود كوكايين بداخله، ما دفع إلى توجيه ثلاث ذخائر إضافية نحو السفينة المتضررة. اقرأ أيضًا| البيت الأبيض يقرّ بضربة ثانية على سفينة مخدرات.. ومخاوف من جرائم حرب تهز واشنطن الجمهوريون: العملية قانونية.. والديمقراطيون: انتهاك صارخ لحقوق الإنسان "جريمة حرب".. سيناتور أمريكي يطالب برقابة صارمة بعد مزاعم عن ضربة أمريكية ثانية استهدفت ناجين على متن سفينة مخدرات مشتبه بها في الكاريبي pic.twitter.com/WMuck9WmAR — CNN بالعربية (@cnnarabic) December 2, 2025 أشاد السيناتور الجمهوري توم كوتون بالعملية، زاعمًا أنه شاهد «رجلين يحاولان إعادة القارب المحمّل بالمخدرات للقتال». لكن خبراء قانونيين شككوا بقوة في هذا التفسير. وقال الخبير القانوني رايان جودمان إن الرواية الجمهورية تتناقض مع المشاهد المصوّرة، موضحًا أن الرجلين لم يكونا منخرطين في «أنشطة قتالية» بأي شكل. خبراء: قتل الغرقى العاجزين مثال صريح على الأوامر غير القانونية أشارت أدلة وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن استهداف المقاتلين الذين أصبحوا عاجزين أو منكوبين أمر «غير قانوني بوضوح». وذكرت ريبيكا إنجبر، المستشارة القانونية السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية، أن ما حصل يمثل «قتلًا غير قانوني لأشخاص تحطمت سفينتهم». كما أكد ماركوس ستانلي من معهد كوينسي، أن الضربات نفسها تحمل مؤشرات على «جرائم حرب محتملة»، حتى قبل عرض فيديو القتل الثاني. هل يتحول ملف ترامب البحري إلى قضية دولية؟ ووسط تصاعد الجدل القانوني والسياسي، حذّر محللون من أن التوسع في استهداف مهربين مشتبهين في المياه الدولية دون أدلة قضائية قد يفتح الباب أمام تحقيقات خارجية أو مراجعة أممية لطبيعة الحملة الأمريكية. وقال ستانلي: «إذا كان من الممكن استهداف شخص لمجرد الاشتباه به، فهذا يفتح بابًا خطيرًا للغاية... والشعب الأمريكي يستحق أقصى درجات الشفافية ليعرف ما يُرتكب باسمه». اقرأ أيضًا| إنذار ترامب يشعل الأزمة.. هل تقترب واشنطن من مواجهة مفتوحة مع فنزويلا؟