قد يتخيل الكثيرون أن التهام كيس من رقائق البطاطس بالكامل ما هو إلا ضعف إرادة، لكن ما تكشفه الدراسات الحديثة يذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، فالأطعمة فائقة المعالجة تصمم بطريقة تستثير الدماغ وتربك إشارات الشبع، فتدفع الإنسان إلى تناول كميات أكبر دون وعي. يوضح د. عماد سلامة، أخصائي التغذية العلاجية، أن المشكلة لا تتعلق بالإرادة بقدر ما ترتبط بكيفية استجابة الدماغ للتركيبات الغذائية المصنعة فالأطعمة فائقة المعالجة مثل الشيبسي والمشروبات الغازية والبسكويت والكيك الصناعي تحتوي على مزيج مدروس من الدهون والسكريات والملح، مما يحفز الدماغ على إفراز كميات كبيرة من الدوبامين، وهو هرمون المكافأة المرتبط بالشعور السريع بالمتعة. اقرأ أيضًا | تناول رقائق البطاطس مع الصلصة يزيد استهلاك السعرات الحرارية بشكل كبير هذا الارتفاع المفاجئ في الدوبامين يعطل الإشارات الطبيعية للشبع، فيواصل الشخص الأكل دون إدراك لنقطة الاكتفاء، وتزيد المواد المضافة من نكهات صناعية ومحسنات قوام و«ملح صيني» من هذا التأثير، إذ تجعل الطعام أكثر إثارة للجهاز العصبي بطريقة تقارب تأثير بعض المواد المخدرة. ومع التكرار، يعتاد الدماغ على هذه الجرعات المرتفعة من التحفيز ويبدأ في طلب المزيد للحصول على الشعور نفسه، فتتكوّن دائرة شبيهة تمامًا بدائرة الإدمان. ولا تقتصر المخاطر على زيادة الوزن، إذ تربط أبحاث عديدة بين الإفراط في تناول هذه الأطعمة وزيادة احتمال الإصابة بأمراض القلب والسكري واضطرابات المزاج والقدرات الذهنية، بما في ذلك الشعور بالتعب المزمن والقلق وربما الاكتئاب. وهكذا تتحول وجبة خفيفة صغيرة إلى عبء صحي كبير. ويشير د. عماد إلى أن الحل يبدأ بالوعي، عبر تقليل الاعتماد على الأطعمة المعالجة والعودة إلى البدائل الطبيعية مثل الفاكهة والوجبات المنزلية. أما إذا وجد الشخص صعوبة في الامتناع عن هذه الأغذية رغم محاولاته، فهذه علامة على اعتماد يشبه الإدمان، وهنا يصبح من الضروري اتباع خطة تدريجية منظمة وربما استشارة متخصص لإعادة تدريب الدماغ على الاستجابة للطعام بشكل صحي.