تتصاعد وتيرة العلاقات المصرية الأوروبية لتصل إلى ذروة جديدة من التعاون الاستراتيجي والشامل، مؤكدة على الدور المحوري الذي تلعبه مصر كشريك موثوق به في منطقة جنوب المتوسط. تترسخ هذه العلاقات ليس فقط بحكم القرب الجغرافي والتاريخي والثقافي، بل أيضاً كركيزة أساسية للأمن والاستقرار الإقليمي والأوروبي على حد سواء. تشكل الشراكة الاستراتيجية الشاملة الموقعة بين الجانبين إطاراً مؤسسياً متيناً لتعزيز النمو الاقتصادي المشترك ومواجهة التحديات العابرة للحدود، وفي مقدمتها قضايا الهجرة غير الشرعية والأمن الإقليمي. هذا الزخم المتصاعد يؤكد على إدراك الاتحاد الأوروبي الكامل لأهمية مصر الاستراتيجية كشريك لا غنى عنه في كافة الجوانب التجارية والاستثمارية والصناعية. اقرأ ايضا الاتحاد الأوروبي يدعو لفتح كافة المعابر وإنهاء العنف بعد زيارة رفح المنتدى الإقليمي العاشر: منصة لتعزيز الروابط في تأكيد على عمق هذه الشراكة، يشارك وزير الخارجية بدر عبد العاطي، في فعاليات المنتدى الإقليمي العاشر للاتحاد من أجل المتوسط المنعقد في برشلونة. وتأتي هذه المشاركة في إطار عمل يستهدف مواجهة التحديات والمشكلات التي تتعرض لها المنطقة بشكل جماعي مع شريك له مكانته الجغرافية والسياسية والاستراتيجية. ووفقاً لما صرح به السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، على شاشة اكسترا نيوز فإن المنتدى يمثل فرصة هامة للوزير للتشاور الثنائي مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي ووزراء الخارجية ل 43 دولة حاضرة. ويُنتظر أن يسفر المنتدى عن إطلاق مسعى ل ميثاق المتوسط، الذي يمثل إطار عمل للتعاون والتكامل الاقتصادي، إلى جانب رؤية استراتيجية تهدف إلى تقوية الروابط الاقتصادية والشعبية والثقافية وترجمة الشراكة بشكل واقعي وأوسع. جهود مصر الدبلوماسية: عرض الرؤى تجاه الأزمات الإقليمية تستغل مصر هذه اللقاءات الدولية لعرض رؤاها ومواقفها إزاء الأوضاع الإقليمية المتدهورة. ومن أبرز القضايا التي ستطرحها مصر للنقاش هي الأوضاع في السودان وقطاع غزة. كما تتصدر أولويات النقاش مع الجانب الأوروبي قضية الهجرة غير الشرعية التي تُعد تحدياً يقلق أوروبا بشدة. وفي هذا السياق، تتحدث مصر بلغة واضحة تطالب بضرورة إتاحة أطر للهجرة النظامية والتركيز على الاستثمار في المنطقة، ليس فقط استثماراً تجارياً، بل استثمار يعزز من الأطر الاستراتيجية والاقتصادية الهامة لتوطين البشر. وتُعد هذه النظرة المصرية حلاً جذرياً يربط الأمن بالتنمية، حيث ترى القاهرة أن الاستثمار في البنية التحتية والقطاعات الحيوية مثل الزراعة والصناعة هو مفتاح الاستقرار. آفاق التعاون الاقتصادي: مصر كشريك استراتيجي للتنمية يعكس قرار الاتحاد الأوروبي بتطوير علاقاته مع مصر إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة إدراكاً عميقاً لمقومات التقدم الاقتصادي التي تملكها مصر. ويؤكد السفير حجازي أن أوروبا أدركت أن أمن واستقرار مصر هو ركيزة للأمن الأوروبي. وقد اتخذت أوروبا قراراً استراتيجياً بجعل مصر شريكاً يُعتد به في كافة المجالات، مستفيدة من مقومات التقدم المصري في الزراعة والتجارة والاستثمار وإضافة القدرات الأوروبية التكنولوجية والتمويل والاستثمار. هذا التكامل يفتح آفاقاً واسعة للمشروعات المشتركة، خاصة في قطاعات الطاقة الجديدة والمتجددة والوقود الأخضر، ما يجعل من مصر شريكاً فاعلاً ورئيسياً في استراتيجيات الاتحاد الأوروبي، على غرار تعاملها مع تركيا أو المغرب. ويُعزز هذا التوجه من مكانة مصر ك "بوابة إفريقيا" للاستثمارات الأوروبية.