مطلوب استراتيجية شاملة للمواجهة وتغليظ العقوبات «التسول» يتحدى الزمن .. و«حارس السيارات»يفرض سطوته و«الإسكوتر» ينضم لقائمة «المزعجين» قائمة لا تنتهى من العادات السيئة التى تغص بها الشوارع الخلفية، والتى تحول حياة سكانها إلى جحيم لا يطاق، فعادة «التسول» السيئة تتحدى الزمن وتواصل مسيرتها عبر الأجيال مستغلة تعاطف الناس لتكوين الثروات بأسهل وأسرع وسيلة ودون أى جهد، وما يشير إلى تغول الظاهرة قيام الأجهزة الأمنية بضبط أكثر من 12 ألف متسول، خلال شهر واحد، والأعجب أن تتصدر «العاصمة» الظاهرة، خاصة فى الأماكن السياحية، وهو ما يقتضى تحركاً عاجلاً لبحث سبل مكافحة تلك الظاهرة. وتعديل القانون لتغليظ العقوبات على المتسولين، أما عن ظاهرة «السايس»، فعلى الرغم من كل الجراجات الحديثة التى أقامتها الدولة فى كافة المناطق، فمازال الرجل يفرض سطوته ونفوذه فى أماكن عمله بإتاوات مضاعفة وبلطجة وترويع لملاك السيارات مع فرض أسعار غير منطقية، وهو ما يتطلب ردعاً وحزماً من المحليات لمواجهة هذه الظاهرة، وأخيراً وليس آخراً، انضم أحدث المواليد لقائمة «المزعجين» وهو «الإسكوتر»، الذى أطلق لنفسه العنان فى الأحياء الشعبية منافساً قوياً للتوك توك بساعة واحدة بقيمة 100 جنيه، ما يجعله مورداً جديداً للرزق، ساهم فى انتشاره بسرعة البرق .. «الأخبار» تفتح ملفات المخالفات والظواهر الغريبة والضارة فى الشارع المصرى لمكافحتها وحماية المواطنين من تلك المخالفات والبدء فى وضع الحلول المناسبة لمواجهتها. تحول «التسول» إلى مهنة تجلب الربح السريع، وتضمن لصاحبها تكوين ثروة طائلة .. كلما سرت فى شارع تعثرت بمتسول فى طريقك.. إذا جلست فى وسيلة مواصلات، أو على مقهى، تجدهم أمامك يمدون أياديهم، وكل منهم يحاول إقناعك بأنه منَ يستحق العطف والصدقة، بسبب ما يكابده من ظروف صعبة لا يمكنه القفز عليها دون مساعدة، كل منهم لديه قصة صاغها بمهارة، وأساليب وحيل قوية وجاذبة من أجل أن تصدقهم وتمنحهم «شيئا لله»، فهو يجيد العزف على أوتار البسطاء، ولا يقتصر الأمر استهداف المصريين والعرب، ولكنه تخطاه إلى السائحين فى الأماكن الأثرية. اقرأ أيضًا| ضبط 14 متهمًا لاستغلال 15 طفلًا في التسول وبيع السلع بطريقة إلحاحية بالجيزة إضافة إلى التسول الإلكتروني، ما يجعل الظاهرة التى تنمو أعدادها يوماً بعد الآخر فى حاجة ماسة إلى تفسير ومواجهة علاج، ونحن هنا نستطلع آراء خبراء علم النفس والاجتماع والدين، إضافة إلى التعرف على العقوبات القانونية، وتقديم الحلول العملية لمواجهة الظاهرة ونصائح للمواطنين للحد من انتشارها . آخر إحصائية أعدها المجلس القومى للبحوث الاجتماعية عام 2019، تقول: إن أعدادهم وصلت إلى 41 ألف متسول، وتتصدر القاهرةمحافظات مصر فى أعداد المتسولين (14 ألفاً و400 متسول) تليها الإسكندرية (9 آلاف) ما جعل لجنة الرعاية الاجتماعية بالبرلمان توصى بإعادة دراسة مشروع قانون تجريم التسول رقم 49 لسنة 1933 والذى يتضمن 8 مواد. ويمكن الاستفادة من التجارب الدولية فى مواجهة الظاهرة، خاصة أن بعض الدول مثل الهند نجحت من خلال برامج التأهيل والتدريب المهنى فى تقليل الأعداد إلى حد كبير، ولجأت حكومات مثل الولاياتالمتحدة إلى إتاحة فرص عمل لمن يتم ضبطه بالتعاون مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدنى، كما لجأت دول مثل سنغافورة إلى تغليظ العقوبات لمواجهة المشكلة، وأطلقت دول أخرى تطبيقات إلكترونية لتسهيل الإبلاغ عن المتسولين. جهود الداخلية أكدت وزارة الداخلية، فى بيان لها، أن جهودها أسفرت خلال شهر مارس الماضى عن ضبط 12 ألفًا و192 قضية تسول، وفى أبريل 2024 عن ضبط 12 ألفًا و238 قضية تسول، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة. وتقول د. سهير الدمنهورى، رئيس قسم الاجتماع الأسبق فى كلية الآداب جامعة حلوان، إن التسول لا يمكن اعتباره حلاً إلا فى حالات استثنائية مثل كبار السن الذين فقدوا المعيل. اقرأ أيضًا| ضبط 10 متهمين لاستغلال الأطفال في التسول بالإكراه وأضافت أن المشكلة الحقيقية أن البعض يلجأ للتسول كوسيلة سهلة لجمع المال وأن المتعاطفين مع المتسولين هم السبب الرئيسى لتفاقم الظاهرة. وعى مجتمعى وأوضح اللواء محمد نور، مساعد وزير الداخلية الأسبق، أن ظاهرة التسول تفاقمت بسبب غياب الوعى الدينى والجهل وسوء التربية،. وأكد أن هناك زيادة ملحوظة فى أعداد المتسولين بسبب الطمع وسهولة كسب المال دون عناء، وأضاف أن المتسولين يستغلون مواسم معينة مثل الامتحانات والمناسبات الدينية وأماكن المستشفيات والمطاعم لجمع المال، مما جعلهم يشكلون عصابات مقسمة على المناطق والشوارع. وشدد على ضرورة وضع استراتيجية شاملة لمكافحة التسول، تشمل تعزيز الوعى المجتمعى عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى للتصدى لاستغلال المتسولين لمشاعر الناس. تغليظ العقوبات وأشارت المستشارة نهى الجندي، أن القانون المصرى ينظم مواجهة ظاهرة التسول من خلال قانون رقم 49 لسنة 1933، الذى يحدد عقوبات واضحة لكل أشكال التسول، ووفقاً للمادة الأولى من القانون، يعاقب كل شخص صحيح البنية، ذكرًا أو أنثى، ممن بلغوا الخامسة عشرة من العمر، إذا وجد متسولاً فى الأماكن العامة، بالحبس لمدة لا تتجاوز شهرين. وأوضحت أن القانون يعاقب غير القادرين بدنيًا على العمل بالحبس لمدة لا تتجاوز شهرًا إذا وجدت ملاجئ مناسبة وكان بإمكانهم الالتحاق بها ، تفرض الحبس لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر على كل متسول يتصنع إصابات أو عاهات، أو يستخدم وسائل غش لاستعطاف الناس. وأضافت أنه يتم حبس منَ يدخل منزلًا أو محلًا بدون إذن بغرض التسول ويعاقب بنفس العقوبة كل متسول يحمل أشياء ولا يستطيع إثبات مصدرها، ويعاقب بالحبس من ثلاثة إلى ستة أشهر من يغرى الأطفال دون الخامسة عشرة على التسول أو يستخدمهم لهذا الغرض. التسول الإلكترونى وأكد د. وليد هندى، استشارى الصحة النفسية، أن التسول ظاهرة عالمية قديمة، تختلف بطبيعتها وأنماطها وآلياتها من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر، لكن التسول زاد بصورة كبيرة جدا فى الآونة الأخيرة خاصة بعد دخول الإنترنت حيث أصبح العالم قرية صغيرة. وظهر مجتمع موازٍ، فلجأ المتسول لوسيلة أكثر ارتقاء ومناسبة لهذا العالم الموازى، وزاد التسول الإلكترونى والذى بعد كل البعد عن الأشكال التقليدية للتسول كبيع البخور بالمواصلات والمناديل الورقية، وبدأ المتسول الجديد بطريقة شيك لا يدعى الخرس والإعاقة ولا يحمل صغيراً على كتفه، فتجد أن سيكولوجية المتسول اختلفت، فقديماً كان يستدر العطف ويتدنى ويتحمل الإذلال والمهانة من الآخرين، بينما الآن يتسول عن طريق الإنترنت، وعند شعوره بغضب الطرف الآخر يقوم بعمل «بلوك»، فأصبح لديه استعلاء نفسى، أصبح المتسول الإلكترونى مثقفاً يقوم بدراسة الضحية، فيبحث عن طبيعة عملك وقدرتك المالية. مخالف للشرع وقال د. أحمد كريمة، أستاذ الفقة المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن «الله تعالى جعل الكرامة لبنى آدم مسلميهم وغير مسلميهم، والشرائع كلها تحض على بذل المجهود لنيل المقصود بعرق الجبين وكد اليمين»، وذلك مصداقًا لقول الحق عز وجل «ولقد كرمنا بنى آدم وحملناهم فى البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا». وأوضح أن التسول ظاهرة تسيء للمجتمع، حيث يظهر المتسول بمظهر الذليل والمحتاج، وهو أمر نهى عنه الإسلام، كما حذر النبى صلى الله عليه وسلم من هذه المهنة لأنها تفقد صاحبها كرامته وتسيء لآخرتهن قال صلى الله عليه وسلم: «ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتى يوم القيامة ليس فى وجهه مزعة لحم. وأضاف أن الإسلام حرم التسول لمن يملك ما يغنيه وحث على العمل والكسب الشريف، معتبرا أن أفضل ما يأكله الإنسان هو من كسب يده، أن المتسول يأخذ أموال الناس بالباطل. وبين أن الإسلام دعا إلى صون الكرامة الإنسانية، وأكد أن على المحتاج اللجوء للجهات المعنية للحصول على الدعم بدلاً من التسول، يجب على المجتمع التوقف فى وجه متسولين الشوارع والميادين والسياس وعدم تشجيعهم بالتصدق عليهم، والعمل على نصحهم لتصحيح سلوكهم، واللجوء إلى وسائل مشروعة لكسب الرزق. صفحات إلكترونية ويرى محمد سلامة، خبير الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، أن شكل التسول تطور ليصبح إلكترونياً مستغلاً رغبة المصريين فى عمل الخير، ويأخذ عدة صور وأشكال كاستغلال أسماء جمعيات ذات شهرة لعمل الخير، والتسول من خلال صفحات وهمية، لذلك أنصح المواطنين بضرورة التحقق من تلك الصفحات قبل الوقوع فى الفخ من خلال البحث فى تاريخ إنشائها ومعرفة مؤسسها، وهو مدون بالجزء الخاص بالتعريف عن الصفحة، خاصة وأن البعض يقوم بشراء صفحات ويقوم بتغيير أسمائها، ويظهر ببيانات الصفحة تلك المعلومات التى تحمل أسماءها التى حملتها عبر السنوات المختلفة مما يجعلك تشك بالصفحة، أو من خلال التحقق من العنوان وأرقام التليفونات المدونة بتلك الصفحات من خلال وضعها على «خريطة جوجل»، والتأكد من أن العنوان لمقر مؤسسة أو السؤال عن اسم حامل الصفحة خاصة أن جميع مؤسسات المجتمع المدنى والجمعيات ذات الثقة تقوم بعمل إعلانات طوال العام، وحذر من الصفحات الوهمية التى ينشئها محترفون للنصب الإلكترونى .