ترددت كثيرًا فى تخصيص السطور التالية للحديث عن مشكلة تتعلق بالكلاب الضالة، ولكن عندما يتحول الأمر إلى ظاهرة، تنذر بوقوع مشكلة قومية، فمن الأمانة أن نتكلم، وندق نواقيس الخطر. بداية، لاخلاف على أن كل الأديان تحثنا على الرفق بالحيوان، وهناك عشرات وربما مئات الأحاديث التى تحث على الرحمة والشفقة بالحيوان، حتى إن الله سبحانه، أدخل امرأة النار بسبب هرة، وشكر الله صنيع عبد سقى كلبًا فى خفه، بعد أن كاد يهلك من العطش فى الصحراء. كل هذا نعرفه ولا خلاف عليه، ولكن لوحظ فى العقد الأخير تنامى ظاهرة التعلق بالكلاب والقطط، وأصبح اقتناؤها من مظاهر التحضر والرقى وارتقاء السلم الاجتماعى، وأصبحنا نسمع عن أرقام يصعب تصديقها لشراء كلب بمواصفات معينة، هذه الظاهرة أيضًا رغم تحفظى عليها، ليست مجال حديثى اليوم، ولكنى أتحدث عن ظاهرة الكلاب الضالة التى أصبحت قاسمًا مشتركًا فى كل شوارع وحوارى وأزقة مصر، لا توجد إحصاءات دقيقة ولكن بعض التقديرات تتحدث عن رقم يدور ما بين 20 إلى 30 مليون كلب ضال، أى كلب لكل خمسة مواطنين، فالكلاب الضالة تتكاثر ما بين مرتين إلى ثلاث مرات سنويًا، وفى كل مرة تنجب الأنثى من 5 إلى 10 جراء، بمعنى آخر المليون كلب يصيرون 8 ملايين كلب خلال عام، وهكذا نسير فى متوالية هندسية تنتهى بنا إلى كارثة بيئية تهدد بخلل فى التوازن البيئى، كانت مصر حتى أحداث يناير تأخذ بنظام سيارات البلدية التى كانت تقتنص الضال منها، ولكن جمعيات الرفق بالحيوان أقامت الدنيا، وتم طرح بديل غير عملى بتعقيم الكلاب، وصدر قانون تنظيم اقتناء الحيوانات، ولكن كل هذا لم يوقف الظاهرة، كنت أعتقد أن الأمر يخص المنطقة التى أقطن فيها، لأكتشف أنها مشكلة قومية، ينعكس فى ارتفاع غير مسبوق فى الإصابة بداء الكلَب، والسعار، بسبب مطاردة تلك الكلاب للصغار وكبار السن، وهناك حالات تصل إلى مرحلة الموت، فى محيطى لا يكاد يمر أسبوع من دون معارك تنشأ بين طرفين: طرف يطعم الكلاب، ويقدم لها الطعام، فتأنس المكان، وتعيش وتترك مخلفاتها فى كل مكان، وطرف يرى فى ذلك كارثة بيئية، وصحية، يدعم الكارثة مجموعات ترفع شعار الرفق بالحيوان، وتجنى ثمارها من استمرار الظاهرة.. فى الماضى تصدت الدولة للظاهرة بسيارات البلدية، حتى تم وقف وتجريم الأمر، والآن يجب أن تتصدى الحكومة للظاهرة بقرار، يعالج المشكلة المتفاقمة، ويحمى الإنسان ثم الحيوان .