عندما يتحدث التاريخ فليقف احتراماً لمصر، فمصر وجدت ثم بدأ التاريخ كتابة صفحاته، وآثارنا جزء منا، وما خرج منها هدية أو خلسة أو شراءً، نتمنى أن يعود لحضن الأم مصر، وما أحلى حضن مصر.. أحلم وأتمنى أن تسترد بلدى مصر كل كنوزها الأثرية من الخارج، وأن تعود لأحضان الأم، تماماً كما تريد كل أم أن تضم أبناءها لحضنها. بالأرقام هناك 42 متحفاً فى كل أنحاء العالم تحتوى جدرانها على آثار مصرية، بما يقارب المليون قطعة خرجت من مصر، إما بالإهداء أو بالاتفاق الذى كان يتم مع البعثات الأجنبية التى تنقب عن الآثار، وما أكثرها، والتى كان بعضها يشترط الحصول على نصف ما تستخرجه!!، أو خرجت سرقة بدون إذن السلطات المصرية أثناء فترات الاحتلال، فيكفى أن نعلم أن المتحف البريطانى الكبير يضم بين جنباته 110 آلاف قطعة آثار مصرية قديمة، ومتحف برلين 80 ألف قطعة، واللوفر فى فرنسا 50 ألف قطعة، أرقام ضخمة، ويكفينا أن نعرف أن ما نجحت مصر فى استرداده لا يزيد على 32 ألف قطعة منها، الغريب والعجيب أن هناك آلاف القطع خرجت، حيث كان يسمح حتى عام 1983، بما يسمى تجارة الآثار، خاصة المقلدة أو المتماثلة، وكانت هناك قاعة داخل المتحف تحمل رقم 56 تباع فيها الآثار، وحتى عام 2010 كانت البعثات الرسمية للتنقيب عن الآثار تشترط الحصول على نصف ما يتم اكتشافه، قبل وقف تلك الإجراءات. فرحتنا كبيرة بالمتحف المصرى، الذى ضم بين جنباته آثار مصر من مختلف العصور، منذ وعت الدنيا على التاريخ فوجدت مصر، ثم وجد التاريخ، منذ أكثر من 7 آلاف عام، ولم تذكر صفحات الزمن من هم أقدم من قدماء المصريين، مهما ادعى من ادعى. فرحة تجعلنا نتمنى ونلح فى استعادة آثارنا التى يتباهى بها الأغراب، داخل ال 42 متحفاً من أكبر المتاحف، وتجعلها مزارًا، صحيح إنها فرصة عظيمة للدعاية عن الحضارة المصرية، ولكن الآثار فى حضن الأم لها طعم تانى. على رأس ما نتمنى استرداده، قطعتان لهما فى التاريخ المكانة الرفيعة النادرة، أولاهما رأس الملكة المصرية جميلة الجميلات «نفرتيتى» زوجة اخناتون، الذى آمن بالتوحيد، وهو ملك الأسرة الثامنة عشرة، وهى من مكنت توت عنخ آمون من تولى الحكم فى مصر بعد وفاة زوجها، والرأس من أعمال النحات «تحتمس»، أشهر النحاتين فى هذا العصر القديم، وتم اكتشافه عام 1912م، ضمن اكتشافات البعثة الألمانية فى منطقة تل العمارنة، على يد عالم الآثار الألمانى «لودفيج يشارت»، الذى نجح فى إخفاء القيمة الحقيقية للتمثال، أثناء تقسيم القطع مع السلطات المصرية، وفى عام 1913، قام بحملة إلى ألمانيا ليعرض فى متحف «بنوس» ببرلين، داخل قاعة زجاجية خاصة. ومن الطرائف أن الزعيم الألمانى «ادولف هتلر» كان معجباً جداً برأس نفرتيتى، وعندما قالوا له إن المصريين يريدون استرداده، قال إننى على استعداد أن أحارب العالم ومصر، ولا يخرج التمثال من ألمانيا، بل وقام بعمل نسخة مماثلة له، احتفظ بها داخل غرفته الخاصة، ورغم كل المطالبات الرسمية ترفض ألمانيا الاستجابة للطلب المصرى بإعادة رأس نفرتيتى، بدعوى«هشاشته» وصعوبة نقله، ومصر تعتبر الرد غير مقبول. أما الأثر الثانى فهو حجر رشيد، الذى يرجع تاريخه إلى عام 200قبل الميلاد، وتم اكتشافه عام 1799م، أثناء الحملة الفرنسية على مصر، بمعرفة جندى من جنود الحملة، يدعى «بيير فرانسوا بيشار»، بمدينة رشيد، وهو عبارة عن قطعة حجرية داكنة اللون، منقوش عليها لغات ثلاثة، تم تفسير مفرداتها على أنها للغة المصرية القديمة الهيروغليفية، واللغة اليونانية، واللغةالديموطيقية، الحجر كان السبيل فى كشف أسرار اللغة الهيروغليفية، بعد ألفى سنة من الغموض، وكشف أسرار المصريين القدماء. التاريخ يقول إن الحجر خرج من مصر فى ظروف غامضة، فبعد أن غادر نابليون بونابرت مصر، وأصبحت الحملة الفرنسية تحت رحمة مدافع الإنجليز والعثمانيين، نزلت القوات الإنجليزية إلى خليج أبو قير، فسحب الجنرال «مينو» قائد الحملة قواته إلى الإسكندرية بما استولت عليه من آثار، وبينها حجر رشيد، ووضع فى مخزن تابع لمينو شخصياً، وفى أغسطس1801م، أعلن مينو هزيمته، ووقعت معاهدة الاستسلام باسم معاهدة الإسكندرية، وسلمت كل الآثار بما فيها حجر رشيد، ونقله الإنجليز إلى لندن، ليعرض هناك فى المتحف الكبير عام 1802م، الغريب أن إنجلترا ترفض تسليم الأثر بدعوى أنه من التراث العالمى الذى لا يملكه أحد، رغم كل المحاولات المصرية، ولم ينقل من مكانه مطلقاً إلا مرتين أثناء الحرب العالمية، وتم نقله فى المرة الأولى إلى أسفل محطة مترو ماونت بلزانت، على عمق 16متراً، والمرة الثانية لما عرض فى متحف اللوفر بمناسبة مرور150عاماً على اكتشافه. من حق مصر أن تحلم بالاسترداد، ومادامت هناك مطالبة، فقد تتحقق فى يوم من الأيام . حلم القطار السريع فى الستينيات من القرن الماضى، كنا نردد أغنية وطنية لعبد الحليم حافظ تقول فى أحد مقاطعها: «واحنا النهار يجى يلاقى الحلم متحقق». دار فى خاطرى ذلك المقطع وأنا أتابع بفخر واعتزاز مراحل التشغيل التجريبى للقطار المصرى فائق السرعة «السخنة-مطروح»، كان حلماً وأصبح حقيقة الآن، وواقعاً حياً، ليصبح الانتقال من السخنة إلى مطروح خلال ساعات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة. القطار السريع يحمل أحلاماً للمصريين، ويحمل من المزايا الكثير، سواء فى برامج نقل الركاب أو خلق شبكة جديدة لنقل البضائع، من شرق البلاد لغربها، أو من شمالها لجنوبها، بربط السخنة بمطروح، مروراً بعدد من المحطات التبادلية المحورية، بما يخدم السياحة والاقتصاد على حد سواء، بجانب خلق حياة جديدة، ومناطق عمرانية فى الأماكن المحيطة بخط السير بطول 600 كيلو متر، وتكون فرصة كبيرة للاستثمار، وإنشاء مناطق سكنية جاذبة للسكان. على أرض الواقع، حولنا حلمنا إلى حقيقة تتفق مع طموحاتنا فى حياة مريحة تواكب أدوات العصر السريعة، ومن واقع دفتر القطار السريع، الذى يحمل اسم «فيلارو» الألمانى الصنع، هو أول قطار فائق السرعة فى مصر وإفريقيا والشرق، وأول مشروع برى يربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط، ويربط 60 مدينة مصرية ببعضها، من أسوان للإسكندرية، ومن السخنة لمطروح، بمحطات تبادلية ومحورية، وهو يضم 3 أنواع من القطارات، الأول لنقل الركاب، ومخطط له نقل مليون راكب يومياً، والثانى للربط الصناعى لنقل البضائع، بحجم 8٫5 ألف طن يومياً، والثالث لنقل البضائع بين الأسواق المصرية، ويقطع المسافة من القاهرة للإسكندرية فى ساعة إلا الربع، ومن السخنة إلى القاهرة فى 35 دقيقة، والتكلفة تصل إلى23 مليار دولار.. القطار ليس مجرد وسيلة مواصلات أو نقل، ولكنه مشروع تنموى متكامل، خاصة أنه يتم ربطه كذلك بسكك حديد مصر، وبالمونوريل، لتضع مصر قدمها بثبات فى منظومة حضارية للنقل، سواء للبضائع أو للركاب، وفرصة لخلق مجتمعات جديدة. التوك توك ومشاكله بصراحة المشاكل التى يتسبب فيها التوك توك فى شوارع القاهرة صارت صداعاً، خاصة فى ظل «بلطجة» كاملة، يقوم بها العشرات من الصبية من قائدى تلك المركبات، وبينهم مع الأسف أحداث لا تزيد أعمارهم عن ال12 عاماً، وكلمة بلطجة تلك قليلة على ما يحدث فى الشوارع، فببساطة جداً يمكن أن يعترضك أحدهم بكل أصناف العنف إذا احتككت به، خاصة فى المناطق الكبرى التى تسلل إليها التوك تك، والمناطق التى شوهها وحولها لفخاخ خطرة. فى حديث مع الدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، قال لى إن الأمر جد خطير، ويحتاج إلى وقفة، وهو ما تم بالفعل، وجاء القرار بحظر سير التوك توك فى الشوارع والطرق والميادين الرئيسية «مطلقاً»، وإلا سيتم ضبط المركبة وسائقها، وتحويله للنيابة، وتوقيع غرامات كبيرة تبدأ من 1500 جنيه، إلى المصادرة، على أن يتولى رؤساء الأحياء ورجال المرور تحديد الشوارع الرئيسية التى يحظر السير فيها. كذلك تم حظر سير الأسكوتر الكهربائى نهائياً فى شوارع القاهرة، بعد أن ثبت أن هناك من يستخدمه فى أمور خارجة على القانون. مشاكل التوك توك تحتاج إلى وقفة وتمحيص ودراسات، خاصة بعد أن تواردت تقارير تفيد أن الشباب يلجأ إلى التوك توك، كوسيلة للتكسب، بدلاً من البحث عن وظيفة، مما أثر على سوق العمل، والنقص الحاد فى العمالة المدربة، والشباب يستسهل العمل على التكاتك.