تصدر تطبيق جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي حديث مواقع التواصل الاجتماعي، كونه يتيح للمستخدمين إنشاء تجسيدات رقمية لأحبائهم الراحلين، والتحدث معهم، الأمر الذي أثار موجة عارمة من الجدل. التطبيق أظهر في فيديو ترويجي امرأة تتلقى نصائح من نموذج افتراضي لأمها الراحلة، ثم نرى الأخيرة في مشهد آخر تقرأ قصة لحفيدها مع تقدمه بالعمر، الأمر الذي يثير تساؤلات أخلاقية عميقة حول الحزن، الخصوصية، بحسب موقع ذا صن. ما هي فكرة التطبيق؟ التطبيقات من هذا النوع تدّعي أنها تتيح للمستخدمين التواصل أو الدردشة مع نسخ افتراضية من أقارب أو أصدقاء متوفين، عبر نماذج ذكاء اصطناعي تُبنى على بيانات عن الشخص المتوفى (رسائل نصية، تسجيلات صوتية، صور، منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، إلخ)، ويكون الهدف المعلن عادةً هو منح المستخدمين شعورًا بالعزاء أو إمكانية "التذكّر" والتفاعل مجدّدًا مع صفات أو إرث الشخص. كيف يعمل التطبيق تقنيًا؟ يطلب التطبيق جمع البيانات من المستخدم تحميل محادثات قديمة، رسائل، تسجيلات صوتية، صور، وأحيانًا بيانات من الحسابات الاجتماعية لبناء ملف عن شخصية المتوفى، تُستخدم هذه البيانات لتخصيص نموذج لغوي (أو دمج عدة نماذج) ليحاكي الأسلوب اللغوي والردود المحتملة للشخص. وقد تُستخدم تقنيات تحويل النص إلى كلام لإنتاج صوت يشبه المتوفى إذا توفرت عينات صوتية. وواجهة المستخدم، عادة ما تكون واجهة دردشة بسيطة، وأحيانًا تتضمن خيارات لاستحضار ذكريات معينة أو لطرح أسئلة محددة على "النسخة" الافتراضية. ميزات شائعة في هذه التطبيقات محاكاة أسلوب الكلام والردود بناءً على رسائل ومقاطع صوتية حقيقية، وإمكانية توليد صوت يشبه المتوفى (إن وُجدت عينات صوتية كافية)، وأرشيف ذكريات مثل حفظ محادثات، وصور، ورسائل تُستخدم لتحسين النموذج، وأدوات مشاركة أو تخزين بعض التطبيقات تتيح حفظ "النسخة" الرقمية للأجيال القادمة. لماذا يجرب الناس هذه التطبيقات؟ ويجرب الناس مثل هذه التطبيقات للبحث عن عزاء أو شعور بالراحة بعد فقدان شخص عزيز، أو من باب الفضول، فضلًا عن أنها تجربة تقنية جديدة تتيح محاكاة شخصية معروفة، والرغبة في الحفاظ على ذكرى المتوفى بطريقة تفاعلية أكثر من الأرشيف الثابت. بعض المستخدمين يصفون التجربة بأنها مؤثرة ومواساة، وتساعدهم على "إتمام الحزن" أو تذكّر تفاصيل من حياة المتوفى، وآخرون يشعرون أن التجربة مزيفة أو مخيفة، وتثير شعورًا بعدم الراحة لأن "الشخص" الذي يتحدث ليس حقيقيًا، وسائل الإعلام تناولت القضية بكثافة، مركزّة على الجوانب الأخلاقية والاجتماعية والقانونية. المخاوف الأخلاقية والنفسية الاستغلال العاطفي قد تستغل الشركات مشاعر الحزن لجني أرباح من خدمات مدفوعة (اشتراكات، شراء أصوات، إلخ) ،والاعتماد المرضي خطر تحول المستخدمين إلى اعتماد مفرط على هذه النسخ بدلًا من التعلّق بالحياة الواقعية أو قبول الفقد. إعادة خلق موافقة فهل لدى المتوفى حقًا أو رغبة في أن يتم تمثيله بعد وفاته؟ كثير من الأشخاص لم يعطوا موافقة مسبقة لاستخدام بياناتهم بهذا الشكل ،والخصوصية والأمن كيفية تخزين بيانات المحادثات وصور المتوفى، واحتمال تسريبها أو إساءة استخدامها ،والتأثير على الأحزاب الأخرى أفراد الأسرة قد يرفضون أو يشعرون بالانتهاك إذا استُخدمت بيانات المتوفى بدون اذانهم . اقرأ أيضا :متصفح «فايرفوكس» يبدأ بأستخدام الذكاء الاصطناعي القضايا القانونية والتنظيمية قوانين حماية البيانات وحقوق النشر قد تنطبق، لكن في كثير من الدول لا توجد قوانين صريحة تحكم تمثيل المتوفى بالذكاء الاصطناعي ،مشاكل الملكية من يمتلك النسخة الرقمية؟ هل يمكن توريثها؟ دعاوى محتملة بخصوص التشهير أو إساءة التمثيل إذا استخدمت النسخة الرقمية بطرق غير لائقة. موقف الخبراء والمختصين خبراء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي يحذّرون من ضرورة وضع معايير ومحددات لاستخدام بيانات المتوفى، وضرورة وجود موافقة مسبقة عندما يكون ذلك ممكنًا ،أطباء نفسيون يحذرون من أن التجربة قد تكون ضارة للبعض خصوصًا للأشخاص المعرضين للاكتئاب أو للذين هم في مرحلة مبكرة من الحزن ،وقانونيون ينصحون بوضع تشريعات تنظم جمع واستعمال بيانات الأشخاص بعد الوفاة، وحقوق الأسرة. اقرأ أيضا :تسخير الذكاء الاصطناعي لخدمة التنمية البشرية| الفرص والتداعيات مصريًا وعربيًا أمثلة لشركات أو تطبيقات (نموذجي) هناك شركات ومشاريع تجارية وخيرية تقدّم خدمات مشابهة (قد تتضمن أسماء تجريبية أو مشاريع بحثية مثل "HereAfter AI" أو "Replika" بميزات مختلفة)،وبعض المشاريع تركز على السرد والذكريات (مقابلات مع الأجداد وتحويلها إلى محادثة) بدلاً من "إحياء" شخصية كاملة. التكاليف والنماذج الربحية غالبًا ما تكون هذه التطبيقات مدفوعة أو تقدّم مزايا مجانية محدودة مع حزمة اشتراك ،وبيع أصوات مخصّصة، تخزين طويل الأمد للبيانات، وميزات مشاركة تُعد مصادر دخل شائعة. توصيات التكنولوجيا تفتح إمكانيات جديدة لمواساة الذكريات، لكنها تثير مسائل أخلاقية وقانونية ونفسية عميقة ،من الأفضل للمستخدمين أن يتعاملوا بحذر قراءة سياسة الخصوصية، التأكّد من الحصول على موافقة مناسبة لاستخدام بيانات الغير، والتفكير في المشورة النفسية بدلاً من الاعتماد الكامل على هذه الواجهات الرقمية كمصدر للعزاء ،ومُستقبل هذه التطبيقات يتوقف على التشريعات والتنظيمات وعلى مدى وعي الشركات والمستخدمين بالمخاطر.