أمام الزواج العرفى نحن أمام جريمة اجتماعية تتستر خلف ورقة ودمار يطل من نافذة التحايل اسمها الزواج العرفى لكنه فى الحقيقة زواج فى الظل يسرق من الدولة حقوقها، ومن الأطفال هويتهم، ومن المرأة كرامتها. القصة بدأت حين وجدت بعض الأرامل والمطلقات أنفسهن بين خيارين أحلاهما مر إما أن يتزوجن رسميًا ويحرمن من معاش الزوج الراحل أو الأب المتوفى أو أن يلجأن لزواج عرفى خفى يحتفظ لهن بالمعاش لكنه يسلب من أبنائهن كل حق فى الحياة ، زواج لا يُسجل فى أى جهة رسمية، وأطفال يولدون بلا شهادة ميلاد، ولا تطعيم ولا تعليم ولا رقم قومي، مواطنون صغار غير موجودين فى أى سجل من سجلات الدولة، و نساء يتحايلن ليعشن، وأطفال يُدفنون فى الظل وهم أحياء هكذا يتحول المعاش إلى لعنة والتحايل إلى قانون بديل والضحايا جيل كامل بلا اسم ولا هوية، الزواج العرفى الذى بدأ كوسيلة للهروب من الفقر أصبح جريمة تضرب نسيج المجتمع فى العمق يضيع به النسب وتختفى الحقوق وتتسع الفجوة بين القانون والواقع. وهنا يأتى السؤال الذى لم يجرؤ أحد على طرحه بوضوح لماذا لا نواجه أصل المشكلة بدل الهروب منها لماذا لا يسن البرلمان تشريعًا واضحًا يمنح الأرملة أو المطلقة غير العاملة حق الاحتفاظ بمعاش زوجها السابق أو والدها طالما أنها بلا مصدر رزق؟ نحن بحاجة إلى قوانين لا قانون واحد أولهما يجرم الزواج العرفى بكل أشكاله لما يسببه من كوارث اجتماعية وإنسانية وثانيهما ينصف النساء اللاتى لا يعملن ويعتمدن على معاش أزواجهن المتوفين أو آبائهن وعلى الدولة أن تتذكر أن الظلم حين يُقنن يخلق مجتمعًا يختبئ فى العتمة وليتذكر المشرع أن امرأة مظلومة قد تفتح باب كارثة وأن ورقة عرفية واحدة قد تكتب نهاية جيل كامل.