رسمنى الأستاذ «ادموند صوصة» فى صورة زيتية سنة 1936، ولما انتهى منها خُيل لى أنها صورة جدى فسألته : «من هذا ؟»، فقال : «أنت» ! قلت : «أهذه صورتى أنا ؟ !» فقال «أنا لم أرسمك ولكننى درستك وهذه نتيجة الدراسة»، أعدت النظر إلى صورتى أو صورة جدى، وأتذكر أن هذا كان أيام الشباب الذى لا ينكره عليّ حتى ولا «أنكل» فكرى أباظة، فرأيت أمامى وجهاً صارماً، توترت فيه عروق الجبهة وضاقت العينان، على شيء كثير من حدة التعمق فى التفكير، وأما المظهر فقد كاد أن يتربع ! ثم رسمنى «صاروخان» صوراً عدة أظهرنى فى بعضها بشكل الرجل العبيط، وفى بعضها الآخر بشكل الصحفى المشاكس، وآخرون رسمونى بين بين، أما صورتى التى أمامكم، أعتقد أنها أرحم صورة رُسمت لي، وعلى كل حال إذا كان الرسامون قد حاروا فى تحليل شخصيتى - وما الرسم إلا تحليل، أو تشريح - فإننى أنا أيضاً حائر فى فهم من أنا ؟ أحياناً أسرف حتى السفه، وأحياناً أمسك يدىّ إلى درجة البخل الشديد ! وأحياناً أثور لأتفه الأسباب، وأحياناً أصفح عن الخطا الشنيع ! وكثيراً ما جلست إلى مكتبى وفى رأسى فكرة معينة أريد أن اكتب فيها، فما أكاد أمسك القلم إلا وأجدنى أكتب فى فكرة أخرى وفى رأى آخر، أنا كما ترون مجموعة من المتناقضات، بعض أصدقائى وأقرب الناس لى يأخذون عليّ شدة اعتدادى بنفسي، وآخرون بين القراء يأخذون عليّ النقيض، أو ما يسمونه «مركب النقص». ورأيى أنا أننى أجمع بين الاثنين : مركب النقص ومركب الثقة، فهل فهمتهم من أنا ؟ أنا لم أفهم بعد من أنا ! محمد التابعى مجلة «المصور»