تشهد الدورة السادسة والأربعون من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، المقرر إقامتها خلال الفترة من 12 إلى 21 نوفمبر 2025، اهتمامًا كبيرًا وواضحًا بالسينما العربية، مما خلق حالة من الجدل بين مؤيد ومعارض، لما يشهده المهرجان من سيطرة للقضايا العربية وبين ما يجب أن يتحلى به كونه مهرجانًا دوليًا، حيث تشارك مجموعة من الأفلام المتنوعة فى المسابقة الدولية وقسم «آفاق السينما العربية»، والتى وصل عددها إلى 30 فيلمًا لتقدم صورة بانورامية عن حال السينما فى المنطقة خلال الفترة الأخيرة، وفى نفس الوقت يؤكد هيمنة القضايا العربية على مهرجان القاهرة هذا العام. يأتى اعتماد المهرجان فى البداية على مسابقة كاملة تقدم من خلالها السينما العربية وهى بعنوان «آفاق السينما العربية»، والتى تحتوى على 9 أفلام تتنوع بين الدراما والخيال والتجريب. يأتى قسم آفاق السينما العربية هذا العام حافلًا بتجارب مختلفة من مختلف الدول، منها أفلام مصرية، تونسية، لبنانية، مغربية، سعودية وعراقية، وأول هذه الأفلام المصرية «بنات الباشا» - إخراج محمد العدل، كتب السيناريو محمد هشام عبية، ويعد العمل عودة قوية للمخرج محمد العدل إلى السينما الاجتماعية بعد غياب، و«الجولة 13» وهو إخراج محمد على النهدى (تونس، 89 دقيقة)، ويركز الفيلم على «كمال»، الملاكم السابق الذى يحاول استعادة توازنه بعد سنوات من الإحباط. ينسج النهدى حكاية إنسانية عن الصراع بين الطموح والانكسار داخل أسرة تونسية تواجه تحديات اقتصادية ومجتمعية، يمزج العمل بين لغة الصورة الحركية والحس النفسى العميق، مستفيدًا من خلفية المخرج الرياضية والفنية. وأما فيلم «عزة» إخراج ستيفانى بروكهاوس (إنتاج عربى مشترك، 89 دقيقة)، وتتناول المخرجة الألمانية-اللبنانية قصة فتاة صغيرة تجبر على مواجهة ماضى أسرتها فى ظلّ واقع اجتماعى متشابك، ويحمل الفيلم لمسة بصرية شاعرية واهتمامًا بالهوية الممزقة فى مجتمعات ما بعد الصراع، بمشاركة ممثلين من شمال إفريقيا والشرق الأوسط، و«فلانة» إخراج زهراء غندور وهو إنتاج مشترك بين (العراق/فرنسا/ قطر، 85 دقيقة)، وتقدم غندور دراما اجتماعية عن امرأة تبحث عن ابنتها المفقودة وسط ضباب الحرب والتهجير، يقدم الفيلم رؤية نسوية شجاعة للعنف والذاكرة، مع معالجة بصرية هادئة ومؤثرة، وذلك فى أول تجربة إخراجية لها بعد نجاحها كممثلة. بينما يعرض أيضًا فيلم «كوندافا» إخراج على بنجلون (المغرب، 96 دقيقة). وكذلك «كلب ساكن» إخراج سارة فرنسيس (لبنان، 92 دقيقة)، حيث تعود المخرجة اللبنانية المعروفة بأفلامها التأملية بفيلم يجمع بين الوثائقى والخيال، ويعرض فيلم «شكوى رقم 713317» إخراج ياسر شفيعى (مصر، 76 دقيقة). وأما فيلم «كأن لم تكن» إخراج سارة عبيدى (تونس، 89 دقيقة)، وأخيرًا يعرض فيلم «ضد السينما» إخراج على سعيد (السعودية، مدة غير معلنة)، يقدم الفيلم رؤية تجريبية حول العلاقة بين السينما والحياة اليومية، ويعكس تحولات المشهد السينمائى السعودى الجديد من خلال تجربة فنية تلامس أسئلة الحرية والتعبير. أما المسابقة الدولية فتشهد حضورًا عربيًا لافتًا ضمن الأفلام العالمية رغم طابعها الدولى، تضم المسابقة عددًا من الأعمال العربية، ما يؤكد الحضور الإقليمى فى المشهد السينمائى العالمى، ومنها فيلم «اغتراب» إخراج مهدى هميلى (تونس/ لوكسمبورج/ فرنسا/ قطر/ السعودية، 120 دقيقة)، وفيلم «ثريا، حبي» إخراج نيكولا خورى (لبنان/ قطر، 81 دقيقة)، ويقدم دراما رومانسية تدور حول علاقة حب غير متكافئة بين موسيقى شاب وامرأة تكبره سنًا، حيث تتقاطع الموسيقى مع الحنين والخيبة فى بيروت المعاصرة، ويتميز الفيلم بأداء تمثيلى رقيق وصوت موسيقى نابض بالعاطفة. كما يعرض فيلم «زنقة مالقة» إخراج مريم توزانى (المغرب، 116 دقيقة)، وتعود توزانى بفيلم جديد يواصل استكشاف العلاقات الإنسانية المعقدة، وهذه المرة من خلال قصة امرأة تعمل فى محل تجميل بشوارع طنجة وتواجه قيود المجتمع الذكورى، العمل من إنتاج نبيل عيوش، وينتظر أن يلقى صدى نقديًا واسعًا. بينما يعرض فيلم «كان يا ما كان فى غزة» إخراج طرزان وعرب ناصر (فلسطين/ إنتاج مشترك، 87 دقيقة)، ويدور الفيلم فى غزة عام 2007، حيث يدخل شابان فى تجارة سرية للنجاة من واقع الحصار، ليجدا نفسيهما فى مواجهة شرطى فاسد، وبأسلوب ساخر ومؤلم فى آن واحد، يعكس الشقيقان ناصر عبث الحياة تحت القهر السياسى والاجتماعى ويشارك فيلم «ضايل عنا عرض» إخراج مى سعد وأحمد الدنف (مصر، فلسطين 74 دقيقة). وفى القسم الرسمى خارج المسابقة يعرض فيلم «صوت هند رجب»، هو عمل درامى توثيقى من إخراج التونسية كوثر بن هنية، يجسد القصة الحقيقية للطفلة الفلسطينية هند رجب التى أصبحت رمزًا لمعاناة المدنيين فى غزة، ويروى الفيلم تفاصيل اللحظات الأخيرة لهند، التى علقت داخل سيارة عائلتها بعد أن تعرضت لإطلاق نار من قوات الاحتلال، فكانت الوحيدة التى بقيت على قيد الحياة لساعات، تستغيث عبر الهاتف بطواقم الإسعاف بصوتها البرىء والمؤلم قبل أن ينقطع الاتصال وتُكتشف لاحقًا جثة هامدة، ويعتمد الفيلم على تسجيلات صوتية حقيقية لهند، مما يمنحه عمقًا إنسانيًا صادقًا ومؤثرًا، وشارك فى البطولة معتز ملحيس وكلارا خورى وسجى الكيلانى وعامر حليحل، ونال الفيلم تصفيقًا حادًا استمر أكثر من 20 دقيقة خلال عرضه الأول فى مهرجان فينيسيا السينمائى الدولى، من خلاله، أرادت المخرجة أن تجعل من صوت هند صرخة عالمية تذكر ببراءة الأطفال وسط ويلات الحروب، وتجعل الإنسانية وجهًا للسينما. وأما فى مسابقة أسبوع النقاد نجد فيلمين عربيين من أصل 8 أفلام مشاركة فى المسابقة، وهما «حبيبى حسين» إخراج أليكس بكرى «فلسطين - ألمانيا- السعودية - السويد - 96 دقيقة»، يتتبع الفيلم قصة حسين دربى، آخر عامل عرض فى إحدى دور السينما بمدينة جنين الفلسطينية، الذى يرى فى إعادة افتتاح السينما بعد ترميمها أملاً جديداً فى إحياء شغفه القديم. لكن مع مرور الوقت، يصطدم بالواقع الذى تغيّر، وبفقدان معنى السينما فى زمن الرقمنة، لتتحول رحلته إلى تأمل فى الحلم والخيبة والتمسك بالذاكرة. كما يشارك فيلم «دو يو لاف مى» إخراج لانا ظاهر «فرنسا - لبنان- ألمانيا- قطر - 75 دقيقة»، رحلة بصرية ووجدانية عبر أرشيف بيروت وذاكرتها، تستخدم فيها المخرجة صورًا وأفلامًا قديمة لتسأل: كيف نحب ونحيا ونحلم فى مدينة مثقلة بالحروب والنسيان؟ من خلال لقطات أرشيفية وصوت موسيقى معاصر، ترسم المخرجة بورتريه لمدينة تتقاطع فيها الذكريات الشخصية والجماعية، لتصبح بيروت رمزًا للحب والجرح والهوية، كما يحتوى برنامج العروض الخاصة على فيلمين عربيين أيضًا، وهما الفيلم المصرى «مثلث الحب» إخراج آلاء محمود ومدته 84 دقيقة، يحكى الفيلم عن ثلاث شخصيات تتقاطع مصائرها فى رحلة تبحث عن المعنى الحقيقى للحب فى عالم يزداد قسوة وغموضاً، ومن خلال حكاياتهم، تطرح المخرجة أسئلة حول العاطفة، والاختيار، والخوف من الوحدة، لتقدم رؤية صادقة عن العلاقات الإنسانية من منظور نسوى حميمى ومليء بالتأمل، كما يضم البرنامج فيلم «الحياة بعد سهام» إخراج نمير عبد المسيح وهو فرنسا - مصر - 79 دقيقة، بعد وفاة والدته «سهام»، يعود المخرج نمير عبد المسيح إلى ذكرياته وشرائط الفيديو القديمة ليعيد بناء علاقته بها من جديد. تتحول الرحلة من بحث شخصى فى الحنين والفقد إلى تأمل أوسع عن الهوية والانتماء والذاكرة العائلية، بين مصر وفرنسا، فى مزيج يجمع الوثائقى بالعاطفة والاعتراف الذاتى. وتضم مسابقة الأفلام القصيرة 11 فيلمًا عربيًا من أصل 19 فيلمًا حتى الآن، وهى الوثائقى «سبات النخيل» إخراج ماجد الرميحى قطر، الكويت، مدته 18 د، و«بايسانوس» إخراج أندريس خميس جياكومان، فرانسيسكا خميس جياكومان، وخو إنتاج تشيلى، فلسطين، إسبانيا، مدته 13 د، و«تيتا و تيتا» إخراج «لين الصفح» من إنتاج لبنان، مدته30 د، و«العصافير لا تهاجر» إخراج رامى الجربوعي، وهو من إنتاج تونس، قطر، ألمانيا، فيلم تحريك مدته 24 د، و«أنا، من حادث أو من الحب» إخراج خليل تشرتي، من إنتاج فرنسا، سوريا، وفيلم «ذكرى» إخراج بيير-لويس جوبير من إنتاج فرنسا، المغرب، و«إيمان» إخراج أمير يوسف، من إنتاج مصر، فرنسا، و«آخر المعجزات» إخراج عبد الوهاب شوقى، ومن إنتاج مصر، ألمانيا، السودان، ومدته 20 د، و«شوارع القاهرة» إخراج عبد الله الطايع، إنتاج فرنسا ومدته 19 د، و«المجهول» إخراج أبانوب نبيل إنتاج مصر وأخيرًا فيلم «فى البداية تحمر الوجنتان ثم نعتاد» إخراج مريم الفرجانى من تونس، إيطاليا، ومدته 15 دقيقة.