يعيش الفنان ياسر عزت حالة من النشاط الفني، بعدما جذب الانتباه مؤخرًا في أكثر من عمل درامي، أبرزها مسلسلا «الشرنقة» و«ما تراه ليس كما يبدو»، اللذان أعادا تقديمه للجمهور في شخصيات مركبة ومعقّدة. عزت، صاحب الملامح الهادئة والحضور الطاغي، لا يحب التكرار، ولا يسلّم نفسه لأي دور إلا بعد أن يكتشف صداقته الحقيقية مع الشخصية. في هذا الحوار يحدثنا بصراحة وصدق عن اختياراته، تقلباته كممثل، وتأملاته حول الفن والنجاح والندم. ◄ أؤمن بالقدريات.. والدور «بينادي صاحبه» ◄ كيف ترى تجربتك الأخيرة في مسلسل «ما تراه ليس كما يبدو»؟ هى تجربة مهمة جدًا فى مسيرتى، وشخصية «صلاح أبو الفضل» تركيبة خاصة لم أجسّد مثلها من قبل، فكانت فرصة حقيقية لأن أتلون كممثل وأخوض تحديًا جديدًا فى الأداء. ◄ في الشرنقة يعد التعاون الثاني مع الفنان أحمد داود أيضًا بعد «زينهم». بالضبط، وأتذكر شخصية «حفني» فى «زينهم»، تعاملت معها كما كانت مكتوبة على الورق. المؤلف رسم الشخصيات كلها بطريقة ثرية، ولكلٍ منها مفاتيحها، والمخرج كان له فضل كبير في توجيهى وقت التصوير، و«زينهم» كان نقلة بالنسبة لى، وأكثر عمل عرفني إلى الجمهور. ◄ هل تعرضت في بداياتك لمواقف محبطة؟ أكيد، وأحب أوضح أنى لا أحمل أى ضغائن لأحد، و«ده مش كلام شعارات»، لكن لأن فيه فنانين شباب ممكن يتأثروا بكلمة، إما تدفعهم إلى الأمام أو تحبطهم. أنا زعلت لفترة من جملة قيلت لى، لكن بعدها عدّيت وقلت: «مش مهم». ◄ اقرأ أيضًا | خاص| ياسر عزت: بحضر لمسلسل خارج السباق الرمضاني المقبل ◄ البداية كانت من خلال الصدفة في مسلسل «العائلة».. فهل تؤمن بأن الصدفة تلعب دورًا في حياة الفنان؟ القدريات تلعب دورًا كبيرًا فى حياة الفنان، وغالبًا ما تكون هذه اللحظات «القدَرية» هى ما تفتح لك أبوابًا لم تكن تتخيّلها، والدور دائما ينادى على صاحبه. ◄ «هى المشرحة ناقصة!».. جملة سمعنا أنك تأثرت بها، ما قصتها؟ «الجملة دى سمعتها» فى بداية مشوارى، وكان ممكن أن تحبطنى، لكنها أثّرت فىّ بشكل عكسى. زعلت وقتها، لكن مع الوقت قررت أنها مش مهمة، واعتبرتها دافعًا للأمام، وأحب دائمًا أكررها عشان أقول لأى فنان صغير: خُذ الجملة وحوّلها إلى طاقة وليس إحباطًا. ◄ هل ترى أن العمل الفني يجب أن يحمل قيمة مجتمعية؟ الفن له قيمة جمالية وفنية أولًا، لكن القيمة المجتمعية مطلوبة بالتأكيد لأنها تساعد على تنمية المجتمعات. ممكن تُقدّم عملًا جماليًا بحتًا، لكن وجود رسالة يزيد من تأثيره. ◄ تختار أعمالك بناءً على طبيعة الدور أم فريق العمل؟ كلاهما معًا. فى وجود شركة إنتاج قوية، ومخرج وكاتب مهمين، ودور مكتوب جيدًا، كل هذا يدفعك للمشاركة. الأعمال الفنية كلها تركيبة. ◄ ماذا عن «الاختيار»؟ كانت تجربة مختلفة أيضًا. «الاختيار» كان من أصعب الأدوار، بذلت فيه مجهودًا جسديًا وذهنيًا كبيرًا، وشخصية «سالم المحاسنة» لم تكن سهلة إطلاقًا، وكانت تحتاج دراسة عميقة لأنها ليست من الخيال. ◄ ولماذا صرحت من قبل بأن دورك في «الاختيار» من أصعب الأدوار؟ وما الفرق بينه وبين دورك فى «الجماعة»؟ «الاختيار» كان مرهقًا جدًا بدنيًا ونفسيًا، وتركيبة الشخصية لم تكن سهلة، احتاجت دراسة ومجهودًا، على عكس «الجماعة» فكان قائمًا على مرجعية تاريخية. «الاختيار» كان فيه حمل عاطفى وإنسانى كبير. ◄ كيف تحافظ على الفصل بين حياتك الخاصة والشخصيات التي تقدمها؟ في بداياتى كنت أتأثر بالشخصية في حياتي، وهذا مرهق جدًا نفسيًا وعصبيًا، لكن مع الوقت تعلّمت أنه لا بد أن أعيش الشخصية وقت التصوير فقط، وأرجع إلى حالتى الطبيعية بعدها، حتى أحافظ على توازنى النفسي. ◄ هل التلفزيون لا يزال الوسيلة الأقوى للشهرة؟ مقولة صحيحة، التلفزيون يجعلك مشهورًا أكثر من السينما، لأنك تدخل كل بيت، لكن الدراما عمرها قصير نسبيًا. ◄ ما علاقتك بالشخصية قبل وأثناء التمثيل؟ أشبّه علاقتى بالشخصية بشخصين لا يعرفان بعضهما. أبدأ أقرأ الورق وأتعرف عليه شيئًا فشيئًا، وكلما قرأت أكثر، فهمته أكثر، إلى أن أدخل فى تفاصيله النفسية، لو لم أشعر أن هناك صداقة بينى وبين الشخصية، غالبًا ما لا تخرج كما أحب. ◄ هل يجب على الممثل دائمًا أن يقتنع بمنطق الشخصية؟ طبعًا، حتى لو كانت الشخصية ضد قناعاتى، يجب أن أتبنى منطقها مؤقتًا لأقدر أعيشها وأصدقها. ◄ هل تندم على أدوار قدمتها أو رفضتها؟ ولا مرة ندمت، سواء على دور قدمته أو رفضته، كل خطوة كان لها وقتها وظرفها. ◄ ما لحظة النجاح الحقيقية بالنسبة لك؟ تصفيق الجمهور على المسرح؛ فى هذه اللحظة تشعر أن التصفيق خارج من القلب. أما التلفزيون، فيوصلك الإحساس من خلال الجمهور فى الشارع، عندما يوقفك ويقول لك: «أنت أثرت فيّ». ◄ ما أكثر الأشياء التي يفشل الفن فى التعبير عنها؟ أعتقد الأحاسيس الصامتة جدًا، مثل الندم الداخلى أو الشعور باللاجدوى. أحيانًا يكون صعبًا التعبير عنها دراميًا لأنها لا تُحكى بل تُحس. ◄ لو خُيّرت بين شهرة كبيرة في عمل تجاري، ودور صغير في عمل صادق وصادم، ماذا تختار؟ أختار الدور الصادق، لأن الشهرة تأتي وتذهب، لكن الدور الصادق يعيش ويترك أثرًا حقيقيًا فى الناس وفىّ كممثل. ◄ كيف تتعامل مع الشخصيات التي تقدمها؟ أحاول دائمًا أن أقدّم شخصية مختلفة، وأحرص على ألا أكرر نفسي. لا أضع الشخصية التى رأيتها من قبل فى الاختيار الأول، لأننى قد أتشبّع بها وأقدّمها بنفس طريقة فنان آخر. يجب أن أصدق الشخصية وأفكّر كثيرًا قبل أن أقدّمها.