فى ليلة ينتظرها العالم كله، تتجه الأنظار إلى مصر وهى تفتح أبواب أحد أعظم مشاريعها الثقافية والحضارية فى القرن الحادى والعشرين: المتحف المصرى الكبير، الذى يقف شامخًا على أعتاب الأهرامات، ليعلن ميلاد فصل جديد من علاقة المصريين بتاريخهم الخالد. حفل الافتتاح لا يُعد مجرد فعالية فنية أو احتفالية رسمية، بل هو استعراض شامل لقوة مصر الناعمة، يجتمع فيه التاريخ بالموسيقى، والحضارة بالفن، والتراث بالعصر الحديث. ويشارك فى صياغة هذه اللحظة التاريخية كوكبة من رموز الإبداع المصري، على رأسهم الموسيقار هشام نزيه، الذى وضع الألحان والموسيقى المصاحبة للحفل بروح تمزج بين الأصالة والحداثة، فى تجربة سمعية تعيد إحياء صوت الحضارة المصرية القديمة بلغة موسيقية معاصرة. كما تطل السوبرانو أميرة سليم، بصوتها الأوبرالى الفريد الذى سبق أن سحر العالم بأغنية «إيزيس»، لتقدّم مقطوعات تمزج بين النقاء الكلاسيكى والروح الفرعونية. ويكتمل المشهد بعودة النجمة شريهان إلى الأضواء، لتتولى تقديم الحفل فى ظهور استثنائى يليق برمز الأناقة والفن المصري، لتصبح هذه الليلة وعدًا بجمال يعانق التاريخ. اقرأ أيضًا | شريهان: «سلاما من مصر لجميع شعوب العالم» هى ليست مجرد فنانة، بل أسطورة من لحم وضياء، صنعت من الألم جسراً للعودة ومن الحلم جناحاً للطيران. ها هى شريهان، أيقونة الاستعراض وسيدة البريق، تعود اليوم لتطل على العالم من أوسع أبوابه: حفل افتتاح المتحف المصرى الكبير، فى حدثٍ طال انتظاره، حيث تمتزج فيه حضارة الفراعنة مع سحر الحاضر، ويعود فيه الضوء ليصافح وجه النجمة التى لا تعرف الغياب. اختيار شريهان للمشاركة فى هذا الحدث العالمى لم يكن مصادفة؛ بل احتفاءٌ بروحٍ مصرية خالدة تشبه المتحف نفسه عصية على الزمن، تزداد بهاءً كلما مرّت عليها الأعوام. هى عودة طال انتظارها بعد غيابٍ امتد لعقود، منذ أن غادرت شاشات الفن عام 2002 إثر معركتها الشرسة مع المرض، رحلة قاسية عبر الألم والعلاج والعمليات، لكن خلف كل تلك السنوات كان هناك وعدٌ غير معلن: أن تعود حين يليق بها الضوء. عادت أولاً إلى ميدان التحرير فى ثورة 2011، تحمل علم مصر وتغنى بصوتها للحرية، ثم عادت إلى المسرح بعد سنوات بمسرحية «كوكو شانيل» التى قدّمتها عبر منصة رقمية، لتثبت أن الزمن لا يُطفئ الشغف، وأنها لا تزال تملك الكاريزما التى تأسر القلوب. شريهان، التى درست الرقص التعبيرى فى باريس، بدأت رحلتها الفنية منذ الطفولة، فى أعمال مثل «المعجزة» و«قطة على نار» و«نصف دستة أشرار»، ثم تألقت فى أفلام أصبحت علامات فى السينما المصرية: خلى بالك من عقلك، العذراء والشعر الأبيض، الطوق والإسورة، عرق البلح، وجبر الخواطر، وهو آخر أعمال المخرج الراحل عاطف الطيب. أما على المسرح، فقد وقّعت اسمها بحروف من نور فى أعمال مثل سك على بناتك، علشان خاطر عيونك، شارع محمد علي، حيث تحولت من ممثلة إلى ظاهرة، ومن راقصة إلى مدرسة فنية متكاملة. حتى الحادث الأليم الذى كاد أن يُنهى مسيرتها لم يستطع كسرها، فعادت أكثر إشراقًا، لتبرهن أن الفن بالنسبة لها ليس مهنة.. بل نجاة. ولأن اسمها ارتبط بالشهر الكريم، تظل فوازير شريهان حاجات ومحتاجات، حول العالم، ألف ليلة وليلة — مرادفًا للبهجة فى ذاكرة أجيال كاملة. واليوم، وهى تقف من جديد أمام العالم فى افتتاح المتحف المصرى الكبير، تعود شريهان كما عرفناها دومًا: امرأة من نورٍ وعنقود من كبرياء، تثبت أن الأسطورة لا تعود... لأنها ببساطة لم تغب يومًا.