هون الرئيس الأمريكى ترامب من الغارات التى شنتها قوات الاحتلال الإسرائيلية على غزة، ونفى أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار الذى يرعاه فى خطر، وقال إن حماس قتلت جنديًا إسرائيليًا وردت إسرائيل وقامت بغارات على القطاع، رغم أن هذه الغارات قتلت نحو 35 فلسطينيًا، وأدت إلى تأجيل حماس تسليم جثة محتجز إسرائيلى لسلطات الاحتلال، وجثتين أخريين أعلنت أنهما تم العثور عليهما. وهذا ليس الاختراق الأول لاتفاق وقف إطلاق النار.. بل هو الثانى ولكنه الأوسع والأكثر عنفًا.. وطبقًا لتصريح ترامب فهو تم بعلمه، بل بموافقته.. وهذا ما يمكن استنتاجه أيضًا من تصريحات لنائب الرئيس الأمريكى، سابقة قال فيها إن حماس استهدفت جنديًا إسرائيليًا وإسرائيل سوف ترد.. ومن قبل كان قد كشف فأنس أن وقف إطلاق النار فى غزة سيتم خرقه بين الحين والآخر لأن إسرائيل حينما وقعت اتفاق شرم الشيخ لم تتنازل عن حق الدفاع عن النفس.. أى أننا سنشهد خروقات أخرى قادمة لاتفاق وقف إطلاق النار، وأن الغارات الإسرائيلية والقصف المدفعى فى غزة سيتكرر مستقبلًا، حتى ولو تم تسليم كل جثامين الإسرائيليين المحتجزين فى غزة الذين لقوا حتفهم !.. ولن تعتبر واشنطن ذلك يهدد اتفاق شرم الشيخ، لأنها وافقت لنتانياهو على هذا الخرق المتكرر ببن الحين والآخر على غرار ما هو حادث فى اتفاق وقف إطلاق النار فى لبنان الذى تخرقه إسرائيل يوميًا الآن وتستبيح فى هذا الخرق كل الأراضى اللبنانية بما فيها الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت!. والأغلب أيضًا أن واشنطن لم توافق فقط على خرق نتانياهو اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة كلما أراد ذلك، ولكنها وافقت له أيضًا على عنف الخرق وحدته هذه المرة لكى تمنح رئيس وزراء دولة الاحتلال فرصة ليظهر أنه لا يأتمر بأمر ترامب كما اتهمته صحف ودوائر إسرائيلية، وهو ما دفعه لأن يعلن أنه لا ينفذ أوامر أحد وأن إسرائيل دولة مستقلة وتأخذ قراراتها بإرادتها، ولا أحد بمن فيهم ترامب يملى عليها شيئًا.. أى أن نتانياهو وجه قوات الاحتلال لأن تقتل 35 فلسطينيًا مدنيًا من أهل غزة مقابل جندى واحد قتل فى هجوم لعناصر نفت حماس أنها تابعة لها.. أى أن ترامب سمح لنتانياهو بهذا الرد العنيف على مقتل الجندى الإسرائيلى فى رفح ليمنحه فرصة إنكار أنه ينفذ أوامره!. وترامب هنا يراهن على أن حماس لن تفعل شيئًا فى المقابل، لأنها لا تقدر على ذلك.. والأيام التى سبقت التوصل إلى اتفاق شرم الشيخ شهدت ومن قبلها بوقت غير قصير هجومًا إسرائيليًا واسعًا استهدف احتلال كامل مساحة مدينة غزة وتدمير ما تبقى من مبانيها دون رد مؤثر من حماس، اللهم إلا بعض العمليات المحدودة التى تسميها إسرائيل بالحوادث الأمنية!. لكن تعود نتانياهو على خرق اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة قد يغريه بعدم الاكتفاء بالقصف الإسرائيلى الجوى والمدفعى للقطاع والعودة للهجوم البرى على مواقع شتى فى القطاع، بل إنه هدد بالفعل كما يقول إعلام إسرائيلى باقتحام الخط الأصفر وتوسيع مساحة احتلال القوات الإسرائيلية لأراضى القطاع والتى تجاوزت مساحتها نصف أراضيه.. والأخطر أن يحصل على موافقة ترامب على ذلك، ويعتبره أمرًا لا يهدد اتفاق شرم الشيخ. إن نتانياهو وافق على هذا الاتفاق مرغمًا وعلى غير رغبته وتحت ضغوط ترامب.. وهو حينما فعل ذلك مضطرًا كان يراهن على إمكانية تغير موقف ترامب الذى يبدل مواقفه كما يبدل ملابسه.. وقد تبين هذا بجلاء فى الخرق الإسرائيلى الكبير الثانى لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة.. ففى الخرق الأول أرسل إلى إسرائيل كلًا من ويتكوف مبعوثه للشرق الأوسط وكوشنر زوج ابنته ثم وزير خارجيته ونائب الرئيس لكبح جماح نتانياهو والسيطرة عليه، ولكنه فى الخرق الثانى منح موافقته لنتانياهو عليه.. وهذا يعنى أن تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار أساسًا يحتاج لمجهود عربى كبير، ناهيك عن تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب والتى تشمل انسحابًا إسرائيليًا من بقية أراضى القطاع.