فى زمنٍ أصبح فيه «الترند» أهم من الإنجاز، ولقطة الكاميرا أسبق من العمل الحقيقى، يخرج إلينا من صحراء الوادى الجديد، رجل يُذكِّرنا بمعنى كلمة مسئول، رجل لم ينتظر التكليف، ولم يكتفِ بالتصريحات، بل قرر أن يحمل اسم مصر على كتفيه ويسافر به إلى العالم. إنه اللواء محمد الزملوط، محافظ الوادى الجديد، الذى قرر ببساطة أن «يُسَوِّق لمصر بنفسه». فى لحظة تفكير مختلفة، جمع رجاله وقال لهم: جهزوا نفسكم عندنا رحلة تسويق لتمور الوادى الجديد الفاخرة. وإلى الصين، ذهب المحافظ وفريقه حاملين عينات من تمور مصر، للمشاركة فى مؤتمر دولى للأغذية الزراعية، وهناك وقف الزملوط بنفسه وسط أكبر المستثمرين والخبراء الزراعيين بالعالم، وقَدَّم تمر الوادى الجديد بفخر. كان المشهد مُدهشًا الصينيون يتذوقون التمر المصرى لأول مرة.. ثم يرفعون رؤوسهم بدهشة، الطعم مختلف، الجودة عالية، وتَحَوَّل جناح مصر فى المعرض إلى نقطة جذب لوسائل الإعلام الصينية التى كتبت بإعجاب عن «التمر المصرى القادم من الصحراء الغربية».! وهنا تأتى المقارنة المؤلمة... شتّان بين محافظٍ يفكر فى مستقبل بلده، ويسافر آلاف الكيلومترات ليخلق فرص عمل جديدة، وبين محافظٍ آخر يرى منصبه مجرد تفتيش مفاجئ على مخبز، وأعظم إنجازاته أنه أخذ «رغيفين عيش» من ست غلبانة! الأول يفتح أفقًا للتصدير، والتقدم الثانى يغلق باب مكتبه فى وجه المواطنين. الأول يحلم بأن تكون محافظته بوابة مصر إلى العالم، والثانى يحلم بصورة فى تقرير أسبوعي! الفرق هنا ليس فى المنصب، بل فى الفكر والإرادة، فالزملوط لم ينتظر أن يأتيه المستثمرون، بل ذهب إليهم، لم يتحدث عن «التمكين» و«الرؤية» و«الاستراتيجية»، بل طَبَّقها على أرض الواقع، وهذا بالضبط ما تفتقده بعض المحافظات اليوم: مسئول يرى فى محافظته مشروع وطن، لا مجرد وظيفة. اللواء محمد الزملوط لم يسافر للسياحة، بل ليُسَوِّق «بركة أرض مصر». حمل معه تمر الوادى الجديد، لكنه عاد مُحَمَّلًا باحترام دولي، وفُرص تصدير، ورسالة تقول: إن فى مصر مسئولين ما زالوا يؤمنون بالفعل لا بالقول. فتحية تقدير وفخر ل اللواء محمد الزملوط، المحافظ الذى أبهر الصينيين، وأثبت أن الوطنية مش كلام على المنابر، بل عمل صادق، وجُرأة فى القرار، وفكر يرى ما لا يراه الآخرون.