لم يعد الذكاء الاصطناعى مجرد مصطلح تقنى يتردد فى قاعات البحث أو شركات التكنولوجيا، بل أصبح واقعًا يطرق أبواب الفصول الدراسية، ويعيد تشكيل طريقة التعليم والتعلم فى المدارس والجامعات، من الروبوتات التعليمية والمنصات التفاعلية إلى أنظمة التقييم الذكية، بدأت ملامح ثورة جديدة فى العملية التعليمية تتشكل، تحمل وعودًا بتعليم أكثر كفاءة وشمولًا، لكنها تطرح فى الوقت ذاته تساؤلات حول دور المعلم، ومستقبل الطالب، وحدود التكنولوجيا فى تشكيل الوعى والمعرفة. تقيم جامعة القاهرة اليوم وتحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء، المؤتمر الدولى الأول للذكاء الاصطناعى الذى تنظمه جامعة القاهرة على مدار يومى (18 – 19 أكتوبر 2025)، بمشاركة واسعة من الوزراء والخبراء المحليين والدوليين، وبرعاية من منظمة اليونسكو، والبرنامج الإنمائى للأمم المتحدة، ومنظمة الصحة العالمية، وعدد من المؤسسات الأكاديمية والبحثية وشركات التكنولوجيا العالمية. اقرأ أيضًا | جامعة القاهرة تفتتح موسمها الثقافي بمحاضرة للواء سمير فرج ويُعد المؤتمر أحد أهم الفعاليات فى المسيرة الحديثة لجامعة القاهرة، ويعكس المكانة المرموقة التى تحظى بها الجامعة لدى الوزارات والهيئات الحكومية والمؤسسات الدولية والمجتمع الأكاديمي، فضلًا عن دورها الريادى فى بناء منظومة وطنية متكاملة فى مجالات الذكاء الاصطناعى والابتكار والتحول الرقمي. وقال رئيس جامعة القاهرة فى تصريحات خاصة لصفحة «أخبار الجامعات» إن الذكاء الاصطناعى سيحدث ثورة حقيقية فى التعليم الجامعى خلال السنوات المقبلة، ليس فقط فى طريقة التدريس، بل فى فلسفة التعليم ذاتها، سيتحول التعليم إلى التخصيص، حيث تصمم المناهج وفق قدرات كل طالب واهتماماته، وستصبح الفصول الدراسية بيئات ذكية تفاعلية تعتمد على البيانات والتحليل الفورى للأداء، كما سيساهم الذكاء الاصطناعى فى تطوير أدوات التقييم والتعلم المستمر، وإتاحة المحتوى العلمى بلغات وأساليب متعددة، ما يفتح آفاقًا غير محدودة للتعلم الذاتى والإبداعى. وأكد د.محمد سامى عبد الصادق، أن هذا المؤتمر يمثل تجسيدًا عمليًا لرؤية جامعة القاهرة فى أن تكون فى طليعة مؤسسات التعليم العالى التى تقود التحول الرقمي، لا تكتفى بمواكبته. فالجامعة وضعت منذ عام 2024 استراتيجية شاملة للذكاء الاصطناعى والتحول التكنولوجى، تُعد الأولى من نوعها فى مصر والشرق الأوسط، تهدف إلى دمج تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى التعليم والبحث والإدارة والخدمات المجتمعية، من خلال هذا المؤتمر الدولي، تفتح الجامعة منصات الحوار والتعاون بين العلماء والخبراء وصناع القرار، وتؤكد أن الثورة التكنولوجية ليست خيارًا بل مسار استراتيجى لمستقبل الجامعات المصرية. وهو أيضًا انعكاس لقدرة جامعة القاهرة على بناء الجسور بين البحث العلمى وسوق العمل، وبين الفكر الأكاديمى والتطبيق العملى، بما يجعلها نموذجًا للجامعة الذكية المستدامة. وأشار رئيس الجامعة إلى أن تنظيم هذا الحدث الدولى برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء وبمشاركة منظمة اليونسكو ومؤسسات الأممالمتحدة، يمثل تتويجًا لجهود الجامعة فى مسارات الذكاء الاصطناعى والتطورات التكنولوجية، وإسهامًا مباشرًا فى دعم جهود الدولة المصرية نحو التحول الرقمى وبناء اقتصاد وطنى قائم على المعرفة. وأضاف د.عبد الصادق أن المؤتمر يتضمن جلسات حوارية وورش عمل وساحة للابتكارات، بمشاركة نخبة من العلماء والخبراء ورجال الصناعة والباحثين والفرق الطلابية من مختلف الجامعات المصرية. وأوضح د. محمد سامى عبد الصادق، أن الركائز الأساسية للمؤتمر والتى من بينها تنظيم جلسات حوارية تتحدث فى موضوعات استراتيجية ذات أهمية داخل الدولة المصرية، سواء فى القاعة الكبرى للجامعة أو مسرح مكشوف أو من خلال قاعات بعض الكليات مثل الآداب والحقوق، لافتًا إلى وجود أكثر من 32 جلسة حوارية بمشاركة عدد من الوزراء وكبار مسئولى الدولة وممثلى الهيئات الدولية، بالإضافة إلى الجلسات التى سوف تنظمها وتديرها بعض كليات الجامعة. ومن جانبها أكدت د.غادة عبد الباري، نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، أن المؤتمر يمثل خطوة استراتيجية تعكس وعى الجامعة بدورها الوطنى فى توظيف التكنولوجيا لخدمة المجتمع والتنمية المستدامة، مشيرة إلى أن المؤتمر يترجم رؤية الجامعة فى أن يكون الذكاء الاصطناعى وسيلة للارتقاء بجودة الحياة، وتحسين الخدمات العامة، ودعم جهود الدولة فى التحول الرقمي. وأضافت د.غادة عبد البارى أن الجامعة حرصت على أن تشمل فعاليات المؤتمر جوانب تطبيقية ومجتمعية متعددة، من خلال ساحة الابتكارات وريادة الأعمال، ومشروعات الهاكاثون الطلابي، والجلسات الحوارية التى تجمع بين الأكاديميين وصناع القرار وممثلى مؤسسات الدولة والقطاع الصناعي، بما يسهم فى تعزيز التكامل بين البحث العلمى واحتياجات المجتمع. ويتضمن اليوم الأول 22جلسة حوارية متخصصة تتناول موضوعات الذكاء الاصطناعى فى قطاعات الطب والتمريض وعلوم الليزر والهندسة والعلوم الاجتماعية والاقتصادية، حيث تناقش جلسات كليات الطب والتمريض والليزر إسهامات علوم الحياة فى تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فيما تركز جلسات كليات الهندسة والعلوم على البيئة المحيطة باستراتيجيات الذكاء الاصطناعى وأمن المعلومات. وتتناول جلسات كليات الاقتصاد والعلوم السياسية والدراسات الإفريقية قضايا التكنولوجيا المالية وريادة الأعمال، بينما تناقش كليات الآداب والتربية أخلاقيات استخدام الذكاء الاصطناعى ودوره فى تطوير التعليم، إلى جانب جلسة خاصة تنظمها وزارة الخارجية حول الدبلوماسية الرقمية. وفى اليوم الثاني، الأحد 19 أكتوبر، تتواصل فعاليات المؤتمر بعقد 45جلسة متخصصة تغطى تطبيقات الذكاء الاصطناعى فى مختلف المجالات. وتشمل قضايا مهمة أبرزها: المبادئ العالمية للاستخدام الأخلاقى والمسئول لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والشركات الناشئة وريادة الأعمال بالاعتماد على الذكاء الاصطناعى، ومناقشة النسخة الثانية من سياسة الملكية الفكرية لجامعة القاهرة، واستخدام الذكاء الاصطناعى فى البحث العلمى وفى التدريب لإعادة تأهيل المهارات وتطويرها، واستخدام الذكاء الاصطناعى لخدمة الفنون واللغويات والعلوم الإنسانية، واستخدامات الذكاء الاصطناعى للمساعدة فى مناهضة العنف ضد المرأة، والذكاء الاصطناعى والتحول الرقمي، والتحديات القانونية والأخلاقية لاستخداماته، وإعادة تعريف جودة الرعاية الصحية بعد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعى، وإنشاء مدن ذكية ومستدامة.