الصمود الأسطورى لشعب فلسطين على أرضه هو الأساس فى هزيمة مخططات العدو، وفى إيقاظ ضمير العالم ليقف فى وجه الفاشية الإسرائيلية ويدين حرب الإبادة ويؤكد أن دولة فلسطين المستقلة على حدودها القانونية هو شرط السلام الذى لا يمكن تجاوزه. كان الثمن فادحاً، التضحيات غالية مع نحو ربع مليون شهيد ومصاب، لكن كل شئ يهون إذا كان ثمناً للعبور «من أيام الوطن اللاجئ إلى يوم الوطن المنصور»، كما بشرنا شاعرنا العظيم الراحل فؤاد حداد قبل سنوات.. فى قلب الصمود أمام آلة القتل الإسرائيلية على مدى عامين من حرب الإبادة علامات لا مثيل لها فى نضال شعب يتمسك بالحياة وبالحرية وبأرض وطن لن يكون اسمه إلا فلسطين. الأداء المذهل للكوادر الطبية التى قدمت « حتى الآن » 1760 شهيداً وما زالت تواصل عملها البطولى تحت قصف قنابل العدو التى دمرت معظم المستشفيات واستهدفت الأطباء والمرضى وسيارات الإسعاف، ومع نقص فادح فى الأدوية والأجهزة الطبية، وندرة الماء والكهرباء. مع ذلك كله يزداد الإصرار على أداء الواجب حتى وبعضهم يستقبل فى المستشفى جثث عائلته التى استهدفها العدو، أو يواصل العمل وهو مصاب فى غارة سابقة، أو لا يجد هو نفسه الدواء الضرورى لحالته الصحية. ما تفعله الكوادر الطبية الفلسطينية طوال عامين من حرب الإبادة مذهل ومثله أيضاً ما قدمه الصحفيون والإعلاميون الذين قدموا حتى الآن - 254 شهيداً من الصحفيين الذين كانت كل جريمتهم عند العدو أنهم يحاولون نقل حقيقة حرب الإبادة للعالم رغم كل القيود التى فرضها الاحتلال الإسرائيلى على تحركاتهم ، ورغم الاستهداف المباشر والمتعمد لهم من جيش الاحتلال، ورغم الجنون الذى يسيطر على مجرمى الحرب الإسرائيليين كلما أدركوا أن جريمتهم يتم فضحها وأن محاولاتهم المستميتة لإخفاء أبشع الممارسات النازية التى يرتكبونها (بما فى ذلك منع الصحافة الأجنبية من تغطية الأحداث) قد فشلت وأن الحقيقة قد وصلت لشعوب العالم رغم الحصار. كل هؤلاء ومعهم أيضاً منظمات عربية ودولية (حقوقية وإغاثية) قدمت أمثلة على أن الإنسانية أقوى من فاشية قتلة الأطفال ومجرمى الحرب. منظمات تابعة للأمم المتحدة وأخرى مستقلة قدمت الدعم فى أصعب الأوقات ورغم محاربة إسرائيل لجهودها، ومنظمات نشرت الحقيقة وحشدت الرأى العام ضد جرائم إسرائيل وطاردت مجرمى الحرب ومن يدعمونهم، وجعلت فلسطين الحرة مطلباً لكل شعوب العالم. لم يكن أى من هذه المنظمات الدولية أو المناضلين الفلسطينيين يقاوم من أجل جائزة أو تقدير خاص، وإنما من أجل شعب يتعرض للإبادة ووطن يتعرض للاغتيال ومع ذلك كان من الطبيعى أن تكون هذه العناوين ضمن المرشحين لجائزة نوبل للسلام هذا العام وإن كانت ستبقى للسياسة دائماً أحكامها!!