الأسبوع الماضى زرت عددًا من الجامعات فى مصر، بين الحكومية والخاصة والأهلية. لفت انتباهى مستوى الطلاب وحماسهم وطريقتهم فى التفكير. كانت أسئلتهم عميقة ومليئة بالفضول، وهذا ما جعلنى أشعر أن هناك جيلًا مختلفًا، لكنّى لم أستطع أن أتجاهل سؤالًا ظلّ يلحّ عليّ: ما مستقبل كل هؤلاء الخريجين؟ إلى أين يمضى هذا الكمّ الكبير من الجامعات والطلاب؟ وهل تكفى الشهادات وحدها لتأمين مستقبل حقيقي؟ جاء الجواب صدفة خلال لقائى بأحد المديرين التنفيذيين فى شركة «آبل» فى ميونخ. قال لى بثقة: «لقد فتحنا باب التعيين للخريجين المصريين بعد أن لاحظنا ارتفاع مستواهم العلمي، ودهشنا من أدائهم فى المقابلات الشخصية. اخترنا اثنين من مصر، ونجرى مقابلات مع اثنين آخرين، لكن لاحظنا أنهم يحتاجون إلى مزيد من التدريب العملي، وهو ما سنوفره لهم». كان حديثه صادقًا، وفيه تقدير واضح لما يحدث فى التعليم المصري. والسؤال لماذا يبحث خريجونا عن فرصة بلا جدوى، بينما شركات عالمية تكتشف تميزهم وتشيد بقدراتهم والدليل انتشار الكثير من أبنائنا فى كل دول العالم وبفرص توظيف مباشرة؟ صحيح أن التعليم فى مصر يتحسّن، وهناك جامعات تبذل جهدًا حقيقيًا، لكن الطريق مازال طويلًا. ما زالنا نفتقر إلى التدريب العملي، وما زالت المناهج بحاجة إلى تطوير يواكب سوق العمل، نحتاج الى الربط بين العلم والحياة، بين النظرية والتطبيق. حين خرجت من اللقاء، تذكرت وجوه الطلاب الذين قابلتهم. شعرت بالأمل... وبالمسئولية أيضًا، فنحن دولة شابة، يشكّل شبابها أكثر من نصف المجتمع، ولدينا عقول قادرة على المنافسة عالميًا، لكن ما تحتاجه هذه العقول هو ثقة حقيقية بها، ونظام تعليمى يفتح أمامها الأبواب بدل أن يقيّدها.