شتان بين الجندى الصهيونى المدجج بأحدث الأسلحة والمتخم بالطعام، والمحصّن بالدواء، ومع كل هذه الإمكانات يفكر فى الانتحار، وبين جندى المقاومة بغزة المزود بأسلحة بسيطة، يعيش على بضع تمرات وإذا أصيب لا يجد إلا القليل لتضميد جراحه، ومع ذلك ثابت طوال عامين ثبوت الجبال بإيمان لا يتزعزع باندحار العدوان الصهيونى. يظهر الفارق لأن المحتل الصهيونى يقاتل بلا هدف، فحتى الاحتلال الكامل لغزة يعترف زامير رئيس الأركان بأنه لا يعرف له هدفًا. أما المقاوم الفلسطينى فهو يدافع عن أرضه ولا يبالى بالثمن الباهظ، الذى يدفعه من الشهداء، فهو وكل الغزيين ينتظرون الموت كل ثانية، وكان من الطبيعى عملا بالمثل العامى «وقوع البلا ولا انتظاره» أن يكونوا المبادرين بالانتحار، إلا أن إيمان كل الفلسطينيين بأن الصمود والصبر على الابتلاء هو وسيلتهم لكسر صلف العدو يجعلهم متشبثين بأرضهم، ولن يهاجروا أو يهجروا منها مهما كانت التضحيات. بديل الانتحار عندهم هم الاستشهاديون الجاهزون لتكبيد العدو أفدح الخسائر فى ملحمة سيتحدث العلم العسكرى عنها كثيرًا. وإذا عدنا للمقارنة بين الجندى الصهيونى والمقاوم الفلسطينى سنجد أن الأول جسده كله محصن من أعلى رأسه حتى أخمص قدميه بالخوذة، التى تحمى رأسه وواقى الرصاص الذى يغطى صدره، ومعه أحدث وسائل الاتصال لطلب النجدة، ومع ذلك فهو رعديد يتم اصطياده كما لو كان بطة بميدان رماية، أما المقاوم الفلسطينى فيشن هجماته منتعلًا شبشبًا أو صندلًا فى أحسن الاحوال وهو ما ذكره نتنياهو فى تصريحات صحفية «لقد هاجمونا بالشباشب وبنادق كلاشنكوف وسيارات (تندرا) وكلها اشياء زهيدة». أى رباطة جأش تلك التى تدفع مقاومًا يجرى مجردًا من أى سلاح أو حتى تغطية نيرانية ليلقى عبوة ناسفة داخل مدرعة لتتفحم بمَن فيها (المقاوم بطاقم دبابة). إنه الإيمان بقدسية ترابه الوطنى فلا هجرة ولا تهجير.